غابت الطائرات الروسية والسورية عن سماء محافظة إدلب، شمال غربي سورية، كما توقّف القصف المدفعي والصاروخي عن قراها وبلداتها، وهذا هو العيد الأول الذي يمرّ على المحافظة دون قصف ومواجهات منذ عام 2011، لكن بالرغم من ذلك كانت البهجة منقوصة بسبب النزوح والتهجير وفقدان أقارب غيّبتهم الحرب، إضافة إلى انتشار فيروس كورونا الجديد، الذي حرم كثيرين من الزيارات والاستمتاع بأجواء هذه المناسبة.
يقول أحمد الدرويش، 61 عاماً، نازح من بلدة كفرسجنة إلى مخيمات بلدة أطمة شمالي إدلب لـ"العربي الجديد"، لم أذهب اليوم لصلاة العيد منعني أبنائي من الذهاب للمسجد خوفاً من إصابتي بفيروس كورونا، كما منعوني أيضاً من استقبال المعايدين، ويشير الدرويش إلى أنه لم يشعر بأي طعم للعيد، وبخاصة أنه يقضي اليوم العيد الرابع بعيداً عن منزله، الذي استولت عليه قوات النظام والمليشيات الموالية لها.
ويضيف أن "العيد لم يعد كالسابق، إذ كانت كل عائلة تشكّل وفداً يزور العائلات الأخرى، ويجتمع الأقارب في منزل واحد يحضّرون فيه الحلويات المنزلية، ويسهرون حتى ساعات الفجر، لقد كان هذا اليوم مناسبة للمّ شمل العائلات، وإصلاح العلاقات بين أفرادها.
سمية اليوسف (57 عاماً) نازحة من مدينة معرة النعمان إلى مدينة سرمدا الحدودية مع تركيا، تقول لـ"العربي الجديد" أنها فقدت خلال سنوات الحرب اثنين من أبنائها، وأصبحت أيام الأعياد مناسبة لاستذكارهم والبكاء عليهم، لم يعد العيد مناسبة للفرح بل بات مناسبة للحزن وارتداء اللباس الأسود.
وتشير إلى أن أحد أبنائها لديه طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، وأنها ترى العيد من خلال فرحته، لذلك تحاول أن تشتري له في كل عيد لباساً جديداً وهدايا خاصة بهذه المناسبة، إذ لا ذنب له بهذه الحرب الدائرة منذ سنوات، ومن حقه أن يعيش طفولته وأن يفرح كغيره من أطفال العالم، على حد تعبيرها.
أما محمد الصطوف، نازح من بلدة سنجار شرقي معرة النعمان، فيقول لـ"العربي الجديد" كنا نزور قبور أقاربنا كتقليد نفعله فور استيقاظنا أيام الأعياد، لكن اليوم بتنا محرومين حتى من هذه الزيارة، بعد سيطرة قوات النظام والميليشيات الموالية لها على البلدة، منذ مطلع عام 2018.
ويلفت إلى أنه لم يشتر حلويات لعائلته هذا العيد، لأنه بات يعتبر يوماً كسائر الأيام، ولم نعد نشعر فيه بالبهجة، لقد تحوّلت أعيادنا إلى مناسبات لاستذكار الأقارب الذين قُتلوا خلال سنوات الحرب، والمنازل التي قضينا سنوات في بنائها ثم سيطرت عليها قوات النظام.
ويبلغ عدد سكان محافظة إدلب نحو أربعة ملايين نسمة، معظمهم من النازحين الذين هجّروا من مدنهم وبلداتهم على يد قوات النظام برعاية روسية، يعيش كثيرون منهم في مخيمات بدائية، تفتقر إلى أدنى الاحتياجات الصحية والخدمية.
وبلغ عدد المخيمات الكلي في إدلب وحدها نحو 1293 مخيماً، تتوزّع على شكل شريط قرب الحدود السورية-التركية، من بينها 393 مخيماً عشوائياً، يقطنها مليون و43 ألفاً و689 شخصاً.