غضب في بريطانيا بعد خرق وزير الصحة قيود كورونا... ومطالبات بتنحيته

26 يونيو 2021
وزير الصحة البريطاني مات هانكوك مع مساعدته جينا كولادانجيلو (Getty)
+ الخط -

بعد نشر صحيفة "ذا صن" البريطانية صوراً تظهره وهو يحتضن زميلته، اعتذر وزير الصحة البريطاني مات هانكوك واعترف بانتهاك إرشادات التباعد الاجتماعي على خلفية انتشار فيروس كورونا، واصفاً تصرفاته بـ"الخطأ الكبير". وفي أول تصريح له حول الواقعة، قال "لقد خذلت الناس وأنا آسف للغاية".

وجاء اعتذاره بعد صور نشرتها صحيفة "ذا صن" البريطانية، تظهره وهو يحتضن زميلته وصديقته جينا كولادانجيلو. ووفق الصحيفة، فإنّ صور هانكوك وكولادانجيلو التقطت داخل وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية في 6 مايو/أيار الماضي.

ووفق اللوائح البريطانية، لا يشترط القانون وجود تباعد اجتماعي في أماكن العمل، أي لا يوجد نص يفرض ذلك، ولا يترتب عليه عقوبات في حال الإخلال به، إلا أنّ القانون يوصي بضرورة التقيّد بالإجراءات حفاظاً على الصحة العامة.

وتنص إرشادات الحكومة على ضرورة الالتزام بقاعدة المترين، في حال كان ذلك ممكناً لوجستياً، فيما يفرض القانون إجراءات أكثر صرامة في ما يتعلق بضرورة ارتداء الكمامات، لا سيما داخل المكاتب.

وزير الصحة يخطئ؟

بحسب هيئة البث البريطانية "بي بي سي"، كانت المملكة المتحدة تحت المرحلة الثانية من القيود المفروضة ضد فيروس كورونا في 6 مايو الماضي، ما يعني أنّ القانون كان يفرض عدم التجمع حتى بين شخصين، إلا إذا كان ذلك بغرض العمل، وأن يحمل العمل صفة الضرورة.

يصف آدم واغنر، المحامي من مكتب "دوتي ستريت تشامبرز" والخبير في قيود الإغلاق، لـ"بي بي سي"، ما حصل بأنه يدخل في إطار الانتهاك، وأنّ هذا التجمع بين وزير الصحة وصديقته لم يكن يحمل صفة الضرورة، و"بالتالي فهو تجمع غير قانوني".

وقبل أسبوع من التقاط الصورة، كان هانكوك يصرّ على ضرورة عدم التهاون، مطالباً المواطنين بضرورة الحذر، بحسب ما جاء في مؤتمر صحافي له في داونينغ ستريت، كما ذكّر حينها بـأساسيات التقيد بالإجراءات الخاصة لمكافحة الفيروس.

وفي 11 مايو، أعاد تذكير مواطني بلاده بضرورة الوعي، حتى مع تخفيف القيود، وفي تصريح آخر له في 16 مايو الماضي، أكد لشبكة "سكاي نيوز" أنه يتطلع فقط إلى احتضان والدته، وربما قد يفعل ذلك، ولكن في الهواء الطلق وبعناية فائقة.

قبل عام من التقاط الصور، علق هانكوك على تصرفات البروفيسور نيل فيرجسون، المستشار الحكومي، بعدما ذكرت صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية أنه على علاقة مع إمرأة زارت منزله فيما كانت القوانين تمنع ذلك، الأمر الذي أدى حينها إلى استقالة البروفيسور من عمله.

ماذا عن القواعد الأخرى؟

يفرض القانون على الوزراء إجراءات أكثر صرامة، إذ يرى أنه يقع على مسؤوليتهم أن يحافظوا على مستويات عالية من السلوك الإيجابي، وأن يتصرفوا بطريقة تدعم أعلى معايير اللياقة.

كما ينص القانون أيضاً على ضرورة عدم وجود تضارب بين مصالحهم الخاصة، سواء أكانت المصالح مالية أو غيرها، الأمر الذي يطرح علامات استفهام بحسب المسؤولين حول تعيين جينا كولادانجيلو (صديقة هانكوك منذ الجامعة) مديرةً غير تنفيذية لقسم الصحة، العام الماضي.

تقول الدكتورة كاثرين هادون من معهد الحكومة لـ"بي بي سي": "هناك حجة جيدة يمكن إثباتها بأنّ هانكوك ربما يكون قد كسر بعض جوانب القانون الوزاري".

لكنها تساءلت عما إذا كان سيتم إجراء تحقيق في هذا الأمر، مضيفة "لا يزال الأمر متروكاً لرئيس الوزراء ليقرّر ما إذا كان بإمكان المستشار المستقل المعني بالمصالح الوزارية النظر في أمر الوزير". 

ردود فعل غاضبة

الواقعة هذه دفعت الكثير من العائلات البريطانية التي عانت من تداعيات فيروس كورونا إلى رفع الصوت عالياً، إذ طالبت بإقالة هانكوك، بحسب ما نقلته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية.

وكتبت هانا برادي، التي توفي والدها شون برادي(55 عاماً) في مايو 2020، "إنّ السماح لمات هانكوك بالاستمرار في شغل منصب وزير الصحة يضاعف حزن العائلات الثكلى التي ضحّت كثيراً، بينما هو يخالف القواعد".

وقالت "إنها ليست فقط إهانة للعائلات المفجوعة وجميع أولئك الذين امتثلوا للقواعد، ولكنها تقوّض ثقة الجمهور في التدابير المصممة لإنقاذ الآخرين من الخسارة التي عانينا منها".

إلى ذلك، صرح عدد من النواب المحافظين بأنهم بدأوا بالفعل تلقي رسائل غاضبة من الناخبين حول انتهاك هانكوك للقواعد.

ووصف أحد أعضاء مجلس النواب هذه الحادثة بـ"المؤسفة"، لافتاً إلى أنه خلال الأيام المقبلة، ستزداد موجة الغضب.

كما انتقد وزير سابق، بحسب صحيفة "ذا غارديان"، تصرفات هانكوك، مشيراً إلى أنّ "هناك غضباً كبيراً، لأنّ هانكوك خالف القواعد العامة، ولا يمكن للناس الالتزام بالمعايير المزدوجة".

كما أظهر استطلاع سريع أجرته شركة YouGov أنّ 49% ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أنّ هانكوك يجب أن يتنحى، بزيادة عن 36% من النسبة التي طالبت بتنحي هانكوك في مايو الماضي.

تحذيرات للحكومة

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أطلق اختصاصيو السلوك، الذين يقدمون المشورة للحكومة، تحذيرات، منبّهين إلى أنّ تجاهل وزير الصحة لقواعد التباعد الاجتماعي يمكن أن يقوّض الامتثال العام.

وقال جون دروري، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة ساسكس، لصحيفة "ذا غارديان": "يمكن أن يكون لفعل كهذا تأثير كبير على الجمهور، لا سيما عندما يقترن بالغضب العام"، محذراً من أنّ "كسر القواعد من قبل النخبة أو الحكام، والمسؤولين، يقوض التماسك الاجتماعي والالتزام".

المساهمون