علماء أوروبيون: تغير المناخ فاقم موجة الحرّ في السعودية خلال موسم الحج

28 يونيو 2024
حجّاج لم يتحملوا موجة الحرّ الشديدة في منى/ 16 يونيو 2024 (فاضل السنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- فريق من العلماء الأوروبيين أكد أن تغير المناخ زاد من شدة موجة الحر خلال الحج بالسعودية، مما أدى لوفاة 1300 شخص، وأن درجات الحرارة كانت أعلى بـ2.5 درجة مئوية بسبب تأثيرات الأنشطة البشرية.
- الدراسات تظهر أن موجات الحر في السعودية أصبحت أكثر حدة وتواتراً على مدى العقود الأربعة الماضية بسبب تغير المناخ، مع تأكيد على دور الأنشطة البشرية، خاصة حرق الوقود الأحفوري، في هذه الزيادة.
- تغير المناخ يؤثر سلباً على حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة، مع دعوات للسعودية لاتخاذ إجراءات أكثر فعالية لمواجهته وتقليل الانبعاثات، خاصة لحماية الحجاج من مخاطر زيادة درجات الحرارة.

قال فريق من العلماء الأوروبيين، اليوم الجمعة، إنّ تغيّر المناخ فاقم موجة حارّة شهدتها السعودية وتسببت بوفاة 1300 شخص أثناء أداء فريضة الحجّ هذا الشهر. وبلغت درجات الحرارة من 16 إلى 18 يونيو/ حزيران الجاري 47 درجة مئوية وفي بعض الأحيان تجاوزت 51.8 درجة مئوية في الحرم المكي. وأفاد تحليل لمنصة كليماميتر للطقس بأن درجات الحرارة كان من الممكن أن تكون أقل بنحو 2.5 درجة مئوية لولا تغيّر المناخ الذي سببته الأنشطة البشرية. وتجري كليماميتر تقييمات سريعة لدور تغيّر المناخ في ظواهر جوية معينة.

واستخدم العلماء مشاهدات الأقمار الصناعية خلال العقود الأربعة الماضية لمقارنة أنماط الطقس من 1979 إلى 2001 ومن 2001 إلى 2023. ورغم تسجيل درجات حرارة خطيرة منذ فترة طويلة في المملكة الصحراوية، قال العلماء إن التغيّرات الطبيعية لم تقدم تفسيرا لشدّة موجة الحرّ هذا الشهر وإن تغيّر المناخ جعلها أكثر حدة. ووجد التقييم أيضا أن ارتفاعات سابقة مماثلة في درجات الحرارة حدثت في السعودية في شهري مايو/ أيار ويوليو/ تموز، لكن يونيو/ حزيران الآن يشهد موجات قائظة أكثر حدة. وقال دافيدي فاراندا، وهو عالم مناخ في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي شارك في تحليل كليماميتر: "الحرارة المميتة خلال موسم الحجّ هذا العام مرتبطة ارتباطا مباشرا بحرق الوقود الأحفوري وأثّرت على الحجّاج الأكثر ضعفا".

وتسبب تغيّر المناخ في جعل موجات الحرّ أشد سخونة وأكثر تواترا وأطول أمدا. وتشير نتائج سابقة توصل إليها علماء من مبادرة "ورلد ويذر أتربيوشن" إلى أن موجات الحرّ أصبحت أكثر سخونة بما يصل إلى 1.2 درجة مئوية في المتوسط على مستوى العالم مما كانت عليه قبل عصر الصناعة. وبشكل عام، لا تعزو السلطات الصحية الوفيات إلى الحرارة بل إلى أمراض الشريان التاجي أو القلب التي تتفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ومع ذلك، قال خبراء إنه من المحتمل أن تكون الحرارة الشديدة قد لعبت دورا في العديد من وفيات الحجّ هذا العام وعددها 1300.
وقال مدير مركز أبحاث "باور شيفت أفريكا" غير الربحي محمد أدو: "فكرة أن أداء ركن من أركان الإسلام أصبح الآن خطيرا جدا يجب أن تكون دعوة للانتباه". وأضاف "السعودية واحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، وغالبا ما تعمل على تقويض وتأخير العمل المناخي. إنها بحاجة إلى إدراك أن أفعالها لها عواقب". ورغم أن وفيات الحجّ المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة ليست أمرا جديدا، لكن تغيّر المناخ جعل ظروف أداء المناسك أصعب وأكثر تهديدا للصحة. وخلصت دراسة أجريت عام 2021 إلى أنه إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن مخاطر إصابة الحجاج بضربات شمس ستزداد خمس مرات. 

والسعودية هي ثاني أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة، وشركة النفط الحكومية العملاقة أرامكو هي أكبر شركة في العالم تتسبب في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهي مسؤولة عن أكثر من أربعة بالمائة من انبعاثات الكربون التاريخية في العالم، وفقا لقاعدة بيانات كبرى الكيانات المسببة لانبعاثات الكربون. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن تغيّر المناخ أثّر سلبًا على التمتع بجميع حقوق الإنسان أو إعمالها. إلّا أنّ آثاره قد تأتي متفاوتة وغير متناسبة على مختلف الأفراد والجماعات. وهو يؤثر أيضًا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيّما على الهدف 13 منها (اتخاذ إجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره).

(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)