"طالبان" لا تنسى اللاجئين الأفغان

17 أكتوبر 2023
لاجئون أفغان يغادرون كراتشي تنفيذاً لقرار الحكومة الباكستانية (صابر مظهر/ الأناضول)
+ الخط -

في خضم ما يحل باللاجئين الأفغان في باكستان، والذي يصفه وزير الدفاع الأفغاني الملا يعقوب بأنه "همجي"، حلّت كارثة زلزال 7 أكتوبر/ تشرين الأولى الجاري التي قتلت أكثر من 2500 شخص، فاعتقد كثيرون منهم بأن ملفهم أصبح منسياً، لكن حكومة حركة "طالبان" وكبار مسؤولي البلاد أكدوا اهتمامهم بالقضية، إذ أشار كل من تحدثوا عن الزلزال إلى ما حلّ بالأفغان في باكستان. وهم طالبوا المجتمع الدولي بالضغط على باكستان كي تعيد النظر في قرار إخراج نحو 1.7 مليون شخص بحلول الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لكن إسلام آباد تمسكت بقرارها، ما جعل كابول ترفض المساعدات الباكستانية لمتضرري الزلزال.
قال نائب رئيس الوزراء، رئيس لجنة الإشراف على أعمال الإسعاف وإغاثة متضرري الزلزال الملا عبد الغني برادر، في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري: "يتعرض اللاجئون الأفغان في باكستان إلى مضايقات شديدة وظلم في باكستان، وملف اللاجئين الأفغان على رأس الأولويات في أي مكان يوجدون فيه، ونحن لن ننسى هذا الملف في أي ظرف".

وشدد على أن "تصرفات باكستان في حق اللاجئين العزل والأبرياء وخلق مشاكل لهم لن تخدم مصلحتها، بل ستضرها، لذا نطالب باكستان بأن تغيّر تعاملها مع اللاجئين الأفغان".

وسبق ذلك قول وزير الدفاع الأفغاني الملا محمد يعقوب، وهو الرجل الأقوى في حركة طالبان على صعيد النفوذ، في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري: "تصرفات باكستان في حق اللاجئين الأفغان همجية، وقراراتها تجاههم مبنية على الظلم وعدم الإنصاف، وحكومة طالبان تؤمن بالعلاقات السلمية مع كل دول الجوار، لكن إذا استمرت باكستان في نهجها الحالي مع اللاجئين الأفغان لن نمشي على هذا النهج".
ويؤكد ذلك أن حكومة "طالبان" تتعامل بجدية مع ملف اللاجئين الأفغان في باكستان الذي حضر حتى في وقت كارثة الزلزال. ويقول مسؤول مهم في الحركة لـ"العربي الجديد"، رفض كشف هويته: "لم تقبل حكومة طالبان مساعدات باكستان لمتضرري الزلزال من دون أن تعلن ذلك رسمياً، بينما أوصلت كل دول المنطقة وأخرى في العالم مساعدات في الأيام الماضية"، علماً أنها كانت ستشمل 5 آلاف خيمة، و15 ألف بطانية، ومواد غذائية وأدوية، وأيضاً إرسال فرق طبية.
وكان رئيس الوزراء الباكستاني أنوار الحق كاكار قد أدلى بتصريحات وصفها كثيرون بأنها مهينة في حق اللاجئين الأفغان ودولة أفغانستان، وبينها وصفه الأفغان بأنهم "بلا وفاء". كما ذكر أن "حكومة طالبان طالبت باكستان بإرسال مساعدات وفرق طبية، وهو ما استجابت له باكستان عبر إرسال 50 خيمة و500 لحاف"، وهذه أرقام خاطئة مقارنة بحجم المساعدات الذي أعلنته هيئة إدارة الكوارث والأزمات الباكستانية، وهو ما اعتبره مصدر في حكومة "طالبان" بأنه استهزاء بالشعب الأفغاني.
ويؤكد المصدر أن "طالبان لم تطلب أي مساعدة من باكستان في أي وقت وفي هذا الظرف تحديداً الذي يشهد وضع نساءنا وأطفالنا في سجون باكستان من دون داع ومبرر، لذا رفضت حكومة طالبان مساعدات باكستان".

مخيم للاجئين أفغان في إسلام آباد (محمد سميح إيغورلو/ الأناضول)
مخيم للاجئين أفغان في إسلام آباد (محمد سميح إيغورلو/ الأناضول)

وفي الماضي كانت مؤسسات خيرية باكستانية وأخرى تابعة لأحزاب دينية تجمع مساعدات لأي حالة طارئة في أفغانستان أو في دولة مجاورة، لكنها لم تتحرك هذه المرة حيال الزلزال المدمر الذي ضرب ولاية هرات، في حين حاولت حركة حماية البشتون، وهي حركة شبابية تنشط للمطالبة بحقوقها من الحكومة الباكستانية، وتدعو إلى توحيد قبائل البشتون في أفغانستان وباكستان جمع تبرعات ومساعدات لمتضرري زلزال  أفغانستان، قبل أن تعرقل السلطات الباكستانية هذا الأمر، من دون أن توضح السبب.
ويقول الناشط الأفغاني محمد سرور لـ"العربي الجديد": "بعدما يئست باكستان من أن تقبل طالبان مطالبها، وعلمت أن أفغانستان خرجت من قبضتها وأن وضعها يتحسن من كل النواحي، حركت أوراقاً عدة، منها دعم تنظيم داعش، لكن هذه الورقة فشلت، وهي تستخدم كل الوسائل للضغط على طالبان والنيل من سمعتها والإساءة إلى أفغانستان، ومنها معاملة اللاجئين الأفغان بقسوة، لكن كل ذلك سيفشل، ولن ينسى الأفغان هذه المعاملة السيئة من باكستان".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

من جهته، أعلن زعيم "طالبان" الملا هيبت الله أخوند زاده، في 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تشكيل هيئة بقيادة نائب رئيس الوزراء للشؤون الإدارية الملا عبد السلام حنفي كلّفها بمهمة وضع خطط متكاملة للتعامل مع قضية اللاجئين في باكستان والاستعداد لاستقبالهم.
أما باكستان فلا تزال مصرّة على موقفها السابق، إذ قال رئيس وزرائها أنوار الحق كاكر في 12 من الشهر الجاري إن "الأفغان الذين دخلوا باكستان بشكل غير شرعي لا بدّ أن يخرجوا منها في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ونحن نريد علاقات جيدة مع أفغانستان في إطار القوانين والأعراف السائدة، وأن يدخل الأفغان بلدنا بتأشيرة وجواز سفر كما كل الأجانب".

المساهمون