أصر اللاجئون الفلسطينيون في مخيم برج الشمالي، جنوبي لبنان، أن يحيوا ذكرى النكبة الثالثة والسبعين من خلال محاولة إحياء التراث الفلسطيني، في إشارة إلى أن كل مساعي العدو الصهيوني لطمس هويتهم لن تجدي نفعًا، وأنهم حتى لو كانوا في الشتات، فإنهم يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم وموروثاتهم، ويعلمونها لأبنائهم.
تحل ذكرى النكبة هذا العام بالتزامن مع ما تشهده القدس المحتلة، وخصوصا حي الشيخ جراح، وقطاع غزة، والداخل المحتل من انتهاكات ضد الفلسطينيين، مع تواصل محاولات الاحتلال لتغيير معالم القدس، وأسرلة فلسطينيي الداخل، والتي أظهرت الهبة الشعبية أنها باءت بالفشل، وأن الهوية الفلسطينية متجذرة كتجذر شجر الزيتون.
السيدة انتصار سعيد، لاجئة فلسطينية من بلدة الناعمة في قضاء صفد، وأحيت ذكرى النكبة مع عدد من النسوة بإعادة استخدام " الجاروشة" التراثية التي كانت تستخدم قديما لطحن الحبوب، وقالت: "في الذكرى الـ73 للنكبة، قررنا أن نحيي تراث أجدادنا الذين لم يكونوا يشترون شيئًا من المحال، بل كانوا يزرعون الأرض بأيديهم، ويأكلون مما يزرعون من فول وحمص وقمح".
وأضافت: "ولدت في لبنان، ولا أعرف شيئًا عن فلسطين، لكن جدتي علمتني كل شيء، وعلمتني العمل على الجاروشة لطحن الحبوب كي نحافظ على تراثنا. نعيش في الشتات منذ 73 سنة، وكل سنة نحتفي بالذكرى من خلال إحياء التراث حتى يعرفه صغارنا كما صاروا يعرفون أشياء كثيرة عن فلسطين، ورغم المعاناة التي نعيشها، فلا ننسى فلسطين، ولن ننساها. حصلت على الجنسية اللبنانية، وأهلي لم يحصلوا عليها، ومع ذلك ما زلت أعيش في المخيم، وأجرش الحبوب كما كانت جدتي تفعل".
أما السيدة فاطمة مصطفى طه، وهي من بلدة شعب، فقالت: "نحيي ذكرى النكبة الـ73 من خلال إحياء المأكولات، مثل الزلابية، والكعك الفلسطيني، وخبز الصاج، والمقلوبة، حتى يعرف الناس أننا لن نتخلى عن تراثنا. في الماضي، لم يكن هناك محال للحلوى كما اليوم، وكانت النسوة يجهزن الزلابية في البيت، وهي تتكون من طحين، ويانسون، وبهار كعك، وسمسم، وسكر، وخميرة، وبعد ذلك تقلى بالزيت".
وتضيف: "أقول لأهلنا في فلسطين اصمدوا في وجه العدوان، ونحن معهم، ونناصرهم، وأتمنى لو تفتح الطريق لنسير نحوهم، فأرواحنا جميعا فداء لفلسطين".
الحاجة أم رائد، من بلدة الناعمة، وتقول: "نحيي ذكرى النكبة من خلال التراث حتى يعرفه أولادنا، ومن ذلك أطعمة فلسطينية، وسنظل محافظين على أرضنا في فلسطين مهما حصل، ولن نتنازل عنها، وسنعود".
الحاجة أم خالد، من بلدة الناعمة أيضا، وقالت: "نؤكد أننا سنعود إلى فلسطين، وتراثنا يجب أن نحييه حتى لا ينساه أولادنا، ولن نتخلى عنه مثلما لن نتخلى عن أرضنا".
تشارك الطفلة ورود أشرف رميض (10 سنوات)، وأهلها من بلدة الناعمة، في إحياء ذكرى النكبة من خلال الرسم، وتكرر: "أقول للصهاينة: اتركونا في حالنا. سنعود إلى فلسطين".
أما الطفلة شيماء رحيل (12 سنة)، وأهلها من صفد، فتضيف: "أقول للعدو الصهيوني إن العودة حق مقدس، ولن نتنازل عنه مهما حصل، وأوجه رسالة إلى أطفال غزة: نحن معكم، وسنعود إلى فلسطين، فهي لنا".