تنتظر معظم الأسر في مناطق سيطرة النظام السوري وصول "رسالة المازوت" التي تبلغهم بحلول دورهم لاستلام مخصصاتهم للتدفئة قبل فصل الشتاء، والمقدرة بخمسين لتراً، لكن لم تتلق سوى أعداد محدودة من السكان مخصصاتها.
يعيش سعيد الموسى في ضاحية قدسيا بريف دمشق، وهو أحد من يعانون من أزمة توفير مواد التدفئة، ويقول لـ"العربي الجديد"، إنه لم يتسلم مخصصاته منذ عامين، ومثله كثير من الأشخاص، معتبراً أن "هناك جهات وأشخاصا يستولون على حصصنا لبيعها في السوق السوداء بأسعار مضاعفة. خمسون لتراً من المازوت كمية قليلة لا تكفيني لعشرة أيام في حال التقنين الشديد، ولا قدرة لي على شراء الوقود، فالطعام أولى، وكلّ شيء نحصل عليه بشق الأنفس".
ويؤكد مدحت جبر من سكان محافظة ريف دمشق، لـ"العربي الجديد" أن "عملية التوزيع تتم بالمحسوبية والواسطة والنفوذ، والمواطن العادي محروم فعلياً من مستحقاته، وفي المنطقة التي أسكنها، نحتاج إلى المازوت بشدة، فهي قريبة من الحدود اللبنانية، وتشهد صقيعاً في الشتاء، وفي كل عام أحرم من هذه المخصصات بسبب فساد عمليات التوزيع".
ويتابع: "الوقود يوزع على عوائل رجال الأمن وضباط النظام وأقاربهم، ومسؤولي الفرق الحزبية، أما المواطن العادي فيحرم من مخصصاته، ونحن من بين المحرومين منذ عدة سنوات رغم محاولات الحصول على تلك الكمية المحدودة، وأعتمد على ما يرسله أبنائي من خارج سورية لشراء مواد التدفئة".
وتضرر الغطاء النباتي بشكل حاد في الكثير من المناطق بسبب تكرار الأهالي قطع الأشجار لاستخدام أخشابها في التدفئة مع حرمانهم من مخصصات الوقود، وهذا الأمر شائع في محافظات درعا والسويداء وحمص واللاذقية.
ويوضح الناشط هادي عزام المقيم في السويداء لـ"العربي الجديد"، أن "الأهالي يعتمدون بالدرجة الأولى على جمع الحطب، أو يلجؤون لشرائه بالتقسيط، وحكومة النظام وزعت في وقت سابق 50 لتراً بسعر الوقود في السوق الحر، وقليل من العوائل فقط حصلت على الوقود، ووصلت بعض العوائل رسائل التسجيل في الدفعة الثانية، وفي الوقت الحالي يعتمد الأهالي على بقايا تقليم الشجر بعد أن دمرت معظم الأحراج، وهذا متاح لمن يمتلك وسيلة نقل، بينما من ليس لديهم وسيلة نقل لا يمكنهم الحصول على تلك المواد".
ويضيف: "هناك مادة يطلق عليها اسم (خميرة الأرض) متواجدة في البادية الشرقية قرب بلدة ملح، وهي نبات متجذر في الأرض يقوم الأهالي بقلعه، ويعملون على تجفيفه، وجذوره تشتعل بسرعة، وبعض الأهالي باتوا يبيعونها، وأصبحت بديلاً عن الوقود الحكومي في بعض القرى، بينما العوائل الفقيرة تعتمد على الكرتون، أو أي مواد يمكن استخدامها في التدفئة".
وخفضت سلطات النظام مخصصات محافظة السويداء من مازوت التدفئة من 11 صهريجاً يومياً إلى 9 صهاريج ونصف، ما يعني أن عملية التوزيع لن تنتهي قبل بداية العام المقبل، بسبب عدم كفاية الكميات المخصصة لتلبية الطلبات في الوقت المحدد.
وفي محافظة اللاذقية، تعتمد الجهات المسؤولة عن توزيع وقود التدفئة ذات آلية التلاعب في حرمان عوائل من مخصصاتها، ويوضح الناشط حسام الجبلاوي لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر يعتمد على مدى تنفذ العائلة في حكومة النظام أو حزب البعث، أو تنفذ أحد أفرادها في المليشيات، مما يسهل عليه الحصول على وقود التدفئة في الوقت المحدد ضمن عملية التوزيع، وهذا أيضا يتم على أساس المعارضة للنظام أو الولاء له، فالأحياء التي شهدت تظاهرات ضد النظام في جبلة واللاذقية هي أحياء مهمشة خدمياً، ومحرومة من وقود التدفئة بشكل ضمني".
يتابع الجبلاوي: "هناك رشى تدفع لتقليل وقت انتظار العائلة للحصول على وقود التدفئة، وأحياناً يتم بيع مخصصات أشخاص غير موجودين في السوق، وهذا يقلل من كميات مناطق معينة من الوقود. والعام الماضي، انتهى فصل الشتاء بينما نسبة كبيرة من الأهالي لم تحصل على مخصصات الوقود".
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن كميات الوقود الموزعة بلغت نحو 7 ملايين ونصف المليون لتر، وحصلت 150 ألف عائلة من أصل 750 ألفاً على مخصصاتها عبر البطاقة الذكية في ريف دمشق، حيث شملت عمليات التوزيع مناطق القلمون ويبرود وعسال الورد وغيرها، بحسب قول عمران سلاخو مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك.
وخلال عام 2021، قالت حكومة النظام السوري إنّ كمية الوقود المخصصة للعوائل ستبلغ 200 لتر للعائلة التي لديها بطاقات ذكية، على أن توزع هذه الكميات على أربع دفعات، لكن بعد توزيع الدفعة الأولى البالغة 50 لتراً، لم تحصل إلا 30 في المائة من العوائل على الدفعة الثانية. وفي عام 2022، خفضت الكمية إلى 100 لتر، على أن توزع على دفعتين، وهي ذات الكميات المعتمدة في العام الحالي.