اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، مجمّع ناصر الطبي في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، بعدما فتح النار على أكثر من ألفين و600 نازح ومريض وكادر صحي موجودين في المجمّع، ما تسبب في استشهاد شخص وجرح 14 آخرين على الأقل، بحسب ما أبلغ مسعفون وكالة "أسوشييتد برس". فيما قام باعتقال عدد من الموجودين في المجمّع، الذي حوّله إلى ثكنة عسكرية.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة في بيان إن "الاحتلال الاسرائيلي يقتحم مجمع ناصر الطبي ويحوله الى ثكنة عسكرية بعد هدم السور الجنوبي والدخول منه"، مضيفًا أنّ "الاحتلال يستهدف مقرّ الإسعاف وخيام النازحين ويقوم بتجريف المقابر الجماعية داخل مجمع ناصر الطبي".
وأشار القدرة إلى أن "الاحتلال يجبر ما تبقى من النازحين وعائلات الطواقم الطبية الى النزوح القسري من مجمع ناصر الطبي فجر اليوم تحت القصف والتهديد"، كما "طلب من إدارة مجمع ناصر الطبي نقل كل المرضى بما فيهم مرضى العناية المركزة والحضانة إلى مبنى ناصر القديم بما فيهم 6 مرضى تحت التنفس الصناعي".
وأجبر الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، آلاف النازحين الفلسطينيين على الخروج قسراً من مجمّع ناصر والتوجه إلى المناطق الشرقية لمدينة خانيونس.
وقال شهود إن "القوات الإسرائيلية أطلقت صواريخ من مسيّرات كواد كابتر نحو النازحين، وطالبتهم بمغادرة المجمّع فوراً".
وكان أشرف القدرة، قال إن "أكثر من 1500 نازح لا يزالون داخل المجمع الطبي إلى جانب 190 من كوادره الطبية و299 من أفراد عائلاتهم". أضاف أن "273 مريضاً لا يستطيع التحرك و327 مرافقاً لا يزالون موجودين في أقسام المجمّع".
وسوّق جيش الاحتلال لنفس المزاعم في جرائمه المتواصلة ضدّ القطاع الطبي في القطاع، إذ أعلن عن "تنفيذ عملية في مجمّع ناصر في خانيونس، واعتقال عدد من الموجودين فيه".
وجاء في بيان عممه جيش الاحتلال: "في هذه الأوقات، تعمل قوات الجيش الإسرائيلي في مواجهة منظمة حماس داخل مستشفى ناصر في خان يونس". وزعم أن "هذه العملية تستند إلى معلومات استخباراتية تشير إلى وجود نشاطات إرهابية حمساوية داخل المستشفى حيث تهدف العملية للوصول إلى جهات إرهابية، بما في ذلك نشطاء ضالعون في مجزرة السابع من أكتوبر"، على حد زعمه.
وأضاف البيان: "تم حتى الآن، تم إيقاف عدد من المشتبه فيهم"، وأنه "قام بإجلاء الفلسطينيين الموجودين في المكان".
وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت، أمس الأربعاء أيضاً، أنها فقدت الاتصال بالمجمّع الذي كافح في الأسابيع الأخيرة لعلاج عشرات الجرحى والمرضى قبل أن يشكل بؤرة جديدة للعمليات الإسرائيلية التي دمرت القطاع الصحي في غزة.
والأسبوع الماضي، أفادت الأمم المتحدة بأنه "لا توجد مستشفيات تعمل بقدرتها التشغيلية الكاملة في غزة، وأن 13 من أصل 36 منشأة طبية تقدم خدمات محدودة".
وأظهر مقطع مصور مسعفين في مجمّع ناصر يهرعون لنقل مرضى عبر ممر مليء بدخان وغبار، واستخدامهم ضوء هاتف خليوي لإنارة غرفة مظلمة تواجد فيها جريح يصرخ من الألم، بينما ترددت أصوات إطلاق النار في الخارج.
وقال الدكتور خالد السر، أحد الجراحين الذين بقوا في مجمّع ناصر: "يتصاعد الوضع كل ساعة ودقيقة".
أيضاً، عرض تلفزيون فلسطين لقطات لعاملين طبيين يعلوهم التراب، ونقلهم مريضاً من غرفة تساقط غبار من سقفها.
وأمس الأربعاء، قال الجيش الإسرائيلي إنه فتح ممراً آمنا لمغادرة النازحين المجمّع، لكنه سيسمح ببقاء الأطباء والمرضى. وأظهرت لقطات متداولة عبر الإنترنت خروج عشرات الأشخاص من المنشأة سيراً على الأقدام، وحملهم أمتعتهم على أكتافهم.
وكان الجيش الإسرائيلي أمر بإخلاء مجمّع ناصر والمناطق المحيطة به الشهر الماضي، لكن المرضى لم يستطيعوا المغادرة بأمان أو الانتقال إلى مكان آخر. ويقول الفلسطينيون إن لا مكان آمناً في المنطقة المحاصرة التي يقصف الجيش الإسرائيلي كل أنحائها.
وقالت وزارة الصحة في غزة الأسبوع الماضي إن قناصة إسرائيليين متمركزين في مبانٍ محيطة منعوا الناس من دخول مجمّع ناصر أو الخروج منه. وأفادت تقارير بأن 10 أشخاص قتلوا داخل المجمع الأسبوع الماضي، من بينهم ثلاثة بالرصاص أول من أمس الثلاثاء.
وقالت ليزا ماشينر، إحدى موظفات منظمة "أطباء بلا حدود" في مجمّع ناصر: "يعيش الناس في وضع مستحيل. ظللت في مستشفى ناصر الذي تحوّل إلى هدف، في حين يتمثل الخيار الآخر في المغادرة إلى مشهد مروع حيث التفجيرات وأوامر الإخلاء جزء من الحياة اليومية".
(العربي الجديد، أسوشييتد برس، فرانس برس)