استمع إلى الملخص
- أطلقت الحكومة الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي لتوفير إطار قانوني للعاملين في تسيير النفايات، مما أدى إلى تضاعف المؤسسات الصغيرة في هذا المجال.
- نظمت الجزائر الصالون الدولي لاسترجاع النفايات لتعزيز الاقتصاد الدائري، مع هدف رفع نسبة التدوير إلى 30% وتقديم تسهيلات ضريبية للمستثمرين.
زاد الإقبال في الجزائر على مهنة فرز وإعادة تدوير النفايات، وعزز الاهتمام الحكومي زيادة الإقبال، إذ أتيح للعاملين في جمع النفايات إطاراً قانونياً يعرف بـ"المقاولة البيئية"، كون هذا النشاط يسهم في توفير فرص عمل، ويحقق عائدات مالية، كما يساعد في حماية البيئة.
بشاحنة صغيرة الحجم، يتنقل الشاب رمزي صباح كل يوم بين عدة أحياء بالعاصمة الجزائرية لفرز النفايات قبل وصول شاحنات جمعها، ومن بينها أماكن وضع النفايات بحي "الكونفور" في أعالي العاصمة، حيث يقوم أولاً بفرز النفايات لعزل البلاستيك والمعادن، ثم وضع ما يجده في أكياس كبيرة داخل شاحنته.
يقول رمزي لـ"العربي الجديد": "كنت أعمل في مؤسسة صغيرة لكنها توقفت، ووجدت نفسي عاطلاً، ثم اهتديت إلى فكرة جمع البلاستيك، وشجعني وجود عدد كبير من المؤسسات التي تشتري البلاستيك المستعمل، وتعيد تدويره، ما يوفر لي دخلاً جيداً، وقد جهزت نفسي بما يلزم من وسائل الوقاية كالقناع والقفازات الخاصة حفاظاً على صحتي".
في منطقة العفرون بولاية البليدة، يعمل الشقيقان يوسف وأكرم في جمع البلاستيك باستخدام شاحنة صغيرة. يقول يوسف لـ"العربي الجديد": "نجمع ما يمكننا من البلاستيك، ثم نبيعه لمؤسسات متخصصة في إعادة التدوير، ويراوح سعر الكيلوغرام من البلاستيك بين 50 إلى 70 ديناراً، بحسب نوعية البلاستيك، وهذا يفرض علينا فرزه قبل نقله للبيع. نحصل على مقابل يومي مقبول، وفي بعض الأحيان يكون الرزق وافراً، ونحقق نحو 10 آلاف دينار (ما يعادل 50 يورو)، وهو مبلغ محترم".
وفرت الحكومة الجزائرية إطاراً قانونياً للعاملين في مجال النفايات
مع تزايد عدد الشبان العاملين في هذا المجال، وبروز إمكانية جدية لأن يصبح هذا النشاط مساعداً على توفير فرص عمل بالتزامن مع الإسهام في حماية البيئة، بادرت الحكومة الجزائرية إلى إطلاق الوكالة الوطنية للمقاول الذاتي، لتوفر إطاراً قانونياً يحمي العاملين في مجال تسيير النفايات من مزاولة نشاطهم قانونياً، وتتيح لهم الحصول على التغطية الاجتماعية، والاستفادة من الامتيازات الضريبية، كما تسعى الوكالة الحكومية لتثمين النفايات إلى تشجيع الشبان على الانخراط في وكالة المقاول الذاتي بهدف تقنين نشاطهم والاستفادة من الامتيازات.
ومع تزايد نشاط إعادة تدوير النفايات، تضاعف عدد المؤسسات الصغيرة التي تعمل في هذا المجال، إذ تحصي وزارة البيئة الجزائرية ما يقارب 20 ألف ناشط في هذه الحرفة، من بينهم أكثر من 14 ألف ناشط مستقل، وما يقارب خمسة آلاف مؤسسة.
وتؤكد دراسة أجرتها وزارة البيئة الجزائرية أن القيمة السوقية للنفايات القابلة لإعادة التدوير زادت من 92 مليار دينار (400 مليون دولار) في عام 2020، إلى نحو 207 مليارات دينار (مليار دولار) في عام 2023.
وفي خطوة لتشجيع المؤسسات والناشطين في هذا المجال، أقيم الأسبوع الماضي، الصالون الدولي لاسترجاع وتثمين النفايات، والذي نظمته الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة بالتعاون مع الوكالة الوطنية للنفايات بمشاركة نحو 80 مؤسسة، وبهدف تعزيز الاقتصاد الدائري وتحقيق التنمية المستدامة، ورفع الوعي لدى كل شرائح المجتمع بأهمية تدوير النفايات، وتطوير وتعزيز استعمال التقنيات الحديثة التي تشجع على الاستثمار في إدارة النفايات.
وكشفت الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة خلال الصالون، أن كمية النفايات التي يتم التخلص منها في الجزائر، تقدر بـ34 مليون طن، من بينها 13,5 مليون طن من النفايات المنزلية، ويُعاد تدوير نحو 10% فقط منها، ما يعني أن 90% منها لا يُستفاد منه رغم ما لها من قيمة اقتصادية.
ودفعت تلك النسب المتدنية الحكومة الجزائرية إلى العمل على رفع نسبة التدوير على مراحل، على أن تصل في المرحلة الأولى إلى 30% من النفايات، والعمل على تنفيذ خطة لتعزيز اقتصاد التدوير من خلال إنشاء مؤسسات مختصة في فرز وإعادة تدوير الكرتون والورق والبلاستيك وغيرها، بما يساعد في استحداث فرص عمل، والقضاء على مشكلة دفن النفايات.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، صادقت الحكومة على مرسوم يتضمن عدة تسهيلات ضرائبية تطبق على المستثمرين في مجال تدوير النفايات، ويتضمن لائحة المواد القابلة للتدوير، وكيفية تطبيق الإعفاء والتسهيلات الممنوحة للمؤسسات والأفراد الناشطين في جمع النفايات القابلة للاسترجاع، بما يساعد على خلق الثروة، وإنشاء وظائف جديدة، وحماية البيئة، فضلاً عن مكافحة انتشار جمع النفايات غير الرسمي.