دفعت أزمة التصحر في الموصل شمال العراق ناشطين بيئيين إلى إطلاق حملة تشجير، في ظل عدم استجابة المعنيين للعمل على إيجاد حلول للأزمة.
تُواجه مدينة الموصل شمال العراق أزمة كبيرة تتعلّق باتساع رقعة التصحر والجفاف، الذي أكل أخيراً مساحات كبيرة من ضواحيها التي كانت عبارة عن غابات ومزارع، وكانت مقصداً للسياح خلال العقود الماضية، وخصوصاً المناطق الغربية والجنوبية للموصل. أمر دفع ناشطين ومهتمين بمجال البيئة إلى إطلاق العديد من التحذيرات والمناشدات خلال الفترة الأخيرة، مطالبين الحكومة العراقية في بغداد بالالتفات إلى المشكلة.
ولا تُظهر الحكومة أو السلطات المحلية في الموصل أي اهتمام ملحوظ بالأزمة، الأمر الذي دفع فرقاً شبابية تطوعية إلى تبني حملات تشجير في عموم مناطق نينوى بجهود ذاتية وبتمويل من المتبرعين، بعدما يئس الجميع من تدخل الدولة في معالجة هذه المشكلة.
وتتوقع وزارة البيئة أن يشهد العراق بحلول عام 2055، 300 عاصفة ترابية في العام، بسبب قلة الموارد المائية وضعف المخصصات المالية لمعالجة مشاكل تغير المناخ والتصحر.
ويؤكد الناشط البيئي أنس الطائي، والذي يُعرف حالياً بأنه أحد أبرز قادة حملة التشجير في المدينة، لـ "العربي الجديد"، إطلاق حملة "شجّر" ضمن سلسلة حملات أطلقت سابقاً من قبل الفرق التطوعية لتشجير مدينة الموصل وعموم مناطق نينوى، مبيناً أن الحملة تهدف إلى تطويق الموصل بالغطاء الأخضر.
وأطلق الطائي الحملة بالتعاون مع مؤسسة محلية مهتمة بالبيئة تُعرف باسم "مثابرون للخير". وقال إن "حملة شَجّر تُعتبر الأكبر على صعيد تحسين الواقع البيئي في نينوى، من خلال زراعة المساحات المتروكة في المدينة وزراعة شجرة أمام كل دار، وزراعة الأشجار في القرى والأرياف المحيطة بالموصل".
وتتضمن الحملة زراعة آلاف الأشجار وزراعة 9 غابات صغيرة مساحة كل منها تصل إلى دونمين. وزرعت كل غابة صغيرة بأكثر من 100 شجرة، مشدداً على أهمية أن يكون المجتمع حاضراً لدعم هذه الحملات من خلال المشاركة في زراعة الأشجار، أي زراعة شجرة أمام كل دار، وزراعة حدائق المدارس والمؤسسات الحكومية. وهذا يساهم في نجاح المبادرات التطوعية الخاصة بتحسين الوضع البيئي.
وعن الدعم المقدم من الجانب الحكومي، أكد الناشط البيئي عدم وجود أي دعم حكومي لملف التشجير، لافتاً إلى أن المبادرات تنفذ بشكل تطوعي وبتمويل من المتبرعين.
ولاقت حملات التشجير رواجاً وتفاعلاً شعبياً في الموصل، ويظهر ذلك من الحملات التي يطلقها أفراد المجتمع رغم محدوديتها لزراعة الأشجار في الطرقات والمدارس والقرى وغيرها من المناطق.
ويقول رئيس مؤسسة "مثابرون للخير" المهتمة بالبيئة، محمد العدواني، إن الحاجة الفعلية لمحافظة نينوى في سبيل مواجهة مشاكل التصحر وتغيير المناخ تتطلب خلق مساحات خضراء على مساحة 25 في المائة من المساحة الكلية للمحافظة، مضيفاً في حديث لـ "العربي الجديد" أن "حملة شَجّر مبادرة مجتمعية تهدف أيضاً إلى زيادة الوعي بشأن مخاطر الاحتباس الحراري".
أضاف أن "الحملة تتضمن زراعة أشجار سريعة النمو ومقاومة لتغير المناخ والاحتباس الحراري ورخيصة، كأشجار النبك والألبيزيا واليوكالبتوس واللوسينيا، من خلال غابات مصغرة، والثانية تشمل توسيع هذه الغابات وزراعة الأشجار المثمرة فيها بنسبة قد تصل إلى 50 في المائة".
وبحسب رئيس مؤسسة مثابرون للخير، فإن عدد الأشجار التي زرعت حتى الآن وصل إلى 50 ألف شجرة. وأطلق ناشطون في الموصل أخيراً حملة عبر مواقع التواصل دعوا فيها المرشحين الفائزين بعضوية مجلس محافظة نينوى إلى دعم مبادرات التشجير عبر زراعة أشجار بعدد الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات المحلية.
وتفاعل مع الحملة ثلاثة من المرشحين الفائزين في مجلس نينوى وهم عبد الله النجيفي وحسان ثابت العباسي وسبهان جاجان، وأعلنوا عن دعم الحملة بأشجار بعدد الأصوات التي حصدوها في الانتخابات.