سجال بين مؤيدي ومعارضي الإعدام في غزة

12 أكتوبر 2022
يتواصل تنفيذ أحكام الإعدام في قطاع غزة (محمد الحجار)
+ الخط -

قامت حكومة قطاع غزة بإعدام خمسة مدانين في 4 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد ارتكابهم جرائم بعضها متعلق بالتخابر مع الاحتلال، وبينما يعيش سكان غزة أزمات إنسانية واقتصادية واجتماعية متفاقمة، انقسم المجتمع بين مؤيد لتنفيذ عقوبة الإعدام ومعارض لها، في حين تستنكر مؤسسات حقوقية تنفيذ العقوبة باعتبارها خطوة تزيد من شرخ الانقسام الفلسطيني.
تنص المادة رقم 109 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003، على مصادقة رئيس السلطة على أحكام الإعدام، وألا ينفذ حكم الإعدام الصادر عن أية محكمة إلا بعد التصديق عليه، لكن هذا غير مطبق في قطاع غزة منذ الانقسام الفلسطيني عام 2007.
واعتبر النائب عن كتلة التغيير والإصلاح في المجلس التشريعي الفلسطيني رئيس الدائرة القانونية في المجلس بغزة، محمد فرج الغول، أن "تنفيذ أحكام الإعدام بحق المدانين يتم بموجب حكم قضائي، وبعد استنفاد كل طرق الطعن، وفتح المجال أمام الاستئناف من جانب القضاء، ما يعني إتمام الواجب الشرعي والدستوري. الامتناع عن الأحكام القضائية واجبة التنفيذ، أو تعطيل تنفيذها على أي نحو، يعد جريمة يعاقب عليها بالحبس كما تنص المادة 106 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003".
ويقول الغول لـ"العربي الجديد": "المجتمع في قطاع غزة محافظ، وهناك ضغوط كبيرة من أجل تطبيق القوانين من قبل أهالي الضحايا، وأيضاً ضغط كبير للإسراع بذلك، ورغم كل هذا ينظر القضاء الاستئناف أكثر من مرة في كل جريمة يمكن أن تكون عقوبتها الإعدام، والهدف منع أي إنتاج للفلتان الأمني، وهناك العديد من الدول التي تنفذ أحكام الإعدام".

في المقابل، يرفض الحقوقي مدحت أبو مدلل الأمر، مشيراً إلى أن المجلس التشريعي عليه أن يحترم القانون الأساسي الفلسطيني الذي جاء المجلس من خلاله عبر الانتخابات، والمشكلة تتمثل في تأسيس محاكم في وقت الانقسام الفلسطيني، بينما القانون الأساسي لسنة 1996 والقانون المعدل لسنة 2003، يعطيان صلاحيات لرئيس السلطة الفلسطينية بالموافقة على الأحكام، فيكون من غير القانوني الاكتفاء بقرارات المحاكم من دون الرجوع إليه.
ويوضح أبو مدلل لـ"العربي الجديد"، أن "فلسطين أصبحت دولة أمام المجتمع الدولي رغم عدم اعتراف عدة دول بها بعد، وانضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 2014، وفي عام 2018 انضمت إلى الملحق الخاص بحظر عقوبة الإعدام، وهذا الملحق يحظر النطق بالإعدام، لكن للأسف محاكم غزة لا تزال متفردة بتطبيق القوانين رغم الانقسام".

حصار غزة حولها إلى بيئة خصبة للجرائم (محمد الحجار)
حصار غزة حوّلها إلى بيئة خصبة للجرائم (محمد الحجار)

ومن خلال مراجعة السجلات الرسمية، أعد أبو مدلل عدة دراسات قانونية متعلقة بواقع تطبيق العدالة في غزة، ويؤكد أن أحكام الإعدام التي نفذت منذ تأسيس السلطة الفلسطينية في عام 1994، بلغت 46 حكماً، منها 44 حكماً في قطاع غزة، وحكمان في الضفة الغربية، ومن بين الأحكام المنفذة في قطاع غزة، نفذ 33 حكماً بعد الانقسام الفلسطيني في عام 2007.
من الناحية الدينية، يوافق بعض الشيوخ على تنفيذ عقوبة الإعدام، وعبّر عدد منهم عن ذلك عبر منابر الجمعة بعد إثارة الضجة في بدايات شهر سبتمبر، في حين عبّر عدد منهم خلال لقاءات بدوائر وزارة الأوقاف الدينية، عن اعتراضهم.
يقول الشيخ فاروق أبو هنية، وهو خطيب مسجد في مدينة دير البلح، إنه لم يكن يعترض على تنفيذ عقوبة الإعدام في زمن حكم السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، ما بين 1994 إلى 2007، إذ وقتها كانت غزة مدينة لديها معابر مفتوحة، وحركة تنقل، وتتوفر لأهلها الوظائف، لكنه يطالب حاليا بالرجوع إلى الفقه بعد الاطلاع على أحوال المجتمع الذي زادت فيه نسبة الفقر، وانتشر المتسولون في الشوارع.

مطالبات بوقف إصدار أحكام الإعدام في غزة (محمد الحجار)
مطالبات بوقف إصدار أحكام الإعدام في غزة (محمد الحجار)

ويوضح أبو هنية لـ"العربي الجديد"، أن "الانغلاق الحاصل في قطاع غزة يدفع إلى أمراض مجتمعية ونفسية، وإلى الشروع في ارتكاب الجرائم، وقبل سنوات كنا نحارب إدمان المخدرات عبر منابر المساجد، وأعتقد أن نسب الإدمان تراجعت في غزة، لكن الناس فقيرة، وفي الأصول الدينية يمكن تخفيف عقوبة من يرتكب الجرم إن كان مبرره سوء أحوال المجتمع، لذا عبرت عن رفضي لتنفيذ الإعدام في الوقت الحالي".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وأدانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" إصدار هيئة الجنايات الكبرى في قطاع غزة، أحكام الإعدام، والتي وصل عددها إلى 17 حكماً منذ مطلع عام 2022، وقالت إن الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها فلسطين، لم تسفر عن إيقاف عقوبة الإعدام، مطالبة باستبدالها بعقوبة تحقق العدالة.

المساهمون