يشهد العراق تصاعداً مُطّرداً في جرائم الابتزاز الإلكتروني، التي تمارسها عصابات متخصصة تهدف من ورائها للحصول على مبالغ مالية، أو إخضاع الضحايا لطلبات معينة، وفقا لمسؤولين أمنيين، وذلك على الرغم من الجهود التي تبذلها الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية للحدّ من هذه الظاهرة.
وبشكل شهري، تعلن وزارة الداخلية عن الإيقاع بعصابات ابتزاز إلكتروني في بغداد والمحافظات، وكذلك إنقاذ ضحايا ابتزاز من دفع مبالغ مالية، وحتى على مستوى تحرير أشخاص تم استدراجهم من خلال مواقع التواصل من قبل عصابات اتجار بالبشر.
واليوم الاثنين، أعلنت وزارة الداخلية عن إحباط محاولتي ابتزاز إلكتروني مارسهما شخصان بحق فتاتين، مشيرة في بيان إلى أن إحباط العمليتين تم بعد ورود مناشدات للشرطة المجتمعية التي تمكنت من مواجهة المبتزين بالأدلة التي تثبت تورطهما بالجريمة، واتخذت بحقهما الإجراءات اللازمة.
مسؤول أمن عراقي رفيع اعتبر أن ظاهرة الابتزاز تتزايد، رغم تشكيل وزارة الداخلية قسما كاملا لمكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني وإيفاد الضباط وعناصر الأمن إلى دورات تدريب خارج البلاد، وتحقيقهم نجاحا كبيرا على مستوى إحباط الكثير من الجرائم.
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن غالبية ضحايا جرائم الابتزاز نساء، ويتم ذلك عبر اختراق حساباتاتهن الشخصية والابتزاز بصور خاصة أو محادثات، مستغلين الطابع المحافظ والخشية التي تترتب على الفتاة من عقوبات بهذا المجال"، موضحا أن الشرطة المجتمعية سبق أن أطلقت تحذيرات متكررة تؤكد على عدم الخضوع لرغبات المبتزين.
وتابع "لكن للأسف البعض يقوم بدفع مبالغ مالية للمبتزين، ما تسبب بتفاقم هذه الظاهرة".
والأسبوع الماضي، قالت مديرية الشرطة المجتمعية إن المفارز التابعة لها تمكنت من إحباط 3 محاولات ابتزاز إلكتروني، موضحة أن اثنتين منها كانتا في العاصمة بغداد، والثالثة في محافظة الديوانية، جنوبي البلاد، ولفتت إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق الأشخاص الذين حاولوا الابتزاز، وتأمين حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للفتيات.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بدر الزيادي، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الظاهرة غير أخلاقية، موضحا أن مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن توظف للاستخدام الإيجابي.
ولفت إلى أن هذه المواقع بدأت تستخدم في العراق للضغط والحصول على المال، مبينا أن الوقت قد حان لتشريع قانون جرائم المعلوماتية، شريطة أن يكون هذا القانون متوافقا مع حقوق الإنسان.
وأشار إلى وجود بعض الأشخاص الذين يحصلون على صور نساء من أجل الابتزاز، موضحا أن قوات الأمن تنسق لملاحقة الذين يقفون وراء هذا النوع من الجرائم.
وأكد الباحث الاجتماعي محمد العارضي أن هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع العراقي تفشت بشكل خطير ومقلق، موضحا في حديث لـ"العربي الجديد" أن استقرار الأسر العراقية أصبح مهددا نتيجة لحالات الابتزاز الإلكتروني التي اخترقت كثيرا من البيوت من دون سابق إنذار.
وأشار إلى وجود عدة عوامل تقف وراء ذلك، أولها الفوضى التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي، ووجود جيوش من الشباب الذين أصبحوا يتقنون عمليات الابتزاز، وضعف التوعية المجتمعية، وسماح بعض الأسر لأولادهم وبناتهم باستخدام مواقع التواصل من دون رقابة، مشددا على ضرورة وجود سياسات حكومية جادة للحد من هذه الظاهرة.