علم طفلك وفق نوع الذكاء الذي يناسبه.. هكذا أسهل

28 أكتوبر 2015
الاستجابة عند الأطفال تبدأ من عمر السنة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تُعرّف اليونسكو أنماط التعلم بأنها السمات المعرفية والنفسية والحسية التي تشكل طرق التعلم، وتشمل البصري والسمعي والحركي والفكري، مما يساعد في تحديد الطريقة الأكثر فاعلية لتلقي المعلومات.
- يؤكد د. محمود رمضان على أهمية توافق نمط التعليم مع الذكاءات الفردية، مشيراً إلى ضرورة مراعاة الفروق الفردية واكتشاف نوع الذكاء لتطوير العملية التعليمية.
- تواجه المدارس العربية تحديات في تبني أنماط تعليمية حديثة، حيث يُعتبر إدخال التكنولوجيا خطوة مهمة لتحسين التعليم وتوفير بيئة تفاعلية تدعم التعلم الذاتي.

تعرف منظمة اليونسكو( 2008م) أنماط التعلم بأنها:"مجموعة من  السمات المعرفية، والنفسية والحسية (السمعي والبصري، والحركي) والتي تشكل في مجملها الطريقة التي نتعلم بها".
وتشير إلى أن التعرف على أي الأنماط ننتمي، يساعد بصورة كبيرة جداً على تسريع عملية التعلم ونجاحها، لذلك علينا ملاحظة الطريقة الأكثر فاعلية والناجحة أثناء تلقي معلومة معينة والتعامل معها.

أنماط التعليم
وتعدد اليونسكو أنماط التعليم، وهي: نمط التعلم البصري، وهو طريقة التعلم التي تعتمد على استخدام المثيرات البصرية (كالرسوم والخرائط البصرية) لفهم خبرة التعلم والتفاعل مع بيئة التعلم، ونمط التعلم السمعي، الذي يفضل صاحبه طريقة التعلم التي تعتمد على استخدام المواد التعليمية المسموعة؛ مثل: الاشتراك في المناقشات.

إضافة لنمط التعلم الحركي، وهي طريقة التعلم التي تعتمد على القيام بالأنشطة اليدوية؛ مثل: القيام بعمل نموذج يوضح المفاهيم الرئيسية، فضلاً عن كتابة الأنشطة التي عليه القيام بها، والتعلم النشط، واستخدام الكمبيوتر، وألعاب المحاكاة، وغيرها، ونمط التعلم الفكري الذي يقوم على استخدام العقل في عمليات التفكير بالتجارب، وإيجاد الروابط والمعاني، وحل المشاكل، والطالب ذو النمط الفكري يفضل طريقة التعلم التي تعتمد على حل المسائل العلمية، وتحليل التجربة، وتطبيق أفكار جديدة.

اقرأ أيضا: ما المشترك بين ابنك وبيل غيتس؟

السنوات العشر الأخيرة حملت معها دراسات مكثفة أجراها العلماء لمعرفة آلية عمل الدماغ وكيفية الاستفادة من هذه المعرفة في بناء برامج تعليمية وتدريبية تستهدف تشغيل العقل والاستفادة من الحواس بأقصي طريقة ممكنه.

وتوصل الباحثون إلى أن مراعاة طريقة عمل الدماغ في عملية التعلم أمر محوري لا سيما إذا ما توفرت الإمكانيات للتعلم السريع، والتي تشمل، الاستعداد للتعلم، والتعلم الذاتي، وتوظيف المشاعر، وتوفير بيئة مريحة، والايحاءات الإيجابية اتجاه التعليم، والتعرف على النمط التعليمي بأنواعه (بصري، سمعي، حركي، فكري).

بدوره، د. محمود رمضان، أستاذ المناهج وأساليب التدريس في جامعة النجاح الوطنية بنابلس (شمال الضفة الغربية)، أكد على أهمية أن يتلاءم نمط التعليم مع الذكاءات التي تميز كل طالب، أي كيف يتعلم الطالب ولماذا يتعلم هذا النمط ولم يستطع تعلم النوع الآخر، مضيفا:"هذا ما يعبر عنه مفهوم أنماط التعلم".

