سرطان الخصية... مرض غير شائع يمكن علاجه والسيطرة عليه

13 يونيو 2023
يلعب التاريخ العائلي دوراً في احتمال الإصابة (بول بيرسيباخ/Getty)
+ الخط -

تفيد هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية بأنّ أعراض سرطان الخصية تظهر من خلال حدوث تورم أو تكتل غير مؤلم في إحدى الخصيتين، أو تغيير في شكل أو نسيج الخصيتين. وتؤدي الخصيتان وظائف مهمة في الجهاز التناسلي الذكوري، لأنهما تنتجان الحيوانات المنوية وهرمون التستوستيرون الذي يلعب دوراً رئيسياً في التطور الجنسي للذكور.

وبخلاف خلايا البويضات الأنثوية، لا تنضج الحيوانات المنوية قبل الولادة، بل تتشكل بدءاً من سن البلوغ وتستمر مع التقدم في العمر، لكن هذا التطور والنضج المستمرين للخلايا يحملان في طياتهما خطر تجمّع خلايا فردية والتحول إلى سرطانية.
وتشير إحصاءات إلى أنّ سرطان الخصية ليس شائعاً بشكل كبير، وجرى تشخيص إصابة 74458 شخصاً حول العالم به في عام 2020، بحسب ما أفادت جمعية السرطان الأميركية. ويعتبر سرطان الخصية أكثر أنواع السرطان التي يجرى تشخيصها بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و34 سنة. وفي عام 2020، اكتشفت 3000 إصابة جديدة في الولايات المتحدة لدى أشخاص تراوحت أعمارهم بين 20 و29، وأيضاً 3100 حالة جديدة بين الرجال الذين تراوحت أعمارهم بين 30 و39 سنة.
ويعرّف اختصاصي أمراض السرطان جورج شاهين سرطان الخصية بأنه "انتشار لخلايا السرطان داخل الخصيتين، يبدأ عندما تنمو الخلايا بطريقة خارج نطاق السيطرة. ويمكن أن تصبح الخلايا الموجودة سرطانية في أي جزء من الخصية، وتنتشر في أجزاء أخرى من الجسم". يتابع في حديثه لـ"العربي الجديد": "يمكن تشخيص سرطان الخصية من خلال تورم غير مألوف أو طبيعي للخصية، وفي حال تمدد، يمكن أن يصيب الرئة والغدد اللمفاوية".
ووفق هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، تعتبر الخصية المعلقة (الخصية غير النازلة) أهم عامل لخطر الإصابة بسرطان الخصية، إذ يولد حوالى 3 إلى 5 في المائة من الأولاد بخصيتين داخل البطن. وعادة ما تنزل الخصيتان إلى كيس الصفن خلال السنة الأولى من العمر، لكن ذلك لا يحدث لبعض الأولاد، ما قد يؤدي إلى احتمال الإصابة بالسرطان.

أكثر أنواع سرطان الخصية شيوعاً هو سرطان الخلايا الجرثومية

إلى ذلك، تشير هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية إلى أن التاريخ العائلي يلعب دوراً كبيراً في إمكان الإصابة بالمرض، فمعاناة أحد الآباء أو الأجداد من هذا المرض قد ترفع بمعدل 4 مرات إمكان إصابة الأبناء.
أيضاً يعتبر الرجال الذين جرى تشخيص إصابتهم سابقاً بسرطان الخصية أكثر عرضة بين 12 و18 مرة أكثر للإصابة به في الخصية الأخرى.
ويُشير شاهين إلى أن بعض الرياضيين قد يُصابون بسرطان الخصية نتيجة تعاطي منشطات هرمونية ما يزيد نسبة التعرض للسرطان عموماً، وسرطان الخصية خصوصاً، في حين يستبعد وجود رابط بين تناول الكحول والتدخين والإصابة بسرطان الخصية.
ويشرح أن علامات مرض سرطان الخصية تبدأ في الظهور من خلال أعراض، منها وجود كتل أو تورم في الخصية، والشعور بثقل وبأوجاع في أسفل البطن، وحتى الأفخاذ، وكذلك الشعور بألم في الظهر.
وتُصنّف الأنواع المختلفة من سرطان الخصية بحسب نوع الخلايا التي يبدأ فيها السرطان، بحسب ما يوضح شاهين الذي يتحدث عن أن الورم في الخصية يحدث بسبب تكاثر الخلايا السرطانية. 
وتذكر جمعية السرطان الأسترالية أن أكثر أنواع سرطان الخصية شيوعاً هو سرطان الخلايا الجرثومية في الخصية، الذي يمثل حوالي 95 في المائة من جميع الحالات. وتقول إن "الخلايا الجرثومية نوع من الخلايا التي يستخدمها الجسم لتكوين حيوانات منوية".

