أمضى الطبيب محمد زيتون سنوات وهو يعالج ضحايا الحرب السورية، لكنّه لم يسبق له أن رأى مثل عدد الجرحى وفداحة الإصابات التي خلّفها الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسورية يوم الإثنين الماضي في السادس من فبراير/ شباط الجاري.
وقال زيتون، وهو جرّاح من مدينة حلب يعمل منذ وقوع الزلزال في أحد المستشفيات بمدينة باب الهوى على الحدود السورية-التركية، إنّ "هذه فاجعة كبيرة. لقد خبرت عمليات قصف ونجوت من مذابح. هذا مختلف تماماً، إنّه أمر مرعب ومروّع".
ويقع المستشفى في منطقة تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سورية، وقد تعرّضت لقصف روسي وسوري عنيف في خلال الصراع الذي تشهده البلاد وأودى بحياة مئات الآلاف. ويعيش في تلك المنطقة عدد كبير من النازحين الذي لجأوا إليها من مناطق أخرى في سورية.
أضاف زيتون أنّ "الموجة الضخمة الأولى من المصابين تجاوزت قدرة أيّ فريق طبي". يُذكر أنّ العيادة الخارجية في المستشفى تحوّلت إلى عنبر، ووُضِعت فرش على الأرض بسبب امتلاء الغرف بالضحايا وأفراد أسرهم.
واستعاد زيتون كيف أنّ الحالات التي كانت تقصد المستشفى لتلقّي العلاج من جرّاء إصابتها بالقصف المدفعي والجوي، "كانت تدخل الواحدة تلو الأخرى في أعداد صغيرة". ولفت إلى أنّ المستشفى يشهد أخيراً دخول 500 حالة يومياً بسبب الزلزال، الأمر الذي يتطلّب إجراء عشرات العمليات.
وقد سارع المسعفون إلى علاج أفراد أسر بأكملها بعد نقلهم إلى المستشفى بسبب جروح في الرأس وكسور متعدّدة وإصابات في العمود الفقري وقصور في وظائف بعض أعضاء الجسم وغير ذلك.
وتابع زيتون أنّ "جرحى كثيرين يموتون في خلال ساعة أو ساعتَين من الصدمة أو السكتة القلبية أو النزيف، خصوصاً إذا ظلوا تحت الأنقاض في هذا الطقس البارد لمدّة 11 أو 12 ساعة".
يُذكر أنّ أفنية بعض مستشفيات المنطقة حُوّلت إلى مشارح مؤقتة، فوُضِعت فيها الجثامين في أكياس، في انتظار أن تتعرّف عليها عائلاتها.
وبيّن زيتون أنّ مخزون فرق الطوارئ بالمستشفى ينفد من المضادات الحيوية والمهدّئات والمعدّات الجراحية وأكياس الدم والضمادات والقطرات في ظلّ إغلاق الحدود السورية-التركية.
وقد ينضب مخزون المستلزمات العلاجية في المستشفيات الرئيسية بالمنطقة في خلال أسبوع على الأكثر، لا سيّما أنّ أدوية قليلة وصلت في الأشهر الأخيرة وثمّة حاجة ماسة إلى استئناف تدفّق المساعدات عبر الحدود مع تركيا.
لكنّ ثمّة دماراً واسع النطاق كذلك من الجانب الآخر من الحدود، في مدينة هاتاي التركية. وأكّد زيتون: "إنّها كارثة إنسانية من الجانبَين".
(رويترز)