ويضيف:"يمكن أن يجهل أولياء الأمور ماذا يعني هذا الأمر نظرياً، لكن المعلم والمدرسة كهيئة مؤهلة، من المفترض أن يعرفوا بما يتميز الطالب، وبالتالي التركيز على هذا التميز، واستغلال الذكاء الذي يتميز به".

المدارس العربية
وتطرق رمضان إلى مشكلة في طرق التدريس بالعالم العربي، حيث يُحكم على الفرد بالفشل إذا فشل في دراسته وتحصيله العلمي، وهناك أشخاص تركوا مدارسهم من المراحل الأولى، لكنهم عندما كبروا نجحوا وتميزوا في أعمالهم كميكانيكي سيارات مثلاً، هذا يعني أنه يمتلك الذكاء الحسي، أو نمط التعلم الحسي، يستطيع أن يتعلم بالتطبيق العملي، لكن الخلل كان في تجاهل قدراته العملية.
وأضاف:"من المفترض أن نبحث لهذا الشخص على مجال آخر، فالذكاءات موجودة عند كل فرد لكن بنسب متفاوته".

اقرأ أيضا:ابنك ومدرسة الحياة.. هل يجتمعان؟

عدم إغفال الفروق الفردية في التعلم، تعد أمراً أساسياً بحسب رمضان، حيث قال:"إذا كان من المهم اكتشاف الأنماط الملائمة لكل فرد، فمن المهم أيضا مراعاة الفروق الفردية للطلبة، فهم ليسوا نسخة واحدة، ويتم ذلك باتباع أنماط واستراتيجيات تدريس مختلفة، بحيث يكون الطالب مشارك فيها بعيداً عن التلقين، لاكتشاف ماذا يملك".

وتكمن أهمية اكتشاف نوع الذكاء لدى الطالب أو المتلقي، في تحديد نمط التعلم المناسب له، بحسب مدرب التنمية البشرية محمد بشارات، حيث قال:"إذا أردنا أن نطور العملية التعليمية، فعندما نلاحظ بروز ذكاء معين عند الطالب، فيجب أن نوصل له المعلومة التي نملكها، انسجاماً مع نوع ذكائه  لتطويره، إضافة إلى العمل على زيادة نسبة الذكاءات المتدنية عنده".


وتابع:"إلى جانب تطوير الذكاء الذي يبرز فيه المتلقي، يجب أن نراعي ضعف الذكاء عنده، وهنا تبرز أهمية تشخيص المتلقي وإعطائه المهارات اللازمة لنوع الذكاء عنده، وتطوير نقاط الضعف حتى يكون هناك استمرارية بالذكاءات التسعة، وقدرة على جذب الناس والتواصل، وهذا ينعكس على شخصيته وثقته بنفسه، ونظرته لذاته واحترامه لذاته وقدراته".

من ناحيته، رأى د.رمضان أن دروس التربية الفنية والرياضية والمختبرات من أهم الحصص خاصة بالمراحل العمرية الأولى، والتي من شأنها اكتشاف قدرات الطالب، وأضاف:"من المهم جداً التركيز على التعلم النشط، الذي يشارك فيه المتعلم، بأنماطه المختلفة، بتغيير أساليب التدريس، أو التعلم بالاكتشاف وحل المشكلات والاستقصاء والاستنتاج، كل هذه العمليات يمكن استخدامها وتوظيفها بالمدارس حتى نراعي الفروق الفردية".

وحتى نستطيع إخراج ما لدى الطفل من ذكاءات، يجب إشراكه بأنشطة، وفتح المجال له بالحديث، وطرح الأسئلة عليه، بحيث يكون جزءاً فاعلاً في عملية التعليم، بحسب رمضان.

ولم يغفل المحاضر أهمية تعزيز المتلقي في حال قام بالشيء الصحيح، وإن كان العكس، فيجب أن تتم مناقشته، مشيراً إلى أنه ومن خلال العمل المشترك والنقاش ستظهر قدرات أخرى للطالب، وهذا ما يطلق عليه "التعلم من خلال العمل".

