ينطلق الأطفال في مدينة غزة للمُشاركة في الألعاب والأنشطة الترفيهية والتعليمية والتربوية التي ينظمها مركز حديقة "إسعاد الطفولة" على مدار العام، والتي تهدف إلى تخفيف الضغوط النفسية وإكساب الأطفال العديد من المهارات التي تُساعدهم على الاستفادة من أوقاتهم.
وتتنوع الأنشطة التي يتسابق الأطفال للمُشاركة فيها، والتي يقدمها المركز داخل الحديقة، في ظل انعدام الأماكن الترفيهية والمساحات المجانية التي يُمكن للأطفال الاستفادة منها، لا سيما في ظل الضغوط النفسية والمعيشية التي يمر بها الأطفال بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي الخانق، والمفروض على قطاع غزة منذ 16 عاماً.
ويعتبر مركز حديقة "إسعاد الطفولة" ثمرة لسلسلة من الجهود والاجتماعات واللقاءات وورشات العمل بين بلدية غزة وعدد من المؤسسات الاجتماعية ذات الاهتمام بالطفولة في فلسطين، حيث ولدت فكرة المركز التي تستند إلى أهمية وجود مساحة آمنة للأطفال تُمكنهم من اللعب والمُشاركة في معظم الأنشطة التفاعلية، والتي تعود بالإيجاب عليهم.
ويتوزع الأطفال بين أحضان الطبيعة، للمُشاركة في مختلف الأنشطة والألعاب، ومنها ألعاب الباراشوت الملون، ويتشارك فيها الأطفال بشكل جماعي، وإلى جانبهم أطفال يلعبون لعبة الشطرنج الصغير، ولعبة أخرى للشطرنج الذي يُلعب بشكل جماعي على أرضية كبيرة.
وعلى أنغام الأغاني، ينشغل الأطفال بـ"النطنطة" والقفز بين الأشجار والورود، فيما ينشغل الباقون بالرسم الحر، والتلوين بالألوان الزاهية، والتي عبروا فيها عن آمالهم وأحلامهم بحياة آمنة ومستقرة.
وتشاركت الطفلة حلا زينو (9 سنوات)، مع الطفلة زينب ساق الله في الرسم والتلوين على لوحات وضعت على شتول النجيل الأخضر، وتقول حلا لـ"العربي الجديد"، إنها شاركت في مختلف الأنشطة الترفيهية، والتي انتهت بتلوين لوحة بعنوان "ويبقى الأمل"، بينما تقول صديقتها زينب إنها اختارت رسم أطفال يلهون ويلعبون ويقفزون، مُستخدمة الألوان الزاهية للتعبير عن الفرح.
وتُعبر الطفلة لانا جنينة (10 سنوات)، عن سعادتها بالمُشاركة في الأنشطة إلى جانب الأطفال، من خلال اللعب بمختلف الألعاب برفقة شقيقها لؤي (9 سنوات)، وتوضح لـ"العربي الجديد"، أنها شاركت في أنشطة الرسم، كما في جلسات تتعلق بالتحذير من التنمر والأنماط الغذائية الخاطئة.
أما الطفل وليد أبو زعيتر، فيوضح أنه شارك في المخيم الشتوي الحالي داخل مركز حديقة "إسعاد الطفولة" لاستغلال الإجازة المدرسية، وقد شارك في الأنشطة المتنوعة، مثل الرسم والتوجيهات الخاصة بالالتزام بالقوانين والمواعيد، فيما تقول الطفلة جنى الحداد (11 عاماً)، والتي بدت منسجمة مع صديقتها نور عمار في لعبة الشطرنج، إنها سعيدة بالأنشطة المتنوعة، ما بين الفيديوهات التوعوية المفيدة وفعاليات الألعاب المُسلية.
بدورها، توضح مديرة مركز حديقة "إسعاد الطفولة" فريال حلس أنّ أطفال فلسطين حُرموا من طفولتهم ومن حقهم في العيش كسائر أطفال العالم، جراء الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة، وخاصة التي يعاني منها قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات طويلة، وتضيف متحدثة لـ"العربي الجديد": "لذلك أردنا أن تكون حديقة إسعاد الطفولة مساحة للسلام، وفرصة لأن نعيد للأطفال طفولتهم والحياة المملوءة بالضحك والمتعة والتطور الصحي".
