أفاد المحامي المصري إبراهيم عرفة بأنّه تسلّم ملف قضية فرحات أبو الشاردة المحفوظي الذي قُتل بالرصاص على يد ضابط شرطة، بصفته وكيل عائلته. وكان الضابط قد أطلق النار على المغدور، إثر مشادة كلامية وقعت بينهما في متجر لبيع المواد الغذائية، في مدينة سيدي براني غربي محافظة مرسى مطروح في شمال غرب مصر.
وقال عرفة لـ"العربي الجديد" إنّه وأفراد العائلة فوجئوا بأنّ النيابة العامة وجّهت تهمة "الضرب الذي أفضى إلى الموت" إلى الضابط، وذلك في قرار إحالته إلى المحاكمة الجنائية. وأشار إلى أنّه سوف يطلب أمام المحكمة التي سوف تنظر في القضية تعديل ما يسمّى بـ"القيد والوصف للاتهام" الخاص بضابط المتهم في قرار إحالته للمحاكمة، موضحاً أنّه سوف يطلب توجيه تهمة "القتل العمد" إلى الضابط وليس "الضرب الذي أفضى إلى الموت".
أضاف عرفة أنّ التحقيقات كلها في ملف القضية تسير في اتّجاه القتل العمد من قبل الضابط، ومن غير المنطقي أن تكون التهمة غير ذلك، خصوصاً أنّ المجني عليه قُتل بثلاث طلقات، الأمر الذي يؤكد تهمة "القتل العمد". وأكّد محامي المجني عليه أنّ أوّل طلب له أمام المحكمة التي ستنظر في القضية، وهي الدائرة 35 جنايات، المقرّر عقدها في مقرّ محكمة الإسكندرية الكلية، بعد أسبوع من اليوم، في الثامن من أغسطس/ آب الجاري، هو تعديل القيد والوصف الخاص بالاتهام الموجّه إلى الضابط ليكون "القتل العمد".
وكان قرار إحالة الضابط إلى المحاكمة الجنائية قد أتى على هذا الشكل: "بصفته نقيب شرطة بقطاع الأمن المركزي ببرج العرب، 28 سنة، قام يوم 11 يوليو/ تموز 2023، بدائرة قسم سيدي براني بمحافظة مطروح، بضرب المجني عليه حفيظ حوية عبد ربه أبو بكر وشهرته فرحات المحفوظي، 35 سنة، عمداً". أضاف القرار "وذلك بأن أطلق صوبه عدّة أعيرة نارية من سلاحه الميري، فأصابه بأماكن متفرقة من جسده بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتي أودت بحياته، ولم يقصد من ذلك قتله، ولكنّ الضرب الذي أفضى إلى موته".
وفي هذا الإطار، أصدر النائب العام المصري حمادة الصاوي، في 16 يوليو/ تموز الماضي، بياناً أعلن فيه إحالة ضابط شرطة وخمسة آخرين إلى المحاكمة الجنائية لمعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم في الأحداث الواقعة بمنطقة سيدي براني.
وذكر البيان أنّ النيابة العامة تلقّت في 11 يوليو/ حزيران 2023 إخطاراً من قسم شرطة سيدي براني بمحافظة مرسى مطروح يفيد بوفاة شخص في أثناء إيقاف الشرطة سيارته خلال مأموريتها الأمنية للحدّ من ظاهرة الهجرة السرية والاتجار بالمواد المخدّرة، وأنّ الأهالي تجمهروا أمام ديوان قسم شرطة سيدي براني إثر الوفاة، الأمر الذي أدّى إلى وفاة أحد أفراد الأمن ووقوع أضرار بالممتلكات العامة.
أضاف البيان أنّه "فور تلقّي الإخطار، انتقلت النيابة العامة وناظرت جثمانَي المتوفيين، وسألت أربعة من شهود الواقعة، فتواترت أقوالهم على انطلاق قائد السيارة المتوفّى بسيارته مسرعاً حال محاولة قوات الأمن إيقافه من دون امتثاله لأمرهم بعد مطالبة القوات بتوقّفه أكثر من مرّة. وآنذاك شَهَرَ أحد ضباط الأمن سلاحه وأطلق أعيرة نارية صوب السيارة، وقد ضبطت النيابة العامة أجهزة المراقبة المطلة على مسرح الأحداث، فتبيّنت منها صحة رواية الشهود من انطلاق المتوفّى بسيارته مسرعاً حال محاولة قوات الأمن إيقافه من دون امتثاله، ثمّ توقّفه لاحقاً متأثراً بإصابته. وقد عاينت النيابة العامة السيارة فتبينت ما بها من آثار".
وتابع البيان نفسه أنّ "النيابة العامة سألت أفراد القوة الأمنية المذكورين، ووقفت من شهادتهم على عدم امتثال قائد السيارة المتوفّى لأمرهم بالتوقّف، ممّا دعا أحد ضباط المأموريّة إلى إطلاق النار صوبها مُعلّلًا ذلك بمحاولة قائد السيارة دهسه. و(بناءً) على ذلك استجوبت النيابة العامة الضابط حول ما نُسِبَ إليه من اتهامات، فأنكر وأكّد أنّه إثر محاولة قائد السيارة دهسه انطلقت أعيرة نارية منه نتيجة فقدانه توازنه. وقد انتهت تحريات الشرطة إلى إطلاق الضابط تلك الأعيرة صوب الإطارات قاصداً تعطيل السيارة، إِلا أنّ قائدها استمرّ في الإسراع نحوه فحدثت إصابته".
وأكمل البيان أنّ "النيابة العامة أجرت تحقيقاتها كذلك في واقعة تجمهر أشخاص بالشوارع المحيطة بديوان قسم شرطة سيدي براني، لاقتحامه على أثر الواقعة السابقة، وإلقائهم الحجارة على قوات الأمن من دون الامتثال لمحاولات فضّ التجمهر، ما نجمت عنه إصابة أربعة من القوات في أثناء إلقاء القبض على المتجمهرين، وضُبِطَ ثمانية منهم قام أحدهم بدهس أحد أفراد الأمن، ما أدّى إلى وفاته متأثراً بإصابتِه. وانتقلت النيابة العامة لإجراء المعاينة، وتبيّنت سرقة وتلف بعض الممتلكات العامة، وقد أثبتت التحريات الأمنية مشاركة خمسة من المضبوطين في أعمال الشغب والتجمهر، وأقرَّ أحدهم في استجواب النيابة العامةِ بدهسه فرد الأمن المتوفّى، وثبت كذلك في التحقيقات أنّ المتهم المذكور له عدّة سوابق جنائية، فيما أنكر الباقون مشاركتهم في تلك الأحداث".
وأوضح البيان أنّه بناءً "على ذلك وعقب انتهاء التحقيقات ووقوفها على أدلة الاتهام من قبل المتهمين جميعاً، أمرت (النيابة العامة) بإحالتهم إلى المحاكمة الجنائية".
ولم يذكر بيان النائب العام الاتهامات الموجّهة إلى الضابط المُحال إلى المحاكمة، وهل هي "قتل عمد" أم "قتل خطأ" أم "قتل في حالة دفاع عن النفس"، وهل الضابط المتّهم محبوس أم مخلى سبيله على ذمّة القضية؟ وقد تبيّن أنّ الغرض من بيان إحالة الضابط إلى المحاكمة هو تهدئة الشارع والرأي العام والأهالي في مرسى مطروح، خصوصاً أنّ البيان الصادر يدّعي بصورة واضحة أنّ الضابط كان في حالة دفاع عن النفس أمام الضحية وكان يحاول إيقافه.