مع كل ساعة تستمر فيها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يفقد السجل المدني عائلة جديدة من الجد إلى الحفيد، بفعل القصف الذي يستهدف أحياء بأكملها من دون سابق إنذار، ما أدى إلى سقوط أكثر من ألف شهيد، منهم مئات الأطفال والنساء في غضون أيام، من ضمنهم ما يقارب 20 عائلة بأكملها.
في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، يقف الدكتور خالد أبو قوطة فوق ركام منزل أحد أقربائه في حي الشابورة وسط المدينة، الذي دمرته طائرات الاحتلال الإسرائيلي فوق رؤوس ساكنيه وهم نيام في إحدى ليالي العدوان على القطاع، ما أدى إلى استشهاد 19 فرداً من العائلة، هم الأب والأم والأبناء.
ويقول أبو قوطة لـ"العربي الجديد" إن "ابن عمه محمد أبو قوطة وعائلته كانوا آمنين في منزلهم، وسط غياب الحركة وخصوصاً في الليل، بالتزامن مع القصف الإسرائيلي المتواصل على كافة مناطق قطاع غزة. لكنهم فوجئوا مساء اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي بقصف من الطائرات الحربية على المنزل المكون من أربعة طوابق. وما إن تعرض المنزل للقصف بصواريخ ثقيلة، حتى تحول إلى ركام فوق رؤوس أصحابه".
يضيف أن ما جرى شكّل صدمة لكل العائلة، وأن أقرباءه من قاطني البيت، بينهم شقيقته، الذين ارتقوا جميعاً شهداء، ليس لهم أي علاقة بعمل تنظيمي أو عسكري يجعلهم مطلوبين من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهدفاً ثميناً لطائراته، وخصوصاً في اليوم الأول من العدوان، ما يشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يرتكب الجرائم بغية الانتقام لنفسه، بغض النظر عن تعرض الأبرياء للموت بلا ذنب أو تهمة، سوى أنهم فلسطينيون ويقطنون في قطاع غزة.
وعلى الرغم من الألم الذي أصاب الأقارب وسكان الحي بأكمله بسبب ما جرى بحق أسرة سليم أبو قوطة التي لن تذكر مجدداً إلا في عداد الشهداء وذكريات هذه الحرب على غزة بعدما تنتهي، يرى هؤلاء أن ما جرى يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان بحق عائلة مدنية لم ترتكب أي خطأ، وقد أنهى حياتها بهذه الطريقة البشعة، ما يستلزم اهتماماً رسمياً فلسطينياً في القضية.
ويقول إن شهداء عائلته هم فاتن حامد أبو قوطة، وعبد القادر محمد أبو قوطة، ومحمد عبد القادر أبو قوطة، ويوسف عبد القادر أبو قوطة، ومهند عبد القادر أبو قوطة، وعبد الحميد محمد أبو قوطة وزوجته سارة خالد أبو مر، وسلامة عبد الحميد أبو قوطة، وخالد عبد الحميد أبو قوطة، ومحمد عبد الحميد أبو قوطة، وهلا عبد الحميد أبو قوطة، وهيا عبد الحميد أبو قوطة، وعبد الكريم محمد أبو قوطة، وسلامة محمد أبو قوطة، وآية سليم أبو قوطة، ورهف سليم أبو قوطة، ومهند سليم أبو قوطة، ومحمد سليم أبو قوطة، وهشام زياد أبو قوطة.
ولا يختلف حال عائلة الصحافية الفلسطينية سلام خليل ميمة عن حال عائلة أبو قوطة، هي التي استشهدت مع زوجها وأطفالها الثلاثة في قصف لطائرة حربية إسرائيلية استهدفت منزلهم في منطقة بئر النعجة شرقي مخيم جباليا. ويقول أحد أقرباء زوجها الشهيد محمد عبد الناصر المصري، الذي كان يعمل مدرساً، لـ "العربي الجديد": "إن طائرات الاحتلال قصفت الحي الذي يسكنونه بالكامل، فارتقى ابن عمي محمد وزوجته الصحافية سلام وأبناؤهما جميعاً هادي وعلي وشام، ولم يبق أحد من العائلة كي يبكي الزوج زوجته أو الأخ شقيقته. جميعهم رحلوا في لحظة إجرام إسرائيلية".
يضيف أن الاحتلال الإسرائيلي "لم يعط فرصة لهذه العائلة كي تنجو بنفسها من حمم المتفجرات التي سقطت على منزلها بلا سابق تحذير، على الرغم من أنه لا علاقة للعائلة بأي عمل عسكري قد يشكل ذريعة للاحتلال، فالأب معلم والأم صحافية والأبناء أبرياء لكن إسرائيل مجرمة".
إلى ذلك، يقول رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف، لـ "العربي الجديد"، إن المجازر التي طاولت العائلات بشكل مباشر من خلال استهداف المواطنين في منازلهم دون سابق إنذار وصلت إلى 23 عائلة، جزء من هذه العائلات مسحت بالكامل من السجل المدني، بمعنى استشهاد الأب والأم والأطفال. والبعض الآخر فقد عدداً من أفراد عائلته في إطار 23 مجزرة ارتكبها الاحتلال بالقصف المباشر لبيوت المواطنين وهم بداخلها دون إنذار أو تحذير".
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أعلن حرباً شاملة ضد قطاع غزة منذ يوم السبت الماضي بعد عملية طوفان الأقصى التي بدأتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة، رداً على اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه على المسجد الأقصى والأسرى والضفة والداخل المحتل وحصار قطاع غزة المستمر منذ 17 عاماً.