الصورة
يُصاب رياضيون بسرطان الخصية نتيجة تعاطي منشطات هرمونية (لي زهيهوا/ Getty)
يُصاب رياضيون بسرطان الخصية نتيجة تعاطي منشطات هرمونية (لي زهيهوا/Getty)

وهناك نوعان رئيسيان من سرطان الخلايا الجرثومية في الخصية، هما الورم المنوي، الذي أصبح أكثر شيوعًا في الأعوام العشرين الماضية ويمثل الآن نسبة تتراوح بين 40 و45 في المائة من حالات سرطان الخصية، والورم غير المنوي الذي يشمل الأورام المسطحة والسرطان المشيمي.
ويؤكد شاهين أنه رغم ندرة سرطان الخصية، يمكن علاجه مثل أي سرطان آخر. وتتمثل طرق العلاج في إجراء جراحة لإزالة الورم، أو من خلال إعطاء أدوية هرمونية، واعتماد علاجات باستخدام أدوية كيميائية. ويشرح أنّ "الطريقة الأكثر شيوعاً لمعالجة سرطان الخصية تشمل إجراء استئصال جراحي للخصية المصابة. وفي حين يجرى تشخيص العديد من أنواع السرطان الأخرى عن طريق الخزعة (إزالة قطعة صغيرة من نسيج الورم)، فإنّ القطع في الخصية يمكن أن ينشر السرطان إلى أجزاء أخرى من الجسم، وبالتالي عند الاشتباه القوي بوجود سرطان، لا يمكن القيام بأخذ خزعة، وتجب إزالة الخصية بالكامل".
عموماً تُعد نسبة الشفاء من سرطان الخصيتين مرتفعة، خاصة إذا اكتشف مبكراً، كما أن نسبة الشفاء عند اكتشافه في مرحلة متقدمة عالية.
وتظهر إحصاءات أن معدلات البقاء على قيد الحياة للمرضى المصابين الذين جرت معالجتهم في المرحلة الأولى، وحتى الثانية، للمرض تتراوح بين 95 و100 في المائة، لكن في الحالات المتقدمة، يكون الإنذار غير مناسب نتيجة لوجود خطر الإصابة بورم آخر ضمن الجانب الآخر من الخصية خلال السنوات المقبلة، لذا لا بدّ من إجراء فحوصات دورية دائمة.

وفي تقرير لافت نشرته صحيفة ذي ميرور البريطانية، ربط خبراء صحيون سرطان الخصية بمرض فرط الحركة والتوحد، إذ تبين أن اضطرابات النمو العصبي التي تشمل صعوبات التعلم والشلل الدماغي قد تزيد احتمال انتشار المرض في الخصية.
واستند التقرير إلى دراسة نشرتها المجلة البريطانية للسرطان، وأظهرت، من خلال تتبع باحثين السجلات الطبية لـ6166 مريضاً بسرطان الخصية ومقارنتها بـ61660 رجلاً في نفس العمر غير مصابين بالمرض، صلة سرطان الخصية بحالات معينة من الاضطرابات العصبية، إذ كان المشاركون الذين يعانون من اضطرابات عصبية أكثر عرضة للإصابة بسرطان الخصية. 
وتقول الدكتورة في جامعة أوبسالا، آنا جانسون: "لا يوجد سبب واضح لربط اضطرابات النمو العصبي بخطر الإصابة بسرطان الخصية، لكن يرجح تأثير الأحداث المبكرة في حياة المرض على هذا الأمر، ربما حتى في وقت مبكر مثل مرحلة الجنين".

المساهمون