لم تنته معاناة أمّهات المهاجرين التونسيين المفقودين، فالجرح ما زال مفتوحاً، وهنّ ينتظرن إلى اليوم أي بصيص أمل لكشف لغز اختفاء أبنائهن بعد ركوبهم مغامرات رحلات هجرة سرية إلى إيطاليا.
ورغم مرور سنوات على اختفاء فلذات أكبادهن وانقطاع أيّ أخبار عنهم، فإنّ الانتظارات تتجدد مع كل ذكرى لليوم العالمي للمهاجرين (في 18 ديسمبر/كانون الأول من كل عام).
وتؤكد رشيدة الباجي، وهي أمّ المفقود أيمن العياري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ ابنها فُقد في 14 مارس/آذار 2011، ومنذ ذلك التاريخ تبحث عنه، إذ سافرت مرتين إلى إيطاليا ولكن لا جديد في الملف، مشيرة إلى أن محامية إيطالية وصلت إلى أحد المفقودين ويدعى وليد الدربالي، وقد هاجر في المركب نفسه مع ابنها وهو معتقل.
وتضيف أنّها تسعى منذ ذلك التاريخ للسفر مجدّدا، ولكن طلبها يُرفض في كل مرة، مؤكدة أنّ الأبناء المفقودين أحياء وعلى السلطات التونسية التحرك لكشف لغز هذا الملف، وتوضح أن "الأمهات تعبن كثيرا وبعضهن أصبن بالمرض بعد 11 سنة من الصبر والمعاناة. وككل ذكرى للمهاجرين تتشنج الأعصاب ويزيد قلقهن وتتحول الذكرى إلى تعب وشقاء، فوراء 560 مفقودا أمهات ينتظرن".
وتؤكد سعاد بن ساسي أن ابنها بدر الدين المسلمي مفقود منذ 14 مارس/ آذار 2011، مبينة في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ ما يجعلها متيقنة من أن ابنها لا يزال على قيد الحياة وجود شريط فيديو يوثّق صعود المفقودين في حافلة ووجود ابنها بينهم، "فلو أن أبناءنا ماتوا لاستسلمنا كأمهات وقبلنا بالأمر الواقع ولم ننتظر 11 عاما" .
وترى بن ساسي أن هناك حقيقة غائبة ولغزا حول مصير أبنائهن، مضيفة أن "هاتف ابني ظل يرن بعد 4 أيام من الهجرة، لو غرق لغرق هاتفه معه"، مؤكدة أنهن سيتابعن البحث عنهم طالما أن هناك صورا وأدلة تؤكد وصولهم إلى لامبيدوزا، مرجحة "وجود اتفاقية في فترة الباجي قائد السبسي تقضي بعدم عودة المهاجرين، ولهذا ظلوا هناك وظل اللغز معهم".
وتؤكد رئيسة جمعية المصير لشباب المتوسط منيرة الشقراوي، لـ"العربي الجديد"، أنها أم مفقود وتمثل أمهات المفقودين من عدة محافظات، "وهذه الذكرى هي يوم حزن على ما فقد وما يفقد من مهاجرين"، مبينة أن الوجع يكبر لأن الأمهات لم يصلن إلى أي نتيجة في ظل فشل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة.
وتقول المتحدثة إنه "لا أمل في الاهتمام بملف الهجرة وقضايا المهاجرين"، مشيرة إلى أنه "يوميا يغادر عشرات الشباب ويفقد آخرون ويغرق البعض، وهناك مفقودون في معتقلات إيطالية بحسب صور ومعطيات جمعنها ووثقنها، وبالتالي فهن لا يتحركن من فراغ، وفي الحقيقة هناك جريمة دولة وستتم مقاضاة الحكومتين التونسية والإيطالية عند كشف ملف المفقودين".