عمل بلا حقوق للاجئين الفلسطينيين في لبنان

02 مايو 2024
أعمال بسيطة متوفرة في مخيم شاتيلا (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يواجهون ظروف عمل ومعيشة قاسية، مع رواتب ضئيلة لا تكفي احتياجاتهم الأساسية، ويعانون من حرمانهم من حقوق كالتأمين والضمان الصحي.
- يعمل الفلسطينيون في مهن شاقة بسبب القيود القانونية التي تحرمهم من مزاولة معظم المهن، رغم التعديلات القانونية التي لم تحسن وضعهم بسبب التجاذبات السياسية والطائفية.
- اتحاد نقابات عمال فلسطين يبذل جهودًا للدفاع عن حقوق العمال الفلسطينيين، محققًا نجاحات في تحصيل تعويضات ودعم العمال خلال جائحة كورونا، مع التأكيد على ضرورة تعديل قانون العمل لضمان حقوقهم بشكل كامل.

يعمل اللاجئ الفلسطيني في لبنان، محمد عصفور، في محل لبيع الألبسة، وهو يتحدر من عكا، ويُقيم في مدينة صيدا (جنوب)، ويقول لـ"العربي الجديد": "أعمل طيلة النهار لأتقاضى راتباً لا يتعدى 300 دولار شهرياً. وهذا المبلغ لا يكفي أكثر من أسبوعين في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها. أساعد أهلي في مصروف البيت، إذ لا يعمل والدي حالياً بسبب الظروف، وهو يبحث عن عمل لكنه لم يُوفق، ورغم ضآلة الراتب لا أستطيع أن أترك العمل".
وعن حقوقه يقول: "ليس لي أي حقوق. لا تعويض ولا استشفاء ولا تأمين ولا ضمان. نحن محرومون من كل حقوقنا في لبنان، ولا نعرف ماذا سنفعل. أنا وُلدت في لبنان وأعيش فيه، ولا أعرف مكاناً آخر يمكن أن أذهب إليه".
بدورها، تقول فاتن الحسن التي تقيم في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (جنوب) وتعمل في التنظيف: "أتقاضى راتباً شهرياً قيمته 150 دولاراً، وأدفع 100 دولار إيجار منزل، لذا أضطر للعمل في تنظيف البيوت خلال أيام العطل كي أحصل على أموال إضافية لتوفير احتياجات الأولاد. حالياً أنا في إجازة من العمل بسبب مرضي، ويقطع أجر كل يوم غياب من راتبي، ولا أملك تغطية في الضمان ولا طبابة. احتجت إلى إجراء منظار للمعدة وأخذ خزعة، وحصلت على مساعدة من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ومنظمة التحرير الفلسطينية، لكن بقي أن أدفع 100 دولار لإجراء المنظار فتبرع شخص بالمبلغ. هذه خلاصة حالنا، لا عمل ثابت ولا ضمان ولا استشفاء".
ويشير رئيس اتحاد نقابات عمال فلسطين، غسان بقاعي لـ"العربي الجديد" إلى أن "الاتحاد يحاول الدفاع عن حقوق العمال، وتحصيل مستحقاتهم المتوجبة على أرباب العمل من خلال التدخل لإجراء تسويات واتفاقات. لا يزال العامل الفلسطيني يعمل من دون موجبات القانون اللبناني الذي يحرمه من مزاولة كل المهن باستثناء العتالة والأعمال الشاقة". 
يتابع: "لم يكن قانون العمل اللبناني يسمح للعامل الفلسطيني بممارسة أكثر من 70 مهنة، ثم خاض الاتحاد بالتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية وأبناء الشعب والمجتمع في لبنان صراعاً طويلاً أفضى إلى تعديل القانون، لكن التعددية الطائفية اللبنانية لم تتفق على إعطاء العامل الفلسطيني حقوقه البديهية من عمل ومسكن لائقين، وهذا أبسط ما يحتاجه الإنسان للعيش بكرامة. وأدت التجاذبات السياسية بين الأحزاب إلى إصدار وزير العمال السابق كميل أبو سليمان عام 2019 قرار حماية اليد العاملة اللبنانية من اليد العاملة الأجنبية. واعتبر القرار العامل الفلسطيني أجنبياً، وليس لاجئاً، فانتفضت مخيمات لبنان وتنظيمات وأحزاب واتحاد نقابات عمال فلسطين فرع لبنان، ضد قرار الوزير، وشهدت المخيمات اعتصامات وتظاهرات، ثم تتالت الأحداث في لبنان، إلى جانب انتشار جائحة كورنا، فجرى منع التجمّعات التي أنهت الإضرابات". 

يواجه العمال الفلسطينيون في لبنان صعوبات كبيرة (أنور عمرو/ فرانس برس)
يواجه العمال الفلسطينيون في لبنان صعوبات كبيرة (أنور عمرو/فرانس برس)

يضيف بقاعي: "أكد وزير العمل أبو سليمان ضرورة حصول العامل الفلسطيني على إجازة عمل، في حين أصرّ اتحاد نقابات عمال فلسطين على أن العامل الفلسطيني لاجئ مقيم، ومن حقه العمل مثل العامل اللبناني. وبعد تولي الدكتور مصطفى بيرم وزارة العمل، اتخذ قرار منح العامل الفلسطيني أولوية العمل بعد العامل اللبناني، وسمح له بمزاولة مختلف المهن تقريباً، وبالتالي أصبح العامل الفلسطيني يعمل بموجب قرار. لكن هذا القرار يستطيع أي وزير عمل أن يلغيه لاحقاً، ما يعني الحاجة إلى تعديل قانون العمل، كي يسمح للعامل الفلسطيني بأن يتمتع بكامل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها العامل اللبناني".
ويشرح أن اتحاد نقابات عمال فلسطين في لبنان، عمل لضم العمال الفلسطينيين، وتأطيرهم بحسب المهن، وشكل لجاناً مهنية لمتابعة قضايا العمال، وفعّل المهمات النقابية، وأهمها العمل الثقافي العمالي، والعمل النقابي والإعلامي والاجتماعي.
وعلى صعيد العمل النقابي، استطاع الاتحاد تحصيل أكثر من 90 في المائة من تعويضات نهاية الخدمة وإصابات العمل، وجرى حل كل القضايا بالتوافق والتراضي، بمواكبة قانونية من مستشارة الاتحاد.

ويقوم الاتحاد بصفته من بين مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، باحتضان أنشطة تتوجه إلى أبناء الشعب الفلسطيني، ويعمل على دعم العامل الفلسطيني في كل المجالات وبكل الإمكانيات المتاحة، وقد تولى خلال جائحة كورونا توزيع مساعدات على آلاف العمال بدعم من سفارة فلسطين، واتفق مع أطباء لتخفيض كلفة الكشف الطبي لمن يحملون بطاقات انتساب له، وأيضاً مع العديد من المختبرات والصيدليات، كما وقع اتفاقية مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان، لتخفيض بنسبة 50 في المائة من مبالغ الفحوصات والصور والكشف الطبي.

المساهمون