فلسطينيات يحافظن على التراث من خلال التطريز

15 مارس 2023
تحقق دخلاً من خلال عملها بالتطريز (العربي الجديد)
+ الخط -

يحرص كثيرون على الحفاظ على العادات والتقاليد الفلسطينية، بالإضافة إلى الفنون الشعبية، والمأكولات، والأغنيات وغيرها كونها جزءاً لا يتجزأ من التراث. وهنا، يمكن اعتبار التطريز من الأمور الأساسية التي تعكس هوية الشعب الفلسطيني.

وتقول مسؤولة لجان المرأة الشعبية الفلسطينية في بيروت منار شامية، المقيمة في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين: "لطالما حلمت أن أرتدي ثوباً فلسطينيّاً. وبسبب ارتفاع سعر صرف الدولار في مقابل الليرة اللبنانية خلال العامين الماضيين، كان من الصعب أن أشتري ثوباً. لكن على الرغم من ذلك، اشتريت ثوباً من الأردن، وكان سعره مرتفعاً، علما أنه لم يكن مطرزاً بشكل يدويّ. مع الأسف، هذا يفقد التطريز قيمته. لذلك، فكرت في تنظيم دورة لتعليم التطريز، وكان ذلك في فبراير/ شباط من العام الماضي. تواصلت مع أصدقاء حتى نؤمن المواد اللازمة للتطريز".
تتابع: "تحرص بعض المؤسسات على التطريز من أجل الكسب المادي فقط وليس الحفاظ على الهوية الثقافية الفلسطينية. لذلك، تعتمد التطريز من خلال الآلات التي تعد أكثر توفيراً في ما يخص اليد العاملة وغيرها. لكن من خلال هذا المشروع، حرصت على تعليم نساء فلسطينيات وغير فلسطينيات التطريز اليدوي والقطبة الفلسطينية. كان الأمر مكلفاً واستغرق وقتاً طويلاً. حصلت على دعم للمشروع وأطلقت عليه اسم: ابقي واثبتي نفسك". وخلال الدورة، تعلمت النساء القطبة الفلسطينية، وباتت لديهن مهنة يمكنهن من خلالها توفير مدخول يساعدهن في تأمين احتياجاتهن.
تضيف: "التحقت 13 امرأة فلسطينية وغير فلسطينية من مختلف الأعمار بالدورة"، مشيرة إلى أن "تعلم القطبة الفلسطينية يتطلب التزاماً ومسؤولية من قبل المشاركات. وكان ما قدمته النساء مبهراً، علماً أن بعضهن لم يكن يعرفن أي شيء عن أصول التطريز"، وتشرح أن "مدة التدريب كانت ثلاثة أشهر. لكن خلال شهر ونصف الشهر، حققن تقدماً كبيراً في مجال التعليم، وأتمنى أن يصير المشروع أكبر بكثير مما هو عليه اليوم".

أتاح لهن تعلّم التطريز فرص عمل (العربي الجديد)
أتاح لهن تعلّم التطريز فرص عمل (العربي الجديد)

وتقول عزيزة محمد القاضي، التي تدرب على التطريز في المركز: "في سبعينيات القرن الماضي، كان التطريز شائعاً بين النساء في لبنان. جارتنا نهلة في مخيم شاتيلا كانت حريصة على إحياء التراث الفلسطيني، وكانت تجمع النساء في بيتها لتعليمهن. تعلمت منها أصول التطريز، ومع الوقت صرت أتقن هذا الفن الذي يساهم في الحفاظ على هويتنا الثقافية الفلسطينية، ومن الجميل أن ترتدي المرأة زيّاً من صنع يديها".
تتابع: "عام 2012، فرض علي تعليم فتيات متسربات من المدرسة التطريز، وبدأ الاهتمام بهذا المجال، وكنت أعرف أشياء بسيطة عن ثقافة التطريز الخاصة بكل مدينة وقرية، وصار الشغف يكبر. وكان من المفيد أن أتعرف إلى أساليب تطريز الفلاحين وأهل المدن، ما جعلني أدمج بين التراث والحداثة، وأدخل على التطريز ألواناً جديدة ونقشات جديدة، مع الحفاظ على التراث".
تضيف: "عندما علمت بموضوع تدريب فتيات على التطريز بالمركز، تطوعت من أجل تدريب النساء اللواتي بلغ عددهن ثلاث عشرة امرأة. لم يشعرن بالملل وكانت كل امرأة منهن تتعلم بشغف، وجميعهن مساندات للقضية الفلسطينية. والهدف من الإصرار على حماية التراث يكمن في أن العدو الإسرائيلي يحاول سرقة تراثنا الفلسطيني ونسبه إليه".

إلى ذلك، تقول المتدربة تغريد أبو عيد، التي تقيم في مخيم شاتيلا: "لم أتمكن من متابعة تعليمي بسبب الحرب التي شهدها مخيم نهر البارد، شمال لبنان، عام 2007. انتقلت للعيش في مخيم شاتيلا، وتزوجت وأنجبت أربعة أولاد، وتعرفت إلى منار التي قدمت لنا دعماً معنوياً، وأخبرتني عن الدورة. التحقت بها على الرغم من أنني لم أكن أعرف التطريز من قبل. أردت أن أتعلم المهنة لتحسين وضعي المادي، ولأشعر بأنني امرأة منتجة. وبالفعل، استطعت بيع عدد من الملابس والأقمشة التي طرزتها وجنيت بعض المال"، تضيف: "تعليم القطبة الفلسطينية هو تراث يجب الحفاظ عليه".
بدورها، تقول فرح الفتي، التي تتحدر من مدينة صفد في منطقة الجليل بفلسطين، وتقيم في مخيم شاتيلا: "بعدما أنهيت الصف التاسع عملت لمدة خمس سنوات. ثم التحقت بجمعية لتعليم الخياطة، وما زلت أعمل في تلك الجمعية. نوزع الفوط الصحية للنساء وما زلنا مستمرين. مع ذلك، رغبت في تعلم التطريز كونه جزءاً من التراث الفلسطيني الذي يجب الحفاظ عليه".

المساهمون