لا تقتصر مشاكل قطاع التعليم في العراق على تهالك البنى التحتية للمدارس أو تراجع مستوى التدريس عموماً وتسرب التلاميذ من المدارس؛ إذ تشهد الصفوف مشاكل تتعلق بسلوك التلاميذ عموماً، وحاجة وزارة التربية في بغداد إلى تحديث قواعد السلوك اليومي وضوابط التعليم. ويقول خبراء إنها لم تخضع لتعديلات منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ويجب أن تواكب تطورات الجيل الجديد. ويعدّ تدخين السجائر الإلكترونية أحد المشاكل التي بدأت تنتشر في المدارس الثانوية للفتيات في العراق، وخصوصاً بغداد ومدن أخرى كبيرة. وتواجه إدارات المدارس تحديات كبيرة في التعامل معها، وخصوصاً أن التعاون من قبل الأهالي ليس كافياً. وشاعت تجارة السجائر الإلكترونية بشكل كبير في العراق، وتباع بأسعار مناسبة لا تتجاوز الخمسة دولارات. وما من قانون في البلاد يمنع بيع هذه السجائر للمراهقين. ويقول مسؤول في وزارة التربية في بغداد إن الكثير من الفتيات ما بين 15 و18 عاماً أدمنّ السجائر الإلكترونية. وعادة ما يجدن فرصة للتدخين في دورات المياه والساحات أثناء الفسحة بين الدروس في المدارس، وقد يعجز المعلمون وأهلهن عن اكتشاف الأمر بسبب اختلاف رائحتها أحياناً بالمقارنة مع السجائر التقليدية.
ويوضح المسؤول في وزارة التربية لـ"العربي الجديد"، أن حملات التفتيش في المدارس متواصلة، وطلب من إدارات المدارس الثانوية إجراء حملات تفتيش مفاجئة للبحث عن هذا النوع من السجائر ومنع أجهزة الهواتف الذكية كونها سببت مشاكل كبيرة ذات أبعاد اجتماعية خطيرة، ويقر بأن هناك حاجة لتحديث قواعد السلوك كونها لا تتناسب مع عصر الإنترنت والهواتف والتطورات التقنية التي يستخدمها المراهقون.
هدى علي، وهي مدرسة في ثانوية عامة للبنات، شرقي بغداد، تقول إن "التعامل مع التلميذات ليس بالأمر السهل، إذ نواجه العديد من المشاكل التي لم نكن لنتوقعها، وكان آخرها تدخين تلميذات سجائر إلكترونية، أو جلب مشروبات الطاقة معهن إلى المدرسة. وعادة ما يتم التواصل مع ذويهن لمتابعتهن داخل البيت والمدرسة في آن"، تضيف، متحدثة لـ"العربي الجديد"، أن "التعامل مع الفتيات في المرحلة الثانوية يتطلب الحذر، إلا أن دور المدرسة يبقى ناقصاً ما لم يكن هناك تعاون من الأهل". وعمدت إدارات المدارس إلى مراقبة بعض التلميذات بسرية أثناء ساعات الدوام من خلال الاستعانة بزميلات يعرف عنهن حسن السلوك.
وما من نسب تبين مدى استهلاك السجائر الإلكترونية في مدارس البنات الثانوية، إلا أن مسؤولاً في وزارة التربية قال إنها موجودة بشكل كبير في بغداد والمدن الكبيرة. وتقول ناهدة محمود، وهي معاونة في ثانوية للبنات، إن إدارة المدرسة تقوم بـ"إنشاء ملف لكل تلميذة فيه رقم الهاتف الخاص بذويها، ولا تسمح لهن بالخروج من المدرسة، وتفتش حقائبهن. هذه الإجراءات روتينية لكنها ضرورية جداً، نعالج من خلالها الكثير من المشاكل بالتعاون مع ذويهن". وتؤكد محمود لـ"العربي الجديد"، أن "بعض التلميذات يقمن بكثير من الأشياء المخالفة للقوانين وضوابط التعليم والمدرسة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم متابعتهن من قبل الأهل والسماح لهن بمتابعة برامج وأفلام لا تناسب أعمارهن، والسماح لهن باستخدام هواتفهن في كل الأوقات، وعدم معرفة ما يتابعن على المواقع الإلكترونية. ولا توجد أي رقابة على هواتفهن ما يجعلهن يقلدن أي شيء. لذلك، ننصح الأهل بتوعية بناتهن وأولادهن لحمايتهم".
إلى ذلك، تقول المرشدة التربوية رؤى مهدي، لـ"العربي الجديد"، إن ما بين 5 إلى 7 في المائة من التلميذات لديهن مشاكل داخل المدرسة من جراء التفكك الأسري وتخلي الأبوين عن دورهما الأساسي في التربية وعدم إسداء النصح والتوجيه والتدليل المفرط أو الشدة الزائدة، كما تتحدث عن الاستخدام السلبي للإنترنت وعدم متابعة الأهل لما يشاهده الأبناء من أفلام عنفية وجنسية وغير ذلك، وترى أن لرفاق السوء تأثيراً كبيراً على التلميذات. وتشير مهدي إلى أنه لا بد من قيام المؤسسة التعليمية ببعض الإجراءات للحد من هذه التصرفات، منها أن يبذل المدرسون ما في وسعهم من نصح وتوجيه، وإعطاء الفتيات الفرصة للحديث وإبداء الرأي والاستماع والإنصات لهن باهتمام، والابتعاد عن الفوقية والتسلط خلال الحديث معهن، وترى أن للمدرسة دوراً مهماً في تصحيح سلوك التلميذات، لكن لا يمكن تحقيق ذلك دون تعاون الأسر في متابعة أبنائها وبناتها.