وتوضح حلس أنّ المركز يهدف إلى المحافظة على الهوية الفلسطينية والتراث، والمساهمة في تعزيز قدرات الأطفال الإبداعية والفنية المتنوعة، وفي زيادة القاموس اللغوي المعرفي للأطفال، كما في الحفاظ على صحة الطفل وبيئته، علاوة على المساهمة في بناء ثقة الأطفال بأنفسهم.
وتبين أنّ المركز "يسعى إلى تطوير جسر التعاون بين المركز والمدرسة والأسرة، وتطوير قدرات الأطفال على التكيف والتفاعل الاجتماعي، إلى جانب تشجيع الطفل في وضع حلول للمشكلات وإدارة الأزمات، وعلى التعبير اللغوي والشفوي، وخاصة أن الحديقة مُصممة لجلب السعادة والفرح لأطفال مدينة غزة، والتي تعتبر من أكثر المناطق المزدحمة بالسكان في العالم".
ويحتوي مركز حديقة "إسعاد الطفولة"، وفق وصف حلس، على مبنى الإدارة، ومبنى الفعاليات، وقاعة المسرح، وبرك المياه، وخان الزيت، والنافورة، والمسرح الهوائي، كما يضم المرسم الحر، وبيت الصياد، وشلال المياه وألعاب الساحة الخارجية.
أما بخصوص الألعاب، فيضم المركز ألعاباً حركية لتفريغ الطاقة السلبية وكسر الجمود وبناء الثقة، وألعاب تركيز مثل الشطرنج، والتنس، والبيبي فووت وألعاب البازل، والسلم والحية، ونط الحبل، والكور والباراشوت، وأيضاً الألعاب والمسابقات المحوسبة.
وتتعدد البرامج التي يقدمها المركز للأطفال، حيث يقدم برنامج الثقافة والهوية الفلسطينية، ويختص بتعريف الأطفال بموقع فلسطين وأهميتها التاريخية والدينية، وبمدن فلسطين الكبرى وبالمدن والقرى التي اندثرت، إلى جانب تعريفهم بأهمية العلم الفلسطيني، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وبناء المستوطنات الإسرائيلية وتهويد القدس، وأيضاً توعية وتثقيف الطلبة بقضية اللاجئين الفلسطينيين، وحق العودة للشعب الفلسطيني، والمحميات الطبيعية في فلسطين، وخاصة مدينة غزة.
وتتضمن برامج المركز برنامج المهن اليدوية، ويسعى إلى تعريف الأطفال بالتطريز الفلاحي والفن الفلكلوري الشعبي، وغزل النسيج على النول، والفخار، وصناعة الزجاج والخزف والصابون والحلي الفلسطينية، وبرنامج التوعية البيئية، ويوصل الرسائل التربوية حول النفايات، والمياه، والتغذية، والكهرباء، والصرف الصحي، والوباء الكيميائي داخل المنازل، والتدخين ومضاره، والمحافظة على الممتلكات العامة.
ويتم ضمن أنشطة مركز "إسعاد الطفولة" أيضاً تقديم برنامج التثقيف والإرشاد الصحي، ويتم خلاله تعريف الأطفال بمفهوم الصحة، والنظافة الشخصية، والسلامة والأمان من الحوادث المنزلية، والغذاء المتوازن، والإسعافات الأولية، فيما يتعلم الأطفال ضمن برنامج التصاميم الفنية والأشغال اليدوية على الرسم الحر والموجه، ورسم الجداريات، واللوحات الفنية من الصلصال والسيراميك والزلف.
ويسعى المركز من خلال برنامج الإرشاد التربوي للأم والطفل إلى التخفيف من الضغوط النفسية، وتعديل سلوكيات الأطفال في المعاملات داخل البيئة المدرسية وخارجها، كما يوجههم نحو طرق المذاكرة والاستذكار، وتعزيز القيم والصفات الحسنة.