قطاع التعليم في المغرب يقود احتجاجات مطلبية

14 يناير 2021
تظاهرات للأساتذة في المغرب (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

يعيش قطاع التعليم في المغرب توتراً يتوقع أن يتفاقم، بالتزامن مع العمل على تنظيم احتجاجات خلال الأيام المقبلة، لدفع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى فتح باب الحوار مع النقابات، المعلق منذ عام، والاستجابة لمطالب العديد من الفئات العاملة في القطاع.
وفي وقت يخيّم فيه التوتر على علاقة النقابات التعليمية بالوزارة، يُنتظر أن يكون اليوم الخميس 14 يناير/ كانون الثاني، بداية موجة الاحتجاجات، إذ تنفذ الجامعة الوطنية للتعليم - التوجه الديمقراطي اعتصاماً أمام مقر الوزارة، لتجديد مطالبتها باستئناف الحوار، والإسراع بتفعيل التزامات الوزارة، ودمج الأساتذة المتعاقدين، وتلبية مطالب المساعدين التقنيين والإداريين في الوزارة، بالإضافة إلى الكادر التخطيطي والتوجيهي، وحاملي الشهادات، والملحقين التربويين، وملحقي الإدارة، والاقتصاد، والمدرسين بكل فئاتهم، وغيرها من المناصب التعليمية.
وتُنظم التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، مسيرتين يوم 26 يناير/ كانون الثاني الجاري في مدينتي الدارالبيضاء وإنزكان (جنوب المغرب) ضد ما سمته استمرار مسلسل سرقة أجور الأساتذة، والتلاعب بمصالحهم، وحقوقهم.

ويأتي تصعيد الأساتذة المتعاقدين بعد أكثر من أسبوعين من خوضهم إضراباً ووقفات احتجاجية في عدد من المدن المغربية، فيما عرفت شوارع عدد منها مسيرات واعتصامات للأساتذة وسط حضور أمني أدى لاحتكاكات مع المعتصمين، كما تمت مطاردة بعضهم وتوقيفهم.

ويقول الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم - التوجه الديمقراطي، عبد الرزاق الإدريسي، إن الاحتجاجات المنتظرة في قطاع التعليم خلال الأيام المقبلة ليست خياراً بل ردة فعل على الصمت الذي تلتزمه الوزارة حيال مجموعة من الملفات العالقة، فضلاً عن إشكاليات عدة ترتبط بإدارة القطاع واستمرار سياسة الهرب إلى الأمام، لافتاً إلى أن الاحتجاجات ستستمر ما دامت مشاكل القطاع لم تحل، خصوصاً في ظل تملص الوزارة من تعهداتها والتزاماتها السابقة في عدد من الملفات التي تم الاتفاق على حلها.
يتابع في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن هناك نوعاً من اللامبالاة وعدم أخذ الأمور بالجدية اللازمة لمعالجة الملفات المتراكمة منذ عام 2009، مؤكداً أن التعليم في المغرب سيظل يتخبط في الواقع نفسه الذي يعيشه، في حال عدم حلحلة مشاكل المدرسين ودمج المتعاقدين، والاستجابة لمطالب العاملين في القطاع وغيرها من المطالب، بدلاً من سياسة عدم الإنصات وعدم الاستجابة للإضرابات التي تتكرر.

الوزارة لم تعقد أي لقاء مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلاً منذ مدة طويلة


ويشير الادريسي إلى ما سماه استخفاف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي وإرجائها الحوار  في اللحظات الأخيرة، بداعي أنه لا يمكن أن يكون هناك حوار وتفاوض في الوقت الذي توجد فيه إضرابات واحتجاجات ومسيرات في الشارع، لافتاً إلى أن الوزارة لم تعقد أي لقاء مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلاً منذ مدة طويلة، وهي مسألة غير معقولة لأنه ينبغي فتح قنوات الحوار مع النقابات الفاعلة في مجال التربية.
ويؤكد الإدريسي على وجوب توفير الإمكانيات المادية للقطاع من أجل توفير البنى التحتية والتجهيزات وتكوين الأساتذة، منتقداً نظرة المسؤولين للقطاع باعتباره قطاعاً مكلفاً. 
من جهته، يتوقع عضو لجنة الإعلام الوطنية لتنسيقية الأساتذة المتعاقدين عبد الله أقشمار، أن يشهد قطاع التربية والتكوين تفاقماً للأزمة بشكل كبير، في ظل اتساع رقعة الاحتجاجات التي يقودها الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وحاملو الشهادات والتربويون، عازياً السبب إلى ما سماه بالأساس مماطلة المسؤولين في حلحلة الملفات المطلبية، والتي تفوق العشرين ملفاً.

ويرى أقشمار، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن اختيار وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سياسة "الآذان الصماء"، بدلاً من استئناف الحوار للعمل على حل القضايا، يعد عاملاً رئيسياً في "الارتباك الرهيب الذي تشهده المنظومة التعليمية"، مشيراً إلى أنه في ظل استمرار اتخاذ قرارات بعيدة كل البعد عن معالجة الإشكاليات المطروحة، ستستمر الاحتجاجات.
من جهته، يعتبر عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، إدريس المغلشي، أن القطاع التعليمي يعيش احتقاناً تختلف درجة حدته بحسب نوعية الملف ودرجة المظلومية فيه، مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تتسم بسيادة مؤشرين خطيرين هما التشتت النضالي النقابي وغياب الوحدة. ويقول لـ "العربي الجديد": "نتمنى أن تلتقط الإشارة قبل فوات الآوان، فالقطاع لم يعد يحتمل مزيداً من التشرذم والاحتقان"، لافتاً إلى أن مقاربة الإصلاح تحضر فقط في الإعلام، من دون تحقيق أي إنجاز على الأرض لطمأنة العاملين في القطاع، ونزع فتيل الاحتقان.

المساهمون