يشكو ناشطون ليبيون عدم التزام هواة الصيد بالمواسم الرسمية المحددة للصيد، الأمر الذي يؤثر على البيئة البرية. وتمنع قوانين الحكومة الليبية الصيد في مواسم تكاثر وتزاوج الحيوانات، والتي تختلف باختلاف أنواعها سواء كانت طيورا أو حيوانات برية أو بحرية. لكن خلال السنوات الأخيرة، وبسبب غياب تطبيق القانون والرقابة، تحولت كل أشهر العام إلى مواسم للصيد، كما يقول عضو الجمعية الليبية للتنمية البيئية صبري الطالبي. ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "هواة الصيد زاد عددهم بشكل كبير في الجنوب الليبي بعد عام 2014، بسبب الهدوء الأمني في الجنوب، وسط انتشار واسع للسلاح والسيارات ذات الدفع الرباعي والمناظير المتطورة".
ويؤكد الطالبي أن سلسلة جبال أكاكوس ومدينة أوباري في وادي الحياة جنوبي ليبيا وغيرها أصبحت مرتعاً للسيارات الصحراوية والقنص الجائر. يضيف: "من الطبيعي أن تمر بين الأودية وتجد عظاماً متناثرة لعدد من الحيوانات كالغزال أو الضأن البربري (الودان في ليبيا) النادر"، مضيفاً أنه "عادة ما يتم قنصه بواسطة الأسلحة المتطورة من مسافات بعيدة لممارسة هواية القنص وليس الصيد".
يتابع: "غادرت غالبية الحيوانات تلك المناطق بعدما كانت مرتعاً خصباً لها حيث تتوالد فيها بسبب تزايد عمليات القنص والصيد الجائر"، مشيراً إلى أنه أجرى اتصالات بناشطين في دول الجوار الليبي، بينهم ناشطون من الجزائر، وأكدوا له تزايد أعداد الحمير البرية والودان في البلاد نتيجة هجرتها ليبيا.
ويتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوهات منقولة عن ناشطين في مجال البيئة والحياة البرية، أو من صفحات هواة الصيد والقنص، تظهر عشرات الحيوانات المعلقة في الأشجار بعد قنصها، أو على سيارات صحراوية، في مشهد يعكس مدى تفشي ظاهرة التعدي على الحياة البرية من قبل هواة. ويؤكد الطالبي أنهم "لا يملكون تراخيص قانونية للصيد ولا معرفة بمواسمه أو حتى بالحيوانات التي يتم قنصها".
وتبدو الطيور، بصنفيها المهاجر والمتوطن، أكثر عرضة للخطر. وبحسب تقرير لجمعية الطيور الدولية عام 2015، يقتل في ليبيا سنوياً نحو 500 ألف طائر، ما بين طائر مائي وطائر جارح وطائر بري. ويؤكد الأستاذ في قسم علم الحيوان في جامعة طرابلس عبد الباسط المثناني، أن هذه الإحصائيات غير متوفرة لدى أي جهة رسمية في البلاد، موضحاً أن "الوضع في البلاد ربما يشير إلى أن نسبة التعدي على الطيور قد تكون أكبر مما ذكرته الجمعية". ويصف موسم صيد الطيور المهاجرة، خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول في مناطق شرق البلاد، بـ "المعركة الحقيقية"، لافتاً إلى أن "كم الرصاص المتطاير يشعرك بأنك في حرب ولست بين صيادين".
ويلفت المثناني، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن الإقبال الكبير على ممارسة هواية الصيد مرتبط بصيد الطيور الجارحة التي تباع لهواة الطيور من دول أجنبية الذين يأتون إلى ليبيا بقصد شرائها بمبالغ ضخمة. ويقول المثناني إنه أشرف على دراسات ميدانية لطلابه أشارت إلى تغير مسارات بعض أنواع الطيور المهاجرة التي كانت تمر في تلك المناطق نتيجة التعدي عليها وصيدها، مضيفاً أن بعض أنواع الطيور المائية انقرضت مثل الغر ذي المنقار الطويل.
ويروي الطالبي أنه سأل أحد هواة الصيد من مسلحي مليشيات الجنوب الليبي عن سبب قتلهم للحيوانات وتركها في العراء من دون أكلها، فأجابه بأن الدين الإسلامي يحرم أكلها، معلقاً أن "الفوضى باتت كبيرة إلى أقصى الحدود".
وتنشط في البلاد العديد من الجمعيات الأهلية المعنية بالحفاظ على البيئة والتنوع الحيواني والنباتي. وأعلنت الجمعية الليبية لحماية الحياة البرية، في مناسبات عدة، عن إطلاقها برامج تطوعية من أجل جلب أنواع من الحيوانات البرية إلى المحميات الطبيعية بعدما تناقص عددها أو انقرضت، منها الثعالب والسلاحف والغزال والقط البري وأنواع أخرى.
وفي وقت يثني الطالبي على الجهود الأهلية لإنقاذ الحياة البرية، يقول بالمقابل إنها لن تستطيع تعويض ما يتم فقدانه سنوياً من الأنواع النادرة في البيئة الليبية، معوّلاً في هذا الإطار على "وعي المواطن للحفاظ على التوازن البيئي". ويشير إلى أنه يتوجب على المؤسسات الأهلية إطلاق حملات أخرى أكثر أهمية لتوعية المواطن حول مخاطر الصيد الجائر والقنص، وخصوصاً الأنواع البرية المتوطنة التي تعد جزءا من البيئة المحلية.