من الطفلة ملاك إلى عائلة عبير.. قصص ناجين ومكلومين في فاجعة عمارة اللويبدة بالأردن
انتهت، اليوم السبت، عمليات البحث تحت أنقاض عمارة اللويبدة التي انهارت في العاصمة الأردنية عمّان، مساء الثلاثاء الماضي، بعد 85 ساعة من محاولات الإنقاذ المستمرة، لكنّ أثر الكارثة سيظل محفوراً في ذاكرة من كُتب لهم عمر جديد، وخرجوا ناجين من تحت الركام ليرووا حكايتهم، أو من فُجعوا بفقدانهم.
الطفلة ملاك.. أيقونة الأمل والحياة
حظيت الطفلة ملاك البالغة من العمر 4 أشهر، بلقب "الطفلة المعجزة"، بعد بقائها تحت الأنقاض ما يقارب 26 ساعة، وخروجها حية ترزق دون إصابات تُذكر، ومغادرتها المستشفى بعد تلقيها العلاج.
ووصفتها فرق البحث والإنقاذ بـ"أيقونة الأمل والحياة"، وأكدت أن لحظة إخراجها لن تُنسى من ذاكرتها.
وقالت إسراء، والدة الطفلة، في تصريحات للصحافيين، إنها "لم تتوقع أن تخرج ابنتها حيّة من تحت الأنقاض بعد مرور قرابة 26 ساعة على الانهيار، مشيرة إلى أنها كانت معتادة على تركها لدى صديقتها في العمارة، للاعتناء بها، إذ تضطر هي وزوجها للعمل.
وذكرت إسراء أنه جاءها اتصال بأن ابنتها قد سقطت دون أي تفاصيل، وعندما وصلت إلى المكان وجدت أن العمارة بأكملها قد انهارت، لكن بعد 26 ساعة جرى إنقاذها.
فرحة لم تكتمل
وكما كُتب للصغيرة ملاك عمر جديد، فإن إرادة الحياة انتصرت وخرج هاني رستم حياً بعد 20 ساعة مكثها تحت الأنقاض. نجا هو وزوجته لكن ابنهما الشاب انتُشل جثة هامدة قبل يومين.
وقالت مديرية الأمن العام الأردني، في بيان لها، اليوم السبت، إنّ "هاني رستم، قصته سيرويها وسيتردد صداها، بقي محاصراً في الظلام وتحت الردم عشرين ساعة، فقد الأمل لحظات وعاش على الأمل لحظات أخرى حتى سمع صوتاً اخترق الردم وقلنا له (أنت سامعنا أنت سامعنا، احنا فريق البحث والإنقاذ، احنا موجودين معك، تطمن رح نكون معك لما نطلعك) ليُكتب له عمر جديد".
كما استطاعت عائلة كاملة النجاة من الحادث، إذ كان الأب قد خرج للتو لتنظيف سيارته التي ركنها بجوار العمارة، واحتاج الماء، فاتصل بنجله، وخلال عودته، شاهد أمامه العمارة تنهار، وتمكن هو والحضور من إنقاذ أفراد أسرته التي لم تعانِ إلا من رضوض وخدوش بسيطة فقط.
فجيعة.. موت وفقدان
وإذا كان رستم قد فُجع في ابن واحد، فإنّ حامد عليان غرق في بحر الحزن والألم، فقد كانت جثة زوجته آخر جثة أُخرجت من تحت الأنقاض، لتتركه بعد أن نعى قبل يومين، ابنتيه سهيلة وجنة، فيما جرى إنقاذ ابنه عمر.
عبير أيضاً فقدت عائلتها كاملة، وأصيبت بالصدمة، فقد فقدت أبناءها محمد وأميرة وملك (17 و12 و9 أعوام)، إضافة إلى صديقتهم التي جاءت إلى منزلهم للاحتفال بعيد ميلادها. شاءت الأقدار أن تخرج عبير من العمارة لشراء بعض الحاجيات للمنزل ولدى عودتها وجدت البناية قد انهارت، وهي التي فقدت قبل عام ونصف زوجها بسبب مرض السرطان.
