عواقب البرد وشحّ التدفئة: التهاب القصبات الشعرية يهدد أطفال شمال سورية 

04 فبراير 2022
أصيب معظم الأطفال الصغار في مخيمات النزوح بأمراض تنفسية (سالي هايدن/Getty)
+ الخط -

تسبّب درجات الحرارة المنخفضة والبرد، إضافة لوسائل التدفئة غير التقليدية، انتشاراً واسعاً لأمراض الجهاز التنفسي لدى الأطفال في عموم مناطق شمال غرب سورية الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلّحة، وخاصة في المخيمات التي يعاني فيها النازحون في الأصل من شحّ في مواد التدفئة، وسط ضعف الإمكانات التي تتيح لهم استخدام وسائل تدفئة آمنة تمنح الدفء لأطفالهم.
وأصيب معظم الأطفال الصغار في مخيمات النزوح في المنطقة، خلال الفترة الماضية، بأمراض تنفسية. وحول الموضوع، تقول المهجّرة من ريف حمص الشمالي كوثر العثمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ ابنتها البالغة من العمر عامين بقيت حوالي 3 أسابيع تعاني من تداعيات المرض، وقالت: "في البيت الذي نسكنه داخل المخيم، توجد مدفأة واحدة فقط، ولدينا أربعة أطفال، لا يمكن ضبطهم خلال ساعات النهار وإجبارهم على أن يجلسوا قرب المدفأة دائماً، الأمر أشبه بتقييدهم، والبرد كان قاسياً".

تضيف العثمان "أطفالي الثلاثة الكبار تماثلوا للشفاء سريعاً، لكن بقيت الطفلة الصغيرة مريضة. أخذناها للطبيب الذي أخضعها لفحص سريري، ووصف لنا بعض الأدوية، كما استخدمنا جهاز "رذاذ" حتى بدأت تتحسن. بقيت آثار المرض فترة، لكن الفترة الأولى كانت الأصعب، إذ لم تكن ابنتي قادرة على النوم ليلاً بسبب السعال وارتفاع حرارتها".

تحدث الطبيب محمد أبو نقرة، العامل في مركز زرزور للعناية الصحية، لـ"العربي الجديد"، قائلاً إنه عادة ما نلاحظ الإصابات التنفسية لدى الأطفال في شهر ديسمبر/ كانون الأول، أمّا الآن، فما زالت تُلاحظ الإصابات حتى الوقت الحالي مع موجة البرد التي ضربت المنطقة بداية شهر يناير/ كانون الثاني. وانتشرت الإصابات بما نسميه التهابات القصيبات الشعرية في النصف الثاني من الشهر الأول، بسبب الإصابة بفيروس المخلوية التنفسية، وكنّا اعتدنا سابقاً على تسجيل هذه الإصابات في ديسمبر وحتى النصف الأول من يناير، بسبب البرد.

ولفت الطبيب إلى أنّ هذا الفيروس ينشط بهذا التوقيت من العام بسبب الطقس شديد البرودة، ويبدأ المرض بإصابة تنفسية علوية، ثم بعد أسبوع، يتطوّر لإصابة تنفسية سفلية. وأضاف أبو نقرة أنّ الخوف الأكبر من الفيروس يكون على الأطفال المصابين دون الستة أشهر، كما من عمر 6 أشهر وحتى السنة، إذ هم يصابون بالتهاب القصيبات الشعرية متوسط الشدة، أمّا من هم فوق السنة، فلا مشاكل لديهم.

وتحدّث ماهر بصبوص، وهو من سكّان مدينة أريحا، عن أنّ ابنته الصغيرة تعاني من التهاب القصبات، وأوضح لـ"العربي الجديد" أنه أخذها قبل عدة أيام إلى مشفى ابن سينا في مدينة إدلب لتلقي العلاج، وبقي يترقب سريراً شاغراً عدة ساعات، كون معظم الأطفال في العناية المشددة يعانون من المرض ذاته.

وفاقمت وسائل التدفئة غير الصحية وغير السليمة الأمراض التنفسية لدى سكان مناطق شمال غرب سورية، خاصة الأطفال، فالسكّان يتجهون للمواد القابلة للاشتعال ذات التكلفة المنخفضة نظراً لضعف الدخل لديهم. ومن وسائل التدفئة السيئة التي يلجأ لها الأهالي إطارات السيارات والأحذية المستعملة والفحم الناتج عن عمليات التكرير في الحراقات البدائية، وكلها مواد تتسبّب بانبعاثات ضارة، والمدافئ المستخدمة غير مهيأة لهذا النوع من المواد، التي غالباً ما تنجم عنها حرائق تتسبّب بوفيات وأضرار.

وكان أخصائي طب الأطفال أحمد حمدان قد أوضح لـ"العربي الجديد" أنّه هناك معاناة حالياً في المشافي وضغط جرّاء تفشي التهاب القصيبات الشعرية عند الأطفال، وقال: "حالياً يصيب التهاب القصيبات الشعرية الأطفال دون الثلاثة أشهر بكثرة، وهؤلاء لا يتحملون المرض ويحتاجون إلى العناية المشددة، والعنايات لدينا غير كافية ولا تقدم الخدمة الكافية، فنضطر لوضع طفلين في كل سرير، كما أنّ عدد المنافس غير كاف".

ومطلع فبراير/ شباط الجاري، توفيت كلّ من الرضيعتين فاطمة عيد المحمود، البالغة من العمر 7 أيام وعانت من نزيف رئوي، وآمنة محمد سلامة البالغة من العمر شهرين، جراء البرد، وهذه المشكلة تتكرر سنوياً في معظم مخيمات شمال غرب سورية التي تشهد وفيات بين الأطفال بسبب البرد والأمراض الناجمة عنه.

المساهمون