المراحل العمرية
"التعلم بالصغر كالنقش بالحجر"، مثل شعبي يعكس حقيقة علمية أشار لها الخبراء، فعلى الرغم من إمكانية اكتشاف الأنماط التعليمية في مراحل عمرية مختلفة، إلا أن التركيز غالباً يكون على المراحل العمرية الأولى، حيث يكون الفرد في طور التشكيل، ودماغه كالصفحة البيضاء، بحسب ما قاله رمضان، مضيفاً:"عندما يكبر الشخص تكون معرفته ومفاهيمه وميوله واتجاهاته قد تكونت، ويكون إعادة تشكيلها أصعب".

ويتفق الدكتور محمد بشارات، أستاذ التنمية البشرية مع رمضان في استغلال المراحل العمرية الأولى، قائلاً:"كلما كان ذلك في مرحلة عمرية مبكرة كلما كان أفضل، فهذه الذكاءات موجودة عند الشخص بطبيعة الحال، لكن إذا تم إيجاد البيئة والمحفز في فترة مبكرة، سينعكس ذلك على أدائه".

وذكر أن مرحلة الاستجابة عند الأطفال تبدأ من عمر السنة، فكلما توفرت القدرة على توصيل المعلومة بشكل صحيح وبعمر صغير، كلما كانت استجابته أفضل، موضحاً:"على سبيل المثال، عندما يكون التعليم باللعب والمشاركة وبطريقة تفاعلية، تكون استجابته ونمو دماغه وقدرته على التحليل تكون أسرع، وهنا سنلاحظ الفرق بين الطالب الذي تلقى بالتعليم النشط، والطالب الذي تلقى بطريقة تقليدية، فالأول ستبدو استجابته المعرفية أكثر، تفكيره وشخصيته تكون أفضل".

"في العالم العربي ما زال التفكير ممنوعاً"، حكمٌ أسقطه أستاذ المناهج وأساليب التدريس محمود رمضان، في محور حديثه عن مدى اهتمام المدارس العربية باكتشاف أنماط التعليم.

وأضاف:"أنماط التعليم لا تزال تقليدية رغم محاولات الخروج منها، فالعامل ثقافي أكثر من أي شيء آخر، وقد يعود ذلك لثقافة عدم استيعاب الرأي الآخر".

اقرأ أيضا:هل يصبح التعليم المنزلي بديلاً لمشكلات المدارس؟

في حين يرى بشارات أن الاهتمام بهذا المجال بدأ في العالم العربي، إلا أنه لا يزال بطيئاً على مستوى الوزارات، مضيفاً:"بدأ الاهتمام به في المدارس الخاصة، باعتباره شيئاً نموذجياً، أما على مستوى الحكومات، فعلى الرغم من أن بعض الحكومات تبنت هذه الأعمال، لكن الأمر ما زال على استحياء بعالمنا".

"المدراس العربية بحاجة لقرار حقيقي من وزارات التربية والتعليم، وإدخال التكنولوجيا بالتعليم، فالعقلية العربية جاهزة ولديها قدرات"، هذا ما أشار له مدرب التنمية البشرية في إطار حديثه عن إدخال التكنولوجيا بالتعليم، مشيراً إلى أن ذلك سيكون له فائدة غير عادية، في تطوير الطالب، والتماشي مع العصر".

فإدخال الحاسوب بالتعليم وفق بشارات، سيسرع من قدرات الطالب ويطور مهاراته، ويساعده بالبحث ويطور من طرق التعليم لديه، بحيث يصبح التعليم نوعياً، ويتعلم بطريقة المحاكاة، ويطور عنده من حل المشكلات والتعلم الذاتي ويسرِّع من فهمه، ويصبح لديه قدرة غير عادية في التعلم، وإقبال مميز على المدرسة.

ويشدد، الدكتور رمضان، أستاذ المناهج، في ختام حديثه على أهمية استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمة كونها ستعمل على تسهيل اكتشاف النمط التعليمي الخاص بالفرد، إضافة لوجود برامج تعليمية تساعد ضمن خطوات معينة.

اقرأ في الملف: 
ماذا تقول نظريات عمل الدماغ عن طفلك؟
مواهب وذكاءات الأبناء.. استثمار سليم أم استغلال ربحي


دلالات
المساهمون