أما أشرف العقرباوي، فقد نعى طفلته قمر، ذات العام الواحد، بعدما أحزنت برحيلها الأردنيين، قائلاً: "كان بودي أن تكون ابنتي بخير، الخير فيما اختاره الله"، وانتظر أشرف خروج طفلته من تحت الركام، 3 أيام متواصلة، قبل أن تخرج برفقة جدتها جثتين، إضافة إلى شابة وشاب من عائلة واحدة ووالدة الطفلة.
الموت أيضاً طاول سكان بيت مستقل سقطت عليه العمارة المنهارة بشكل أفقي، تعود الجثة الأولى للسيدة أم محمد (ستينية) ونجلها إبراهيم (أربعيني)، أما الجثة الأخيرة فهي لطفلة صغيرة تبلغ من العمر سنة وشهرين. ومن الوفيات الطالبة راما التي كانت في ضيافة جدتها، وامرأة وابنتها.
وقال لؤي محمد، وهو من جيران ضحايا عمارة اللويبدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه يسكن في المنطقة منذ سبع سنوات، و"الجميع هنا بمثابة عائلة واحدة، واليوم لا صوت يعلو على صوت الحزن".
وأضاف "للأسف في الفترة الأخيرة، أصبحت أجرة السكن في المنطقة مرتفعة جداً، كونها أصبحت مقصداً للسياح والأجانب والفنانين والمثقفين، وصار ملاك العقارات يطمعون بالمزيد من الدخل، فجرى إنشاء أبنية جديدة، إضافة إلى محاولات لترميم وإعادة تقسيم البيوت القديمة لتأجيرها لأكبر عدد من الناس، لتكون النتيجة ضحايا".
دعوات لتشديد الرقابة
بدوره، قال رئيس جمعية أصدقاء اللويبدة سهيل بقاعين، لـ "العربي الجديد"، إنّ "ما حدث مصيبة كبيرة على اللويبدة"، مشيراً إلى أنّ "البعض عمد إلى صيانة البيوت لرفع بدلات إيجارها أو العمل على الاستثمار فيها من خلال بيعها أو هدمها وبناء أخرى مكانها".
وأضاف أنّ انهيار العمارة وغيرها من الحوادث المماثلة يرعب الأهالي، داعياً إلى إنقاذ البيوت القديمة المتهالكة، وتشديد الرقابة لمنع وقوع حوادث مشابهة في المستقبل.
وينتظر الأردنيون نتائج التحقيقات، لمحاسبة المتسببين في إزهاق الأرواح البريئة، وحتى لا تتكرر هذه المأساة.
ووفقاً للأمن العام، فإنّ حصيلة ما جرى التعامل معه في الحادثة بشكل مباشر 14 وفاة و10 إصابات، وذلك بحسب كشف الاستقصاء عن الموجودين داخل البناية السكنية، فيما تعاملت المستشفيات مع 7 إصابات إضافية، وهم منْ نُقل من الأهالي في بداية الحادثة، وآخرون أصيبوا بالهلع والصدمة.
وقرَّر مدَّعي عام عمَّان توقيف 3 أشخاص على ذمة قضية انهيار المبنى في منطقة اللويبدة، المكوّن من أربعة طوابق، وهم أحد ورثة مالك البناء (ابنه المشرف عليه)، ومتعهد الصيانة، وفني الصّيانة في أحد مراكز الإصلاح والتَّأهيل.
يُذكر أنّ قائد فريق البحث والإنقاذ الدولي المقدم أنس العبادي، أكد، في مؤتمر صحافي، اليوم السبت، أن فرق البحث والإنقاذ ستبقى في مكان انهيار البناية حتى إزالة الأنقاض بشكل كامل، والتأكد من عدم وجود محاصرين إضافيين.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
