فيما تتخوّف أوكرانيا من غزو روسي، تستعدّ الدول المجاورة لها الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لموجة محتملة من مئات آلاف لا بل ملايين اللاجئين الذين يُحتمل أن يفرّوا من الحرب.
وعبّرت بولندا، التي تشترك بحدود طويلة مع أوكرانيا ويقيم على أراضيها نحو 1.5 مليون أوكراني، عن دعم حازم لجارتها الشرقية واستعدادها لمساعدتها. وأفادت وزارة الداخلية البولندية لوكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء، بأنّ "بولندا تستعد لمختلف السيناريوهات في ما يتعلق بالوضع المتوتر".
يُذكر أنّه قبل المستجدّات الأخيرة، من اعتراف روسيا باستقلال منطقتَين انفصاليتَين في شرقي أوكرانيا وفرض دول الغرب عقوبات على موسكو، كانت وارسو قد وضعت خطط طوارئ للاستجابة لأزمة إنسانية محتملة. وكان وزير الداخلية البولندي ماتشي فاسك قد صرّح في يناير/ كانون الثاني الماضي بأنّ "وزارة الداخلية تتّخذ منذ بعض الوقت الخطوات استعداداً لموجة لجوء حتى من مليون شخص". من جهته، أقام رئيس الحكومة البولندي ماتيوش مورافيتسكي مجموعة عمل لتحديد الاحتياجات اللوجستية والطبية والتعليمية الضرورية لاستقبال موجة من اللاجئين الأوكرانيين. أمّا وزير التعليم البولندي شيمسلاف زارنيك، فقال اليوم الأربعاء: "نحن جاهزون لاستيعاب أطفال وشبّان في مدارس بولندية وطلاب في جمعات بولندية".
يُذكر أنّ مفوضة الشؤون الداخلية في الاتحاد الأوروبي إيلفا يوهانسون صرّحت لوكالة "فرانس برس" عقب محادثات مع وارسو، أمس الثلاثاء، بأنّ "بولندا جاهزة لاستقبال عدد كبير من الأوكرانيين إذا لزم الأمر"، وأكّدت أنّ المفوضية الأوروبية على استعداد لتقديم الدعم الاقتصادي لبولندا عند الحاجة، وتوفير المساعدة من وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء والشرطة الأوروبية "يوروبول" والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس".
بدورها، أكّدت سلوفاكيا، الواقعة على الحدود الغربية لأوكرانيا، استعدادها لتقديم المساعدة. وقال وزير الدفاع السلوفاكي ياروسلاف ناد: "لدينا خطط جاهزة لمواجهة ضغط محتمل من لاجئين على الحدود السلوفاكية-الأوكرانية"، وأكّد أنّه "إذا تطلب الأمر، يمكننا أيضاً استخدام مراكز الإيواء المتوفّرة التابعة لوزارة الداخلية ووزارات أخرى".
أمّا رومانيا، التي تُعَدّ من أفقر الدول الأوروبية، فلفتت إلى أنّها لا تتوقّع فرار عدد كبير من الأوكرانيين إلى أراضيها، لكنّها أكّدت مع ذلك استعدادها لاستقبال نصف مليون لاجئ، إذ صرّح وزير دفاعها فاسيليه دنكو بأن "هذا هو الرقم الذي نحن مستعدون له". ويمكن لرومانيا أن تنشئ مراكز إيواء، خصوصاً في بلدات كبيرة تقع على طول حدودها الممتدّة 650 كيلومتراً مع أوكرانيا، وفق دنكو. كما أوضح المسؤول عن مقاطعة سوتشافه في شمال رومانيا ألكسندرو مولدوفان أنّه "في الإمكان جمع وتركيب خيم وأسرّة وبطانيات وأنظمة تدفئة في أقلّ من 12 ساعة".
من جهتها، أبدت المجر، التي يُعرَف رئيس وزرائها فيكتور أوربان بموقفه المتصلّب من الهجرة، استعدادها لاستقبال لاجئين. وقال أوربان في وقت سابق من فبراير/ شباط الجاري، إنّه "في حال نشوب حرب، سوف يصل مئات آلاف لا بل ملايين اللاجئين من أوكرانيا ويعيدون بشكل أساسي رسم الوضعَين السياسي والاقتصادي في المجر". أضاف أوربان: "نعمل من أجل السلام، لكنّ الهيئات الحكومية المعنية بدأت التحضيرات". يُذكر أنّ المجر أعلنت، أمس الثلاثاء، أنّها سوف تنشر جنوداً على حدودها مع أوكرانيا لأسباب تتعلق بالأمن والمساعدة الإنسانية. وقد أكّد وزير دفاعها تيبور بنكو، اليوم الأربعاء، أنّه "لا يمكننا السماح لأيّ أعمال حربية في غربي أوكرانيا بالانزلاق إلى أراضي المجر"، مضيفاً أنّه "إذا وصل لاجئون، يتعيّن إيواؤهم وتقديم العناية لهم".
تجدر الإشارة إلى أنّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كانت لفتت إلى أنّها لا ترى في الوقت الحاضر زيادة في الحركة خارج المناطق الشرقية لأوكرانيا، لكنّها نبهت إلى أنّه "لا يمكن التنبؤ بالوضع بعد". وقالت المتحدثة باسم المفوضية شابيا مانتو للصحافيين: "نحن على استعداد لدعم جهود حكومات وأطراف معنيّة أخرى في حماية اللاجئين وإيجاد حلول للأشخاص النازحين في حال رصد أيّ حركة".
وكان المجلس النرويجي للاجئين قد حذّر في وقت سابق من الشهر الجاري، من أنّه في حال "تفاقم النزاع ونزوح الملايين، فإنّ المنظمات الإنسانية سوف تواجه صعوبة في تلبية ولو جزء بسيط من الاحتياجات". وقال الأمين العام للمنظمة يان إيغلاند حينها: "سوف يكون من الجنون شنّ حرب كارثية أخرى".
(فرانس برس)