فرحة العيد في مصر مع عودة الصلاة في الساحات والسماح باصطحاب الأطفال

09 يوليو 2022
يشارك الأطفال والنساء في تأدية صلاة العيد (العربي الجديد)
+ الخط -

أدى المصريون صلاة عيد الأضحى في الساحات العامة والمساجد بأجواء احتفالية يعمّها الفرح والسلام، والتزم خطباء المساجد، بالخطبة التي قررتها وزارة الأوقاف، منذ يومين، والتي تتعلق بفضائل العيد وثواب توزيع الأضاحي على الأهل والفقراء، في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية طاحنة.

وبدت فرحة العيد في مناطق تجمعات المساجد الكبرى التي شهدت زحاماً، ومنها مسجد عمرو بن العاص والساحات المفتوحة في مدينة نصر والإسكندرية وعواصم المحافظات. وحرص المصلون على اصطحاب الأطفال وتوزيع الحلوى والهدايا البسيطة وسط أجواء صيفية مبهجة.

صلاة العيد برفقة مصطفى  

ورافق "العربي الجديد" الطفل مصطفى الذي يؤدي صلاة العيد مع أسرته لأول مرة، حيث استيقظ مصطفى، ذو الثلاث سنوات، على غير العادة مبكراً على صوت تكبيرات العيد. وسمع الطفل صوت والدته توقظ أخوته، ووالده الذي دخل في غفلة منذ دقائق، تنادي الجميع كعادة المصريين "الحمّام جاهز"، كي يستحمّ الأهل قبل الذهاب للصلاة، وانتفض الصغير من سريره وهرع إلى أمه ليستحمّ قبلهم، ويرتدي ملابسه الجديدة ويذهب مع والده، للمشاركة في صلاة عيد الأضحى للمرة الأولى.
تعطر الأب وابنه وخرجوا جميعاً إلى الشارع، وفي طريقهم إلى المسجد كان الطفل الصغير يراقب باهتمام شديد ما يدور حوله، الشوارع تزينت والناس يتبادلون التهاني، وأولاد الجيران يطلقون الألعاب النارية، وفي الجهة المقابلة فتاتان صغيرتان تصحبهن مجموعة من النساء، يسرعن لأداء صلاة العيد في الساحات العامة.

يحرص الأطفال على المشاركة بتأدية صلاة العيد (العربي الجديد)
يحرص الأطفال على المشاركة بتأدية صلاة العيد (العربي الجديد)

ويعيش مصطفى في قرية تسمى "كفر الخير"، تلك القرية الصغيرة التابعة لمدينة دسوق في محافظة كفر الشيخ، التي تضم مسلمين ومسيحيين، وفيها مسجد كبير وكنيسة. 

وصل الطفل إلى ساحة الصلاة، وجلس في "حجر" والده، يلبي ويكرر تكبيرات العيد، بعدها نادى المؤذن إلى صلاة العيد، قائلاً: "الصلاة قائمة.. الصلاة جامعة"، وبينما وقف المصلون في الصفوف يؤدون الصلاة، كان "مصطفى" يسترق النظر إلى الناس ويقلد حركات والده.

وعقب تأدية الصلاة، التقط المصلون مجموعة من الصور التذكارية، وتجمع عدد من الأطفال بصحبة أسرهم، حول بائعي الحلوى، اصطحب الأب ابنه في جولة داخل القرية لزيارة الأقارب والجيران، لتهنئتهم بالعيد. واستقبلت الأسرة عدداً من جيرانهم المسيحيين، الذين يأتون عادة لتهنئة أصدقائهم في المناسبات الدينية.

هذه المشاهد حُرمها أخوة مصطفى الأكبر منه، في الأعوام الماضية، بسبب الإجراءات الاحترازية لجائحة كورونا، التي وضعتها الحكومة المصرية منذ عام 2020 وأدت إلى غلق المساجد والاكتفاء ببث الشعائر، عبر صوت الإذاعة وشاشات التلفزيون. وكان مجلس الوزراء المصري قد قرر عام 2021 عدم إقامة صلاة العيد بالساحات، وقصر إحياءها في المساجد الكبرى، مع اشتراط ارتداء الكمامات وحمل سجادة الصلاة الخاصة بكل شخص، ومراعاة التباعد الاجتماعي، وحظر اصطحاب الأطفال.

وفي عيد الفطر الماضي 2022، ارتسمت الفرحة على وجوه المصريين بعد عامين من القيود، حيث عادت المساجد تستقبل المصلين ويتشارك روادها بهجة الاحتفال، وسمحت وزارة الأوقاف بفتح مصلى للسيدات واصطحابهن الأطفال.
وتتميز احتفالات المصريين بعاداتها وتقاليدها الشعبية المتوارثة، ومن بينها تناول أطباق الفتة والرقاق صباح يوم العيد، وزيارة الأهل والأصدقاء المقربين عقب أداء الصلاة مباشرة. وفي القرى القديمة، وخاصة بصعيد مصر، يمر الرجال والشباب على جميع بيوت القرية، التي تظل أبوابها مفتوحة لاستقبال المهنئين منذ الساعات الأولى للصباح، بينما يتزين الأطفال ويرتدون الملابس الجديدة استعداداً لتلقي العيدية من الزائرين. ويتفاخر الأطفال بالعيدية ويسابقون أترابهم في شراء الحلوى والاستمتاع مع الأصدقاء، بالخروج إلى الحدائق والساحات المفتوحة. 

تراجع عدد الأضاحي  

ولم تستطع الدولة توفير الأضاحي بأسعار معقولة، خلال الموسم الحالي، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم البلدية والمستوردة بنحو 80٪ عن أسعار العام الماضي، ما أدى إلى تراجع عدد الأضاحي وتبرعات المصريين لشراء صكوك الأضاحي، التي تتلقاها وزارة الأوقاف لتوجيه لحومها إلى المناطق الأكثر فقراً بالمحافظات، ولم تعلن الوزارة العدد النهائي للصكوك خلال الموسم الحالي، لكن صدرت إحصاءات منذ أسبوع تبين أنها لم تصل إلى 20٪ مما كانت عليه منذ عام.

وشرع القادرون بالبدء في ذبح الأضاحي في بيوتهم والأماكن العامة، رغم التحذيرات التي أطلقتها السلطات بمنع الذبح خارج المجازر الرسمية. ويرفض المواطنون عادة التزام تعليمات الحكومة بسبب صعوبة الوصول بالأضاحي إلى المجازر قليلة العدد والإمكانات، والبعيدة عن المناطق السكنية، وبسبب اعتبار المواطنين شعيرة الذبح من أهم معالم الاحتفاء بالعيد، خاصة لدى قاطني المناطق الشعبية في المدن وجميع القرى التي تندر فيها مجازر رسمية.

المساهمون