وسط دعوات إلى توسيع "انتفاضة الأسرى الفلسطينيين" لتصل إلى الميادين العامة خارج سجون الاحتلال الإسرائيلي، من أجل إنجاز انتصار لهم قبل حلول شهر رمضان، أعلنت المؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرى والفصائل الفلسطينية عن فعاليات إسناد "انتفاضة السجون". أتى ذلك في مؤتمر صحافي عقدته تلك المؤسسات، اليوم الثلاثاء، من أمام مقرّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية.
وما إن انتهى المؤتمر حتى تجمّعت أمهات أسرى فلسطينيين ليعبّرنَ عن معاناة أبنائهنّ بأنفسهنّ. تقول الفلسطينية وطفة شهوان، والدة المعتقل الإداري فادي حمد من بيرزيت شمالي رام الله، لـ"العربي الجديد"، إنّها حضرت لنصرة ابنها الذي اعتُقل أكثر من عشر مرّات، ثمانٍ منها وفق الاعتقال الإداري "بلا تهمة"، لافتة إلى أنّه رُزق بمولودَين خلال اعتقالاته تلك. وهو يخوض مع زملائه (نحو 500 معتقل إداري) حالياً، معركة مقاطعة محاكم الاحتلال منذ 53 يوماً، علماً أنّ المرضى منهم بدأوا بمقاطعة الدواء اليوم. وتحكي شهوان: "لا أحصل على معلومات عن ابني إلا ما تنقله نشرات الأخبار عن استمرار مقاطعة المحاكم. فالعائلات لم تتبلّغ بأيّ معلومات أخرى"، مؤكدة "نحن على أعصابنا، لكنّ هذه الخطوة التي اتّخذها الأسرى مهمّة جداً حتى ينالوا حقوقهم".
من جهتها، تعبّر الفلسطينية انتصار بيوض والدة الأسير حابس بيوض من بلدة المزرعة الغربية شمالي رام الله، المعتقل منذ 21 عاماً والمحكوم بمؤبّدَين، عن قلقها على ابنها الذي تعرّض لـ"سلسلة من التنقلات والتنكيل في السنوات الماضية. هو نُقل من سجن نفحة إلى سجن رامون، ثمّ إلى سجن جلبوع في أحد الإضرابات عن الطعام".
وتطالب بيوض كبار المسؤولين الفلسطينيين، عبر "العربي الجديد"، بالإنصات إلى معاناة الأسرى وأهاليهم، متسائلة عن دور السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في قضية الأسرى، مشدّدة على خوفها على ابنها وجميع الأسرى وسط انتفاضة السجون.
*نادي الأسير: 17 يومًا على انتفاضة الأسرى، رفضًا للهجمة الممنهجة التي تنفذها إدارة السجون بحقّهم.#انتفاضة_الأسرى pic.twitter.com/yjJ95ipYY4
— نادي الأسير Prisoner’s society (@PpsmoMedia) February 22, 2022
المعركة مستمرة منذ 17 يوماً
وتتواصل معركة الأسرى منذ 17 يوماً ضدّ قرارات إدارة سجون الاحتلال التي تستهدف نظام الحياة اليومي للأسرى، وهي قد تصل إلى الإضراب المفتوح عن الطعام. وأكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس في خلال المؤتمر الصحافي أمام مقرّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أنّ "إدارة السجون مسّت بجوهر منظومة الحياة اليومية للأسرى، وهم اتّخذوا إجراءات لتعطيل إدارة السجن واستنزاف طاقتها وطواقمها، وأعطوا إشارات بأنّه لن يكون هذا الأسلوب النضالي الوحيد الذي يتّبعونه، وإنّما الإضراب المفتوح عن الطعام سيكون خياراً، وقد يستعجل الأسرى باللجوء إلى هذا السلاح حتى لا يداهمهم شهر رمضان قبل انتهاء المعركة، وقد يستعجلون هذه الخطوة".
أضاف فارس أنّ إجراءات إدارة سجون الاحتلال "سرقت قرابة خمسين في المائة من وقت الأسرى. فما يُعرف بالفورة أيّ وقت الخروج إلى الساحات، يقيم فيها الأسرى كلّ برنامجهم النضالي والثقافي والتعليمي والصحي والاجتماعي، والنظام اليومي للأسرى قائم على ذلك، وأكثر ما يستفزّ الأسرى هو المساس بهذه المنظومة".
خطوات نحو التصعيد
بالنسبة إلى فارس، ما يعزّز إمكانية التصعيد هو عدم توفّر اتصالات وصفها بـ"الاستكشافية"، أي "عدم الانخراط في مفاوضات بين الأسرى وإدارة سجون الاحتلال"، ويأتي كلّ ذلك مع استمرار الأسرى الإداريين في خطوة مقاطعة المحاكم الإسرائيلية على كلّ المستويات.
تابع فارس أنّ "الأسرى وجّهوا رسالة إلى الفلسطينيين خارج السجون من أحزاب وفصائل ونقابات ومجتمع مدني، بضرورة وجود حركة جماهيرية واسعة خارج المعتقل لحسم المعركة بوقت قصير وقبل حلول شهر رمضان". وأوضح فارس: "اجتهدنا في برنامج لا نعتبره الذروة، ولكن يجب أن يوصل رسالة لحكومة وجيش وأمن الاحتلال؛ بأنّكم لستم وحدكم من يتحكّم بحدود المعركة. تريدون حبسها في داخل السجون، ونحن نقول إنّنا سنوفر حماية للأسرى والأسيرات. ولذلك نفتح معركة بكل فلسطين، وأيضاً نتوجه لكل الفلسطينيين في الخارج وكل دول الجوار بأن يلتحموا مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948".
في السياق نفسه، حذّر مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" حلمي الأعرج خلال المؤتمر، من تفاقم الأوضاع في داخل وخارج سجون الاحتلال. وقال: "نؤكد للاحتلال والعالم أنّ السجون في حالة غليان وعلى حافة انفجار، شأنها شأن الأرض الفلسطينية المحتلة التي تعيش حالة من انسداد الأفق السياسي، والاستيطان، وعنف المستوطنين، ومعركة الشيخ جرّاح، إضافة إلى معركة الأسرى. فالظروف تعيد نفسها إلى ما قبل معركة الشيخ جرّاح والعدوان على قطاع غزة، تشابهها، ولذلك ليعلم العالم أجمع أنّ ترك أسرانا سيخلط الأوراق، وسيجمع الأرض المحتلة في وجه الغزاة".
برنامج فعاليات إسنادية
في نهاية الوقفة أمام مقرّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أعلن رئيس الهيئة العليا للأسرى أمين شومان عن برنامج الفعاليات الصادر عن مؤسسات الأسرى والقوى والفصائل الفلسطينية، الذي بدأ اليوم بالفعل من خلال اعتصامات أمام مقار اللجنة الدولية للصليب الأحمر في المحافظات الفلسطينية، على أن يستمر البرنامج حتى الأربعاء المقبل في الثاني من مارس/ آذار المقبل.
وقال شومان إنّ "غداً الأربعاء سيشهد فعاليات داخل الجامعات، فيما سيشهد بعد غد الخميس مشاركة جماهيرية في الفعاليات المناهضة للاستيطان تحت عنوان إسناد الحركة الأسيرة، بينما يتمّ وقف حركة السير لمدة دقيقتين الأحد المقبل، مع قرع أجراس الكنائس، والتكبير (في الجوامع) لمدّة دقيقة في ذات اليوم".
وأكّد شومان أنّ يوم الثلاثاء المقبل سوف يكون "يوم نفير عام" و"يوم غضب شعبي" في داخل فلسطين وخارجها، وسوف تنطلق المسيرات الساعة 11 من قبل الظهر من مراكز المدن إلى نقاط التماس والاحتكاك مع الاحتلال، بالتزامن مع فعاليات للجاليات في الخارج، فيما تنطلق مسيرات مشاعل ليل الأربعاء من الأسبوع المقبل، على أن يُعلَن برنامج آخر الخميس الذي يليه إلى حين انتهاء معركة السجون.