استمع إلى الملخص
- تتولى عمة الطفلتين رعايتهما في ظل نقص الأدوية والمواد الغذائية بسبب إغلاق المعابر، مما يزيد من معاناتهما الجسدية والنفسية.
- يواجه القطاع الصحي في غزة تحديات بسبب الحصار، مما يعيق تقديم الرعاية الصحية، وتطالب العائلة بتحويل الطفلتين للعلاج في الخارج، لكن الإغلاق المستمر للمعابر يحول دون ذلك.
لا تتوقف الطفلتان الجريحتان حنان الدقي (3 سنوات) وشقيقتها مسك (عامين) عن البكاء والمناداة على والدتهما شيماء التي قضت شهيدة إثر قصف إسرائيلي لمنزل العائلة في دير البلح وسط قطاع غزة في سبتمبر/أيلول الماضي، فيما أصيب والدهما بإصابات بليغة لا يزال يتلقى العلاج إثرها. لتجتمع على الطفلتين آلام الفقد والحروق وبتر الأطراف، وهما في بداية حياتهما التي تتطلب رعاية الأمومة على مدار الوقت.
أطراف الطفلتين اللتين كانتا تلهوان داخل منزلهم عصرا تناثرت بين الأثاث والركام جراء إطلاق الطائرات الحربية الإسرائيلية صاروخين، حولا مشهد الأمان والاطمئنان في كنف الأب والأم إلى مشهد مختلف تماما يغلب عليه الدم والأشلاء والدمار والخوف والصراخ والعويل.
وعلى الرغم من محاولة عمة الطفلتين تسليتهما بالألعاب على سرير متواضع في أحد طرقات مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، إلا أن عدم إدراكهما فقدان أمهما يجعلهما في حالة بكاء هستيرية متواصلة، طلبا لحنانها ورعايتها في سنوات عمرهما الأولى.
وتقول الفلسطينية شفا الدقي، وهي عمة الطفلتين التي نزحت من مخيم جباليا للاجئين شمالي القطاع، إنها تولت رعايتهما بدلا عن والدتهما الشهيدة إثر القصف الإسرائيلي المباشر والمباغت لمنزل العائلة، والذي حدث من دون أي تحذير مسبق أو طلب للإخلاء، إلا أنهما لا تتوقفان عن البكاء طلبا لوالدتهما، بفعل عدم إدراكهما سبب غيابها عنهما منذ شهر ونصف.
وتبين الدقي لـ"العربي الجديد" أن القصف الإسرائيلي المباشر بصاروخين لمنزل العائلة تسبب باستشهاد الأم شيماء أبو شملة (25 عاما) إلى جانب إصابة زوجها محمد الدقي، الذي سُحب من تحت الأنقاض، بإصابات بليغة، دخل إثرها إلى العناية المكثفة، حيث أصيب ببتر في أصابع قدمه وجرح في قدمه الثانية، إلى جانب شظايا في عينه وصدره ورأسه من الخلف وباقي أنحاء جسده.
وتقول الدقي إن إبنة أخيها حنان أعلن عن استشهادها بداية الحدث برفقة والدتها، حيث قذفها لهب القصف الشديد نحو ستة أمتار خارج البيت، وبعد اكتشاف أنها ما زالت على قيد الحياة، نُقلت إلى المستشفى وأجريت لها العمليات المستعجلة، حيث خضعت لعملية بتر أطراف فوري جراء تهتك قدميها، إلى جانب عملية استعادة الأمعاء بفعل إصابتها بفتق في الأمعاء وثقب في الأمعاء الغليظة، علاوة على إصابتها بكسر في الجمجمة.
وبخصوص شقيقتها الطفلة (مسك)، فقد تعرضت قدمها لبتر مباشر جراء القصف، وقد وجدت قدمها اليسرى المبتورة بين العفش خلال عمليات البحث بين الركام، فيما لا زالت تخضع لبوتوكول علاجي بعد تنظيف الجروح وتغريزها، وفق حديث الدقي.
وتوضح عمة الطفلتين أنهما تعانيان إلى جانب آلام الجروح والحروق من تأثيرات متواصلة، حيث تصابان على مدار الوقت بسخونة، إلى جانب التهاب الجروح في ظل نقص الأدوية والمواد الغذائية الغنية بالفيتامينات والبروتينات نتيجة إغلاق المعابر، والتي يمكنها مساعدتهما على استجماع قوتهما والتغلب على أوجاعهما، علاوة على نقص الحفاضات اللازمة لهما، وارتفاع أسعارها إلى نسب غير مسبوقة.
وإلى جانب الجروح والبتر الذي يرهق الطفلتين، باتت التأثيرات النفسية التي تعاني منها حنان ومسك تظهر جراء فقدان أطرافهما وعدم قدرتهما على الحركة واللعب، كما جرت العادة، إلى جانب التغيير التام في كل تفاصيل حياتهما بعد فقدان والدتهما، وغياب والدهما نظرا لظروف الإصابة التي تلزمه غالبا بالبقاء على سرير المستشفى، وفق ممرضة تتابع حالتهما.
وطلبت عائلة الطفلتين تحويلهما إلى الخارج لمتابعة علاجهما في ظروف أفضل، خاصة في ظل نمو العظام داخل القدم المبتورة لحنان وعدم توفر الأدوية والمستهلكات الطبية اللازمة، إلى جانب الحاجة إلى قص عظام بشكل آمن من دون التسبب بآثار جانية يمكن أن تعرض الطفلة للخطر، إلا أن الإغلاق المتواصل للمعابر لا يزال يحول بينهما وبين السفر لمتابعة الرعاية والعلاج.
ويشكو القطاع الصحي في غزة من تدمير إسرائيلي ممنهج، أدى لأضرار فادحة في القطاع الأهم، وبات الحديث عن استشهاد جرحى كانوا يحتاجون بعض العلاج فقط أمراً طبيعياً في ظل التضييق الإسرائيلي على القطاع الصحي ومنع المستلزمات الطبية ومنع دخول الوفود الطبية من الخارج، وكذلك منع الفلسطينيين المحتاجين للتدخلات العلاجية من السفر للعلاج.