في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، احتج أصحاب منازل تضررت كلياً أو جزئياً من العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في أغسطس/ آب الماضي، في اعتصام نفذوه في شارع الشهداء، وطالبوا بالحصول على إجابات وافية من الجهات الرسمية عن عملية إعادة الإعمار، وسط أنباء متداولة عن عدم وجود داعم لهذه المهمة.
ويبدي متضررون كثيرون تخوفهم وقلقهم من عدم التفات الجهات المعنية لأحوالهم، والتعويض عليهم أو تأمين مساكن مؤقتة لهم، أو منحهم بدلات إيجار منتظمة.
ويعتبر خليل كانون مع عائلته بين متضرري القصف الإسرائيلي الذي استهدف بثمانية صواريخ برج فلسطين غرب غزة في 5 أغسطس/آب، والذي كانت تسكنه 50 أسرة لم يعد غالبية أفرادها إليه لأن وزارة الاشغال العامة والإسكان اكتفت بإصلاح بعض أعمدة البرج السكني، ولم تعالج أي من مشاكل الخدمات المعطلة بالكامل داخله من مياه ومصعد وبنى للصرف الصحي. ويقول لـ"العربي الجديد": "عندما سألنا مسؤولي الفصائل الفلسطينية عن مشاريع إعادة إعمار البرج المدمر، أخبرونا أنها ليست مسؤوليتهم. وعندما توجهنا إلى وزارة الاشغال العامة والإسكان علمنا بعدم وجود تمويل لإعادة الإعمار، وأن العدوان أدرج ضمن تصعيد عسكري، بخلاف ما حصل في السنوات السابقة، رغم أنه دمر مئات من المنازل".
يضيف: "لم تحصل أسر على مساعدات لتعزيز صمودها في هذا الوضع، في حين مُنحت أخرى مساعدات لم تكف لسد احتياجاتهم المنزلية وتكاليف العلاجات. وعموماً يمكن القول إن أي مسؤول فلسطيني في حكومتي غزة ورام الله لم يضطلع بمهمة تأمين احتياجات أسر المتضررين".
ويقول محمد حرارة الذي دمر القصف الإسرائيلي شقته بالكامل في حي النصر غرب مدينة غزة، وتسبب في جرح نجله وعمره 6 أشهر فقط، ما تسبب في رحيله للإقامة مع شقيقه: "نعيش حياة مأساوية مشتتين، ونفتقر إلى الاستقرار النفسي والاجتماعي، ولم يصرف لنا بدل إيجار، في حين شملت مساعدات قدمتها وزارتا الشؤون الاجتماعية والأشغال بعض الشقق فقط. وقد طالبنا بإعادة النظر في المساعدات وتوزيعها في شكل عادل، علماً أنني نقلت والدتي المريضة للإقامة في شقة مستأجرة قريبة، لأن حالتها الصحية لا تسمح لها بالسكن في منزل شقيقي المكتظ".
بدوره يقيم سعيد شرف وزوجته وأطفاله الثلاثة في منزل عائلته بمخيم يبنا بمدينة رفح جنوب قطاع غزة بعدما لحقت أضرار بالغة بشقته داخل منطقة الشعوت في المدينة ذاتها، ولم يعد المبنى الذي يقيم فيه صالحاً للسكن، وهو ينتظر استجابة السلطات لإعادة إعمار شقته، فيما يقيم أطفاله في منزل مناسب نسبياً لمعيشتهم بعدما أصيبوا بصدمات نفسية، علماً أن نجله اسماعيل أصيب بكسر في كتفه أثناء القصف. ويقول لـ"العربي الجديد": "أعيش في منزل والدي المتواضع في المخيم، والذي يضم أيضاً شقيقي العاطل عن العمل مع زوجته وأبنائه، ويعيش فيه بالتالي 20 فرداً. وكل مرة يسألني أطفالي متى سنعود إلى منزلنا أقول لهم قريباً وأنا لا أعلم من يملك حقاً هذا الجواب".
في المقابل، يقول وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية في قطاع غزة ناجي سرحان لـ"العربي الجديد" إن "التصعيد الإسرائيلي الأخير هدم بالكامل 25 وحدة سكنية، وألحق أضراراً بالغة بـ 80 وحدة ما جعلها غير قابلة للسكن. كما تعرّضت نحو ألفي وحدة سكنية لأضرار تتراوح بين متوسطة وطفيفة".
ويشدد على أن "أضرار العدوان الأخير تضاف إلى تدمير نحو 2300 وحدة سكنية خلال الحروب السابقة، من دون أن يعاد إعمارها. وعلى صعيد الأضرار الجزئية التي نتجت من الحروب السابقة، لم تشمل التعويضات 70 ألف وحدة سكنية تعرضت لقصف، علماً أن إجمالي تكلفة إعمار أضرار الحروب السابقة على قطاع غزة يتجاوز مليار دولار".
يضيف: "زادت مشاكل المباني التي دمرت وتضررت خلال العدوان الأخير في أغسطس/ آب الماضي الأزمات على الوزارة التي كانت لا تزال تعالج مشاكل إعادة إعمار أضرار العدوان الإسرائيلي السابق. والجانب الإسرائيلي يطبق العقاب الجماعي على سكان غزة، ويبطئ عملية إعادة الإعمار".
ويشير إلى أن الوزارة تواصلت مع جهات عربية متخصصة في التنمية الاقتصادية من أجل تمويل بعض المشاريع، لكنها تلقت جواباً منها بعدم توفر التمويل المطلوب، ما دفعها إلى وضع خطة مشروع الإعمار جانباً حتى توفير تمويل. وقد غطت عمليات الإعمار التي أنجزت بعد حرب أغسطس/ آب الماضي نحو 50 في المائة فقط من البيوت المدمرة البالغ عددها 1700، ما يعكس عملنا البطيء".