في فضيحة جديدة لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ أصدر وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، يوم الخميس، قراراً بتعيين الأكاديمي الموالي للسلطة الحاكمة صلاح فضل، في منصب القائم بأعمال رئيس مجمع اللغة العربية، على الرغم من خسارته في انتخابات رئاسة المجمع بفارق كبير من الأصوات الشهر الماضي، أمام عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف حسن الشافعي.
وقال فضل في تصريحات صحافية، إن "إعلان فوز الشافعي لرئاسة مجمع اللغة العربية هو محل خلاف كبير، ما دفع المجلس الأعلى للجامعات إلى عدم اعتماد نتائج الانتخابات الأخيرة"، زاعماً أنه "خاض معركة فكرية حول ضرورة تغيير قانون مجمع اللغة العربية، وتعديل نظام الانتخابات، بعد تولي الشافعي رئاسة المجمع للمرة الثالثة على التوالي، منذ انتخابه للمرة الأولى في عام 2012".
وأضاف فضل، أن "مجمع اللغة العربية يتبع وزارة التعليم العالي، وهي لم تصدق على نتيجة الانتخابات الأخيرة على رئاسة المجمع"، مدعياً أن "التقليد السائد منذ تأسيس المجمع هو التجديد للقيادات لفترتين فقط بإجمالي 8 سنوات، بما يتطلب إعادة النظر في التجديد الأخير لرئيس المجمع، وضخ دماء جديدة حتى يعود إلى سيرته الأولى في مراحل الازدهار"، على حد تعبيره.
وتابع: "من غير المقبول فوز أحد الأشخاص الذين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، ومعروف عنه وقوفه على منصات اعتصام (رابعة العدوية)"، مستكملاً أن "قرار تعيينه كقائم بأعمال رئيس المجمع جاء أسوة بما يحدث في الجامعات، لحين إجراء انتخابات صحيحة، وتعديل بعض قوانين المجمع، واتخاذ العديد من الإجراءات المهمة لإعادته مرة أخرى إلى طابعه المدني، بعدما تحوّل إلى مؤسسة شبه دينية"، حسب زعمه.
وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقد المجمع جلسة انتخاب رئيسه، والتي أسفرت عن فوز الشافعي لمدة 4 سنوات مقبلة، بعد حصوله على 17 صوتاً من أصل 26 صحيحاً، مقابل 9 أصوات فقط لفضل، الذي عين في لجنة الخمسين لإعداد الدستور بقرار من السلطة العسكرية الحاكمة، في أعقاب انقلاب الجيش (بقيادة السيسي) على الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي.
وأشرفت أمانة المجلس على العملية الانتخابية طبقاً لقانون المجمع، ولائحته الداخلية، وكان من المفترض أن يصدر رئيس الجمهورية قراراً باعتماد انتخاب رئيس المجمع طبقاً للمادة العاشرة من قانون المجمع، والتي نصت على أن يكون "انتخاب المرشح صحيحاً إذا حصل على الأغلبية المطلقة لهؤلاء الأعضاء، ويصدر باعتماد انتخاب الرئيس قرار من رئيس الجمهورية، بناءً على عرض من الوزير المختص".
الشافعي هو أول أزهري يرأس مجمع اللغة العربية في مصر، وشغل عضوية عدد من الهيئات والمؤسسات العلمية الإسلامية
وصلاح فضل حاصل على ليسانس كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وعمل معيداً بالكلية منذ تخرجه حتى عام 1965، حيث أوفد في بعثة للدراسات العليا بإسبانيا، وحصل على درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة مدريد المركزية عام 1972، وعمل بعد عودته أستاذاً للأدب والنقد بكليتي اللغة العربية والبنات بجامعة الأزهر، كما رأس قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة عين شمس، وله العديد من المؤلفات والدراسات النقدية والأدبية.
وبوضع النظام المصري صلاح فضل في منصب القائم بأعمال رئيس المجمع، يكون قد داس على الديمقراطية وأحكام القانون كما جرت العادة منذ انقلاب عام 2013، لا سيما أن الشافعي هو أحد المقربين من شيخ الأزهر أحمد الطيب، والمدافعين عن مواقفه في مواجهة السيسي. والشافعي هو أول أزهري يرأس مجمع اللغة العربية في مصر، ويملك العشرات من البحوث العلمية والفكرية، فضلاً عن شغله عضوية عدد من الهيئات والمؤسسات العلمية الإسلامية. كما انتخب من أعضاء مجلسي الشعب والشورى السابقين لعضوية اللجنة التأسيسية لوضع دستور 2012. وكان من أوائل الرافضين للانقلاب العسكري، إذ أصدر بياناً قوياً يستنكر فيه ما وقع، كما أدان مذبحة المنصة، ثم مجزرتي رابعة العدوية والنهضة بحق المعتصمين السلميين من أنصار مرسي.
وعين الشافعي معيداً بكلية دار العلوم، واعتقل أكثر من مرة، وحصل على درجة الماجستير في عام 1969، ثم درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن عام 1977، ليتنقّل في العمل بين جامعات عدة، منها أم درمان بالسودان، والإسلامية العالمية بباكستان، وصولاً إلى اختياره عضواً في مجمع اللغة العربية عام 1994.