تقرّ مؤسسات ودوائر رسمية في العراق بتسرب المواد المخدرة إلى الطلاب داخل المدارس، وأبرزها مادة "الحشيش"، في وقت يزداد تعاطي المخدرات بين مختلف الفئات العمرية، بسبب البطالة والفساد وسيطرة مليشيات على الحدود مع سورية وإيران.
ومؤخراً، أكدت وزارة الصحة تحوّل العراق من ممر لعبور المواد المخدرة إلى مركز لتعاطيها والمتاجرة بها. وقال رئيس المجلس العلمي لاختصاص الطب النفسي في المجلس العراقي للاختصاصات الطبية نصيف جاسم الحميري لصحيفة "الصباح" الرسمية: "ظاهرة المخدرات حساسة وخطرة، وتظهر إحصاءات وزارة الداخلية أن عدد المعتقلين في السجون بتهم تعاطي المخدرات أو بيعها تجاوز 13 ألفاً، أما وزارة الصحة فأكدت سابقاً تزايد عدد مراجعي المؤسسات الصحية لتلقي علاج من الإدمان. كما تضاعفت كميات المواد المخدرة المهربة التي ضبطتها وزارة الداخلية، ما يشكل مؤشراً مقلقاً وخطراً إلى تزايد الظاهرة واستفحالها".
وشدد الحميري على "ضرورة اتخاذ الحكومة إجراءات مناسبة لمراقبة المنافذ الحدودية والمطارات، وتجهيز قوات الأمن بأجهزة حديثة لكشف المخدرات، واستخدام الكلاب البوليسية المدربة، وتفعيل دور شرطة المخدرات، والقوانين السارية بمعاقبة المتاجرين، مع أهمية التوعية المجتمعية وتوفير المؤسسات العلاجية لمعالجة المدمنين وانتشالهم من هذه الآفة، وإقامة ندوات لطلاب الجامعات والمدارس".
وسبق ذلك إعلان جهاز الأمن الوطني تحوّل عدد من المدارس إلى أماكن لبيع المخدرات. وقال الناطق الرسمي باسمه أرشد الحاكم: "الطرق الشائعة لإخفاء المخدرات في دراجات نارية ومواش وزوارق وعجلات، وأجهزة الأمن تلاحق بعض الأهداف تمهيداً لتنفيذ عمليات للإطاحة بها، وهي تقودنا أيضاً إلى أهداف أخرى".
وتابع: "تشهد غالبية عمليات إلقاء القبض على تجار المخدرات اشتباكات مسلحة، علماً ان أبرز أماكن بيع المخدرات هي المقاهي ومراكز التدليك والأماكن المشبوهة والمدارس والمعاهد. ولا تنحصر أهداف نشر المخدرات في التجارة، بل تتعمد ضرب المجتمع والأسر، وتكريس الانحراف السلوكي التي يؤدي إلى ارتكاب عمليات إجرامية، أما أسباب انتشارها فتتعلق بعضها بالجغرافيا، وأخرى بالوضع الاجتماعي مثل البطالة".
وعلّق النائب في البرلمان العراقي محمد عنوز بالقول لـ"العربي الجديد" إن "أي بلد في العالم تكون حدوده سائبة ولا تتحلى أجهزته الأمنية بالجدية المطلوبة لحماية النسيج الاجتماعي والحفاظ على سلامته واستقراره سيشهد ما يحدث في العراق حالياً، وتشمل أولى خطوات التقليل من تفشي المخدرات في البلاد السيطرة على الحدود مع الدول المجاورة".
وتابع: "يعني وصول المخدرات ومنها الحشيش إلى طلاب المدارس وجود خطة لدى الجهات التي ترعى المخدرات تستهدف خلق جيل مغيب ومدمن ومنفصل عن الواقع. وهذا الهدف يسبق الهدف المالي والاقتصادي".
بدوره، رأى عضو منظمة "نقاهة" التي تعنى بمعالجة المدمنين، عدنان عبد الخالق، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "جهات مسؤولة وأخرى سياسية وجماعات مسلحة ترعى دخول المخدرات إلى المدن العراقية. وقد ثبت تعاطي طلاب لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، ما يشكل كارثة حقيقية أصابت المجتمع العراقي. ويجري ترويج المخدرات في مدارس عدة يومياً، وتحديداً في محافظات البصرة وذي قار وبغداد والأنبار، ما يعني أن الحرب التي شنها العراق على تنظيم داعش لا بدّ أن تتكرر ضد المخدرات".
وفي السنوات الأخيرة، بات العراق بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات في شكل واسع. وفي الأشهر الماضية، نفّذت قوات الأمن حملات واسعة ومتلاحقة ضد عصابات وتجار المخدرات في البلاد، واعتقلت عشرات من تجار المخدرات ومتعاطيها، وأعلنت محاصرة شبكات توريد.
وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية تأسيس "قاعدة بيانات متكاملة عن طرق وأساليب ومناطق ودخول المواد المخدرة وأكثر المواد انتشاراً في العراق"، وأكدت الوزارة في بيان سابق لها أن "مادتي الكريستال والحشيشة تنتشران في وسط وجنوب العراق وتدخلان عن طريق محافظتي ميسان والبصرة (الحدوديتين مع إيران)، أما الكبتاغون والمؤثرات العقلية الأخرى فتنتشر في غرب وشمال العراق وتدخل من محافظة الأنبار (الحدودية مع سورية)، وأن أغلب المواد المخدرة تدخل إلى العراق عبر الطرق والمنافذ غير الرسمية والأهوار، والشريط الحدودي والصحراء من الجهة الغربية".
وقبل الاحتلال الأميركي كان القانون العراقي يعاقب مروجي المخدرات بإعدامهم شنقاً، لكن هذه العقوبة ألغيت بعد الاحتلال، وفرضت عقوبات تصل إلى السجن لمدة 20 عاماً.