143 سيدة من غرينلاند يقاضين الدنمارك بسبب فضيحة "لوالب منع الحمل"

05 مارس 2024
مقاضاة الدنمارك لإجبارها نساء غرينلاند على عدم الإنجاب (ناصر السهلي)
+ الخط -

تواجه مملكة الدنمارك دعوى قضائية من 143 سيدة من جزيرة غرينلاند، التي تتمتع بحكم ذاتي تحت التاج الدنماركي. وذلك على خلفية ما بات يُعرف بقضية "فضيحة اللوالب المانعة للحمل".

وتعود القضية إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، عندما وجهت كوبنهاغن العيادات التابعة لها على أرض الجزيرة الجليدية القطبية الشمالية (مستعمرة من الدنمارك على مدار قرون خلت) بما يشبه تطبيق تحديد نسل السكان الأصليين، بوضع لولب منع حمل دون موافقة النساء ومعرفتهن، ما حرم آلاف النساء من الحمل. وفُتح تحقيق مشترك مع سلطة الحكم الذاتي في غرينلاند للإجابة عن تفاصيل ما كان يجري بحق النساء. لكن شيئاً لم يحدث منذ 2022. ويبدو أن الدنمارك لم تكن في عجلة من أمرها، ما دفع الـ 143 سيدة إلى إطلاق محاكمة الدولة الدنماركية أمام المحاكم في كوبنهاغن ابتداء.

الدنمارك تتجاهل حق النساء في التعويض

وتطالب النساء، المدعومات بمواقف حقوقية محلية وأوروبية، بالتعويض عما يصفنه بـ"انتهاكات لحقوق الإنسان". وكانت 67 سيدة قد رفعن مطالب تعويض في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن الدنمارك تجاهلتهن تماماً، ما دفع منظمات نسوية محلية في غرينلاند، أمس الاثنين، إلى جمع 143 قضية لتقديمها أمام المحاكم.

المبلغ الذي تطالب به كل سيدة كتعويض عن التدخل القسري بحقهن لا يتعدى 300 ألف كرونه (أقل من 50 ألف دولار)، وبعضهن وصلن سن الثمانين، ويرين أن دفع التعويض هو بمثابة اعتراف رسمي وإنصاف لهن عن فرض اللولب لمنع الحمل.
المبلغ الإجمالي للتعويضات الذي يأتي بناء على انتهاك "الحق بحياة أسرية" يصل إلى نحو 43 مليون كرونه. وإذا لم تسارع الحكومة الدنماركية، بحسب وصف حقوقيين يتابعون قضايا التعويض، إلى تلبية المبلغ المطلوب فقد يشهد العدد زيادة أكبر، بحيث تكون الأرقام المطلوبة أكبر من الحالية. وإذا لم ترضخ الدولة الدنماركية فمن الممكن أن تحال القضية إلى المحاكم الأوروبية والدولية، وهو ما يضع كوبنهاغن في موقف حرج.
وفي تصريحات للتلفزيون الدنماركي "دي آر"، أمس الاثنين، ذكر محامي السيدات الغرينلانديات مادس برامينغ، الذي قاد العديد من القضايا التي تركز على حقوق الإنسان، أن هذه القضية "ربما تكون أكبر قضية فشل في مجال حقوق الإنسان في تاريخ الدنمارك".

وأضاف :"هذا هو الوضع عندما تكون الدولة هي الجاني. حيث جرى انتهاك الناس عمداً، وقاموا بالحد من عدد السكان وقتلوا أجيالاً، كما يقول سكان جرينلاند، لتوفير المال".

وكانت الدنمارك قد بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي انتهاج سياسة خفض عدد سكان غرينلاند. وبعد أن سجلت ستينيات القرن الماضي زيادة كبيرة في أعداد المواليد، وبنسبة نحو 80 في المائة عام 1966 عن الأعوام الـ15 التي سبقته، حيث ولد 1781 طفلاً، ذهبت كوبنهاغن، من خلال طلب "المجلس الوطني للصحة" "وزارة غرينلاند" التي كانت قائمة في ذلك الحين، إلى وضع لوالب منع حمل لـ4 آلاف و500 امرأة من أصل 9 آلاف قادرات على الإنجاب. بل إن الأمر وصل بالقطاع الصحي على أرض الجزيرة، وبتوجيه حكومي في كوبنهاغن، إلى إقناع الفتيات بسن 15 سنة، ودون موافقة الوالدين، إلى وضع اللولب.

وقبل بضعة أعوام اندلعت القضية التي آلمت نساء كثيرات في أواخر عمرهن، حين اكتشفن أنهن خدعن وجرى وضع لوالب لهن دون معرفتهن، وبعضهن تعرضن لمتاعب صحية قضت على حلم الإنجاب لديهن.

وكان الوزير المفوض بشؤون غرينلاند في الدنمارك أرنولد نورمان، قد تفاخر أمام برلمان بلده في 1970 أن "معدل المواليد الآن في طريقه إلى الانخفاض مرة أخرى"، معتبراً أن "سياسة اللولب تؤتي أُكلها. وفقط في عام 1974، وبعد أن بدأت المنظمات الحقوقية الدولية تنتقد سياسات كوبنهاغن مع مجتمع السكان الأصليين في غرينلاند، بدأت تفكر الدنمارك في مخاطر تلقي انتقادات.

وبالفعل وجهت الأمم المتحدة للدنمارك انتقادات شديدة اللهجة لقيامها بما يسمى "تنظيم الأسرة" لتحديد عدد الأطفال وزمن إنجابهم في البلدان المستعمرة سابقاً.

المساهمون