جامعات أفغانستان تخسر أساتذتها

03 مارس 2022
أمام جامعة قندهار (مرتضى خالقي/ الأناضول)
+ الخط -

فتحت الجامعات الحكومية أبوابها أمام الشبان والشابات في خمس ولايات في شرق وجنوب أفغانستان، في وقت وعدت فيه حركة "طالبان" بفتح جميع الجامعات الحكومية في منتصف مارس/ آذار المقبل. إلّا أنّ الجامعات تواجه مشاكل كبيرة بسبب التغيرات التي شهدتها البلاد خلال الأشهر الستة الماضية وسياسات وآليات "طالبان" الجديدة. من بين هذه المشاكل توجه الكثير من الأساتذة إلى دول أوروبية وغربية ودول الجوار كإيران وباكستان من أجل تأمين لقمة العيش، إذ إن الجامعات الأفغانية كانت متوقفة ومصيرها لم يكن واضحاً، على الرغم من تطمينات الحركة. 
وقالت "بي بي سي بشتو"، في تقرير نشر في الثالث من الشهر الجاري، إن 229 مدرساً من جامعات كابول وهرات وبلخ غادروا البلاد. ومن جامعة كابول وحدها هرب 112 مدرساً، و75 من جامعة هرات، و42 من جامعة بلخ. كما غادر أساتذة جامعيين أفغانستان بحجة المرض أو استكمال الدراسة. وغادر جامعة كابول وحدها 50 مدرساً. من بين هؤلاء شبنم صالحي، التي هاجرت أخيراً إلى كندا. كانت تدرس في كلية الإدارة العامة بجامعة كابول منذ سبعة أعوام، كما كانت عضواً في لجنة حقوق الإنسان الوطنية، لكنها غادرت البلاد بسبب ما شهدته خلال الأشهر الأخيرة.

كانت على يقين بأنّ الجامعات الأفغانية ستفتح أبوابها لكن بشروط "طالبان"، وبالتالي كان يصعب عليها مواصلة العمل، وحدث ما كانت تخشاه وهو الفصل بين الذكور والإناث وفرض الحجاب. وهي ترى أن تلك الآلية الجديدة تعدّ عقبة أساسية أمام التعليم العالي في أفغانستان، متوقعة أن يغادر العديد من الأساتذة أفغانستان بحثاً عن حياة أفضل خارج البلاد. وتؤكد صالحي، لـ "بي بي سي بشتو"، أن الأجواء العامة والحالة النفسية غير مهيئة لمواصلة الأساتذة عملية التدريس داخل البلاد.
كما ترك الدكتور أحمد غني خسرو، الذي شغل منصب رئيس كلية الآداب في جامعة هرات، البلاد أخيراً ولجأ إلى ألمانيا. واليوم، يسعى خسرو إلى تأمين لقمة العيش وحياة هانئة لأسرته، ويرى أن المشكلة الأساسية التي يعانيها الأساتذة تتمثل في الحالة المعيشية الصعبة التي دفعت كثيرين إلى مغادرة البلاد رغماً عنهم، مشيراً إلى أن لدى الأساتذة عائلات وأولاد، ونظراً إلى سياسة طالبان، فلن يكون ممكناً تغيير الوضع في الوقت الراهن، وخصوصاً في ما يتعلق بالمعيشة والاقتصاد.
هذه الأزمة دفعت وزارة التعليم العالي إلى إصدار بيان في التاسