رحاب دويكات.. مزارعة فلسطينية تدافع عن جبال روجيب ضد توحش مستوطنة "إيتمار"

10 أكتوبر 2024
لم تستسلم المزارعة الفلسطينية رحاب دويكات لبطش الاستيطان، أكتوبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه المزارعة الفلسطينية رحاب دويكات تحديات مستمرة من المستوطنين الإسرائيليين الذين يهاجمون مزرعتها في نابلس، وتستخدم وسائل مبتكرة مثل البث المباشر لتوثيق الاعتداءات وحشد الدعم.
- تعرضت مزرعة دويكات لأضرار كبيرة، بما في ذلك فقدان 300 شتلة زيتون وتخريب البنية التحتية، لكنها تواصل إعادة البناء بمساعدة عائلتها والمتطوعين.
- تعبر دويكات عن استيائها من ضعف الدعم الرسمي، ويشير الناشط بشار قريوتي إلى أن ما تواجهه هو جزء من معركة أوسع ضد محاولات الاستيطان في الضفة الغربية.

تخوض المزارعة الفلسطينية رحاب دويكات، من قرية روجيب، بمدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، مواجهة مستمرة بين الحين والآخر مع جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يحمون المستوطنين، الذين يهاجمون مزرعتها ويقتلعون الأشتال ويدمرون محتوياتها، ضمن محاولاتهم لإجبارها على ترك المكان والرحيل، ليصبح لقمة سائغة لهم.

ما إن تسمع رحاب دويكات (55 عاماً) بأن مجموعة من مستوطني مستوطنة "إيتمار" المقامة على أراضي نابلس والتي لا تبعد عن أرضها الزراعية البالغة مساحتها 8 دونمات أكثر من 300 متر فقط، حتى تسرع بالتصدي لهم. تستذكر دويكات في حديث مع "العربي الجديد"، هجوماً نفّذه مستوطنون قبل أسابيع على مزرعتها، وتقول: "ما كدت أدخل أرضي، حتى هاجموني، حاولت الدفاع عن نفسي وتفقد الأضرار التي كانت بليغة، لكن سرعان ما وصل عدد من جنود الاحتلال قادمين من المستوطنة، ولوهلة اعتقدت أنهم سيطردون الغزاة، غير أنهم طردوني أنا، وبقي عدد منهم يرافقني حتى ابتعدت كثيراً، وعبثاً كنت أحاول أن أشرح لهم بأنني صاحبة الأرض، وأن المستوطنين هم من اعتدوا علينا".

لمحت دويكات وهي تجادل جنود الاحتلال أن أحدهم كان يربت على كتف أحد المستوطنين وكأنه يثني على ما فعله من تخريب. تقول: "كل شيء تغير خلال العام الأخير، وتحديداً بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بات جيش الاحتلال يعمل جنباً إلى جنب مع المستوطنين، يوفر لهم الحماية الكاملة، صحيح أنهم لم يكونوا في صفنا يوماً، لكن التنسيق بين الطرفين أصبح علناً".

دمار كبير في مزرعة رحاب دويكات

الهجمة الأخيرة على أرض رحاب دويكات التي شرعت في استصلاحها عام 2017 بمساعدة زوجها رائد رواجبة وعائلتها، بعد أن كانت بوراً تملأها الصخور والحجارة، كلفتها خسارة نحو 300 شتلة زيتون، وخلع السياج الشائك، وتخريب وسرقة أنابيب الري، وثقب خزان المياه أيضاً، بقيمة مالية تبلغ عشرات آلاف الدولارات.

تصف المشهد قائلة: "عدت بعد أن انسحبوا، فكان الخراب والدمار قد حل في كل مكان، صحيح أن أرضي تعرضت سابقاً للعديد من الاعتداءات، لكن ليس بهذا الشكل وبهذا الحقد، فقد اقتلعوا الأشتال والأشجار الصغيرة من جذورها، وانتقلوا إلى الأراضي الزراعية المجاورة لأرضي، التي استصلحها أصحابها، ولم تسلم البيوت القريبة، فقد هاجموا منزلاً كانت فيه الزوجة وحدها وكسروا النوافذ، وأحرقوا مركبة كانت في باحته".

وسائل دفاع مبتكرة

وتتبع رحاب دويكات أساليب عدة في مواجهة المستوطنين، فخلال ذهابها لأرضها تفتح نافذة للبث المباشر عبر حسابها على فيسبوك، وتمسك الهاتف في يد وتدافع عن نفسها باليد الثانية. تقول: "أحاول أولاً توثيق ما يجري على الهواء مباشرة، كأداة إثبات وبرهان، والأهم أنني أستنهض أهالي قريتي والقرى الأخرى وأصحاب الأراضي التي تتعرض للهجوم لمساندتي في مواجهة قطعان المستوطنين، وبالفعل يهب الكثيرون للوقوف إلى جانبي، ما يجبر المستوطنين الجناة على الفرار".

لا للاستسلام

"لا يوجد في قاموسي كلمة استسلام.. فبعد كل هجوم أعود للزراعة ولو من الصفر، وأرمم وأعيد رفع السياج وتوفير أنابيب ري بديلة، بمساعدة عائلتي والمتطوعين ومؤسسات محلية ودولية، تُعنى بدعم المزارعين"، وتضيف دويكات، "أدرك ما يخطط له المستوطنون، فلو سيطروا على أرضي التي تقع على قمة جبل مطل على قرية روجيب، وسفوح نابلس الشرقية، فهذا يعني أنهم تمكنوا من موقع استراتيجي جديد، سيحولونه عاجلاً أو آجلاً إما إلى بؤرة استيطانية أو تسييجه وضمه إلى أملاك مستوطنة "إيتمار" التي تسمن باستمرار على حساب أراضي الفلسطينيين".

دعم محدود

لكن على صعيد آخر، تعرب دويكات عن أسفها لضعف الدعم المقدم للمزارعين، وتقول: "أعاتب الجهات الرسمية، خاصة وزارة الزراعة الفلسطينية، فهي مقصرة جداً تجاه ما نتعرض له من حرب وتهجير، ويمكنني عد المرات التي وصل فيها موظفو الوزارة إلى مشروعي على أصابع اليد الواحدة". وتتابع "كما أنني ألوم بشدة هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، بعد أن تلقيت مؤخراً اتصالاً منها للاستفسار عن طلب كنت قدمته عام 2020 لإنشاء غرفة زراعية". وتوضح: "بعد مرور 4 سنوات يجري فتح هذا الملف ومراجعتي بالموضوع، إن المؤسسات الفلسطينية تريد أوراقاً ثبوتية للأرض وحصر إرث..، لديهم معاملات بيروقراطية مرهقة".

معركة مفتوحة

من جهته، يقول الناشط في مناهضة الاستيطان بشار قريوتي لـ"العربي الجديد": "نحن في معركة مفتوحة مع الاحتلال والمستوطنين وفي سباق ضد الزمن، حكومتهم توفر للمعتدين كامل الخدمات بعد أن يسيطروا على الأرض، مثل تطوير البنية التحتية، وتحديداً الطرق، وسهولة الوصول للمكان، والمياه والكهرباء والحماية العسكرية على مدار الساعة". ويضيف قريوتي: "ما يجري مع دويكات نموذج لما يتعرض له آلاف المزارعين على امتداد الضفة الغربية المحتلة، ويكشف حجم الاستفراد الذي يتعرض له المزارعون الفلسطينيون في المناطق القريبة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة، حيث يسعى المستوطنون لإجبارهم على الرحيل وهجر مشاريعهم الزراعية أو أراضيهم، بهدف السيطرة عليها وضمها للمستوطنات".

المساهمون