رمز نضالي: منزل عائلة الصباغ بجنين يُهدم للمرة الثالثة

جنين

جهاد بركات

جهاد بركات
03 فبراير 2023
شاهد على جرائم الاحتلال
+ الخط -

حين انتهى أهالي مخيم جنين، شمال الضفة الغربية، والبلدات المجاورة من تشييع الشهداء التسعة في المجزرة التي شهدها المخيم يوم الخميس، في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، خيّم الظلام وبدأ أهالي حي جورة الذهب في المخيم إزالة آثار هجوم جيش الاحتلال وقصفه أحد المنازل بالقذائف. وفي صباح اليوم التالي، بدأت الآليات الثقيلة إزالة ما تبقى من البيت الذي استشهد فيه ثلاثة مقاومين.
بالنسبة لمحمد الصباغ، الذي أشرف على إزالة منزل عائلته لما بات يشكله من خطورة على الحي، فإن التاريخ يعاد للمرة الثالثة خلال 32 عاماً، إذ هدم بيت عائلته ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وفي كل مرة كان البيت يحتضن مقاومين.
بدأت قصة البيت، كما يروي محمد لـ"العربي الجديد"، عام 1991، وقد اعتقلته قوات الاحتلال وحكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة قتل جندي إسرائيلي في سجن جنين. وهدمت قوات الاحتلال المنزل بعد سبعة أشهر من اعتقاله بشكل عقابي انتقامي، لكون محمد خرج منه، وكان أحد مقاتلي مجموعة "الفهد الأسود" التابعة لحركة فتح التي أنشئت خلال الانتفاضة الأولى التي انطلقت عام 1987.
وأعادت العائلة بناء منزل جديد عام 1992. يقول محمد إن ذويه أعادوا بناءه بشق الأنفس وهو داخل الأسر. كانت الظروف تحت الاحتلال صعبة، لكن البيت الجديد آوى عائلته وشقيقه علاء الذي لم يكن يتجاوز عمره لدى اعتقال محمد التاسعة. وبقي البيت وترعرع فيه علاء حتى عام 2002، حين استشهد وهو على طريق شقيقه كقائد لكتائب شهداء الأقصى، الذراع المسلح لحركة فتح، التي أنشئت مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000.

الصورة
هدم منزل عائلة الصباغ للمرة الثالثة (العربي الجديد)
عمل الجميع على لملمة آثار ما حدث في الحي (العربي الجديد)

لم يستشهد علاء داخل منزله كما يروي شقيقه، بل مع مجموعة من المقاتلين، ومنهم القائد في كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، عماد النشرتي. لكن المنزل هدم للمرة الثانية قصفاً بالصواريخ خلال اجتياح المخيم في العام نفسه، بالإضافة إلى مئات المنازل. ويقول محمد إنّ "زياد ابن الشهيد علاء كان عمره 26 يوماً فقط، ويبلغ الآن 21 عاماً، وها هي القصة تتكرر مرة جديدة. اعتقلته قوات الاحتلال صباح 26 يناير، وقصفت المبنى الذي يضم منزله ومنزل جدته، حيث تحصن مقاومون استشهد منهم الشقيقان نور ومحمد غنيم، ومحمد صبح من مجموعات برقين التابعة لكتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح، وسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي".

الصورة
هدم منزل عائلة الصباغ للمرة الثالثة (العربي الجديد)
قصف المنزل هذه المرة كان مفاجئاً (العربي الجديد)

محمد الذي خرج من سجون الاحتلال عام 2013، في إطار صفقة سياسية بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة للإفراج عن الأسرى ما قبل اتفاق أوسلو، أطلق على ابنه البكر اسم علاء تيمناً بشقيقه، وأصبح رئيساً للجنة الشعبية في المخيم، يقول: "قصف المنزل هذه المرة كان مفاجئاً لنا جميعاً. كان زياد ابن شقيقي ومجموعة من الشبان موجودين في المنزل الذي حوصر ثم قصف بالصواريخ ما أدى إلى استشهاد ثلاثة شبان"، ويشير إلى أن مخيم جنين الذي يعيش مقاومة متواصلة منذ عقود هو في حالة دفاع عن النفس. وما تعرض له هذا المنزل هو جزء مما يعيشه المخيم. لكن أصبحت لهذا البيت رمزية ومكانة نضالية.

ويؤكّد محمد أن "إرادة الحياة أقوى من أي شيء. سنعيد بناء المنزل" الذي كانت تقطنه أخيراً والدته وشقيقته وإبن شقيقه، ويضم محلين تجاريين. إرادة الحياة نفسها موجودة لدى أبناء حي جورة الذهب في المخيم. فبعد ساعات فقط من المجزرة، بدأ الجميع يلملمون آثار ما حدث في الحي، الذي تضررت العديد من منازله. وبدأ عدد من الفتية بإزالة ألعاب أطفال من بين الركام، فيما بدأت طواقم الأشغال العامة وشركة الكهرباء بإعادة كل شيء إلى ما كان عليه. 
وعن بسالة الشهداء في مقاومة الاحتلال، يقول الشاب عدي جلامنة، الذي تعرض صالون الحلاقة حيث يعمل لإطلاق الرصاص لـ"العربي الجديد": "ما فعله جيش الاحتلال كان يهدف إلى قتل من هم داخل المنزل"، مشيراً إلى تعرض زياد الصباغ لاعتداء مباشر بالضرب لحظة اعتقاله.

الصورة
هدم منزل عائلة الصباغ للمرة الثالثة (العربي الجديد)
إرادة الحياة أقوى من أي شيء (العربي الجديد)

ومن داخل منزله، يروي أحمد الشقفة لـ"العربي الجديد"، كيف كان يمكن أن تستشهد زوجته بسبب الكم الكبير من الرصاص الذي أطلقه جيش الاحتلال، والذي أضر بالعديد من الممتلكات.

مجزرة مخيم جنين الجديدة التي نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في 26 يناير الماضي، واستشهد فيها عشرة أشخاص (توفي أحدهم بعد أيام من جراء الإصابة)، شكلت صدمة كبيرة وردود فعل عربية ودولية. فهي المجزرة الأولى البشعة منذ سنوات طويلة التي تشهدها الضفة الغربية، وسط تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين. ويُعد شهر يناير الماضي الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ أكثر من عشر سنوات، إذ استشهد خلاله 35 فلسطينياً برصاص الاحتلال، وسط تصاعد عدد المصابين والمعتقلين وعمليات هدم المنازل.

ذات صلة

الصورة
منظر للدمار في منطقة المواصي بخانيونس بعد الهجوم الإسرائيلي، 14 يوليو 2024 (الأناضول)

منوعات

دشن متابعون فلسطينيون وعرب وسم #العربية_شريك_في_الإبادة، ليعبروا عن غضبهم إزاء تغطية القناة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
الصورة
دخان ودمار في تل الهوى في مدينة غزة جراء العدوان الإسرائيلي، 10 يوليو 2024 (الأناضول)

سياسة

تراجعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من منطقتي الصناعة والجامعات، غربي مدينة غزة، اليوم الجمعة، بعد خمسة أيام من عمليتها العسكرية المكثفة في المنطقة.
الصورة
وزير خارجية المغرب بعد قمة النقب في إسرائيل، 28 مارس، 2022 (Getty)

سياسة

أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي تواصل بالتوازي مع حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، تعزيز علاقتها الأمنية مع المغرب.
الصورة
المشهد حول سجن "عوفر" قبيل ساعات من الإفراج عن أسرى بموجب صفق التبادل (العربي الجديد)

سياسة

دان نادي الأسير الفلسطيني، جريمة الإعدام الميداني التي نفّذها جيش الاحتلال بحق أربعة أسرى من غزة، مشيراً إلى أنها تشكّل جريمة حرب جديدة
المساهمون