- الاعتداءات المتكررة على السائقين الفلسطينيين تكشف عن نقص في المساءلة والحماية، مع تقديم مئات الشكاوى دون جدوى، مما يعكس تجاهل السلطات لهذه القضايا ويؤكد على الحاجة الماسة لتحسين الحماية.
- تاريخ الاعتداءات يمتد لسنوات، مع حوادث بارزة تشمل القتل والعنف الشديد ضد السائقين الفلسطينيين، مما يسلط الضوء على الخطر الدائم الذي يواجهه هؤلاء السائقون ويعكس الحاجة لتحسين الحماية والمساءلة لضمان سلامتهم.
وقع السائق الفلسطيني أحمد أبو الهوى من بلدة الطور إلى الشرق من البلدة القديمة من القدس، ضحية انفلات عنصري من مستوطنين متطرفين يضعون نصب أعينهم الاعتداء على سائقي الحافلات الإسرائيلية الفلسطينيين بوحشية بدوافع الكراهية والعنصرية التي تفشت خلال السنوات الأخيرة، لينضم إلى ضحايا سلسلة من اعتداءات المستوطنين على سائقي الحافلات المقدسيين.
يروي أبو الهوى، وهو أب لأربعة أطفال، لـ"العربي الجديد"، تفاصيل ما تعرض له من اعتداء داخل محطة الحافلات في مستوطنة "كريات سيفر" المقامة على أراضي قرية دير قدس غرب رام الله، قائلاً إنه كان في استراحة داخل المحطة في انتظار الخروج بحافلته، حين صعد أحد المستوطنين إلى الحافلة، وفاجأه بمحاولة طعنه بسكين، وحين قاوم المعتدي أصيب في إحدى يديه، وحدث عراك بينهما، قبل أن يفر المعتدي إلى خارج الحافلة، حيث كان في انتظاره مجموعة من المستوطنين.
ينتظر أحمد نتائج تحقيقات شرطة الاحتلال مع المستوطن المعتدي، والذي اعتقل لاحقاً، في حين أنه لا يزال يعاني جروحاً ورضوضاً.
وقالت شرطة الاحتلال في بيان، إنه وصلها بلاغ من سائق حافلة اشتكى من صعود قاصر إلى الحافلة، وقيامه بطعنه عدة مرات من دون سبب بآلة حادة، ما أدى إلى إصابته، واحتياجه إلى علاج طبي.
غالبية اعتداءات المستوطنين على السائقين المقدسيين تقيد ضد مجهول
وليست تلك الواقعة الأولى خلال الفترة الأخيرة، إذ تعرض السائق جبر القباني، من بلدة كفر عقب شمالي القدس المحتلة، لاعتداء مماثل داخل الحافلة التي يعمل بها في مستوطنة "نيفي يعقوب" المقامة على أراضي شمالي القدس، حين هاجمه مستوطن على نحو مفاجئ، ما أدى إلى إصابته برضوض وجروح متفاوتة.
يقول القباني لـ"العربي الجديد": "أعمل على حافلة الخط رقم 45، وخلال عملي صعد أحد المستوطنين إلى الحافلة، وبدأ بشتمي لمجرد أنني عربي، ومنعني من إغلاق الباب، ثم اتصل بأصدقائه لانتظاره في إحدى المحطات، وهناك فوجئت بمستوطن شاب يطلب منه النزول، لكني رفضت، فتعرضت لاعتداء وحشي داخل الحافلة، وفقدت الوعي، ثم وصل الإسعاف وشرطة الاحتلال، ونُقلت إلى المستشفى".
ويعمل نحو 4 آلاف سائق مقدسي في شركات حافلات إسرائيلية، بحسب ناصر الشاويش، مؤسس رابطة السائقين المقدسيين. والذي يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن "غالبية الاعتداءات تقيد ضد مجهول، رغم أن مئات الشكاوى قدمت من سائقين تعرضوا لاعتداءات خلال السنوات الماضية".
وخلال عمله سائق حافلة، تعرض الشاويش نفسه لثلاثة اعتداءات، فقبل عامين قام مستوطن بالاعتداء عليه، وقدم شكوى لدى شرطة الاحتلال، وفي بداية الحرب الحالية على غزة، ألقى مستوطن الحجارة على الحافلة التي كان يقودها، ما أدى إلى تحطيم الزجاج، وقبل شهر واحد، ألقى مستوطن زجاجة باتجاهه، فأصابت إحدى قدميه، وجرى تحويله إلى المستشفى، وقدم لشرطة الاحتلال تسجيلات حول الحادث لكن من دون جدوى.
وفي 30 أغسطس/ آب 2018، أصيب المقدسي مراد سمرين بكسور في أنحاء مختلفة من جسده عقب اعتداء مجموعة من المستوطنين عليه أثناء عمله سائق حافلة تابعة لشركة "ايجد" الإسرائيلية، ما اضطره إلى المكوث في المستشفى لنحو أسبوع.
وفي عام 2015، تعرض السائق المقدسي صبحي الشاعر لاعتداء عنصري من منفلتين عنصريين أثناء عمله، وأشهر المستوطنون السلاح في وجهه، وهددوه بالقتل.
وفي 2014، اعتدى ثمانية مستوطنين على سائق الحافلة المقدسي أنور سليمان الطويل في محطة الحافلات المركزية بشارع يافا غربي القدس، لمجرد أنه يتحدث باللغة العربية، وأصابوه في الظهر والقدمين، ما استدعى نقله لتلقي العلاج في مستشفى "شعاريه تصيدق"، ووُصفت إصاباته بالمتوسطة.
بيد أن أخطر اعتداء على سائق مقدسي حدث في عام 2007، حين تم ذبح سائق سيارة الأجرة تيسير عبد الكريم الكركي (34 سنة) على أيدي خاطفيه، وهما مستوطنان من أصول فرنسية، استقلا سيارة الأجرة من منطقة باب العامود في القدس، وطلبا منه التوجه إلى تل أبيب، حيث اقترفا الجريمة، وأخفيت الجثة في إحدى الشقق. ووفق بيان للشرطة الإسرائيلية حينها، فقد كشفت الجريمة بعد اعتقال المستوطنين الشقيقين، واعتراف أحدهما خلال التحقيق بأنه قتل سائق سيارة أجرة في شقته.
واقترفت جريمة القتل الثانية التي راح ضحيتها سائق مقدسي، في حق حسن يوسف الرموني، والذي عثر على جثته في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، مشنوقاً داخل حافلته في المنطقة الصناعية "جفعات شاؤول" المقامة على أراضي قرية دير ياسين، وأظهرت صور للجثة وجود آثار اعتداء في الظهر والبطن والوجه، وبحسب شهود عيان، فقد وقعت مشادة في المستشفى التي نقل إليها جثمانه بين أفراد من أسرته وزملائه والشرطة الإسرائيلية التي حاولت اعتبار الأمر حادثة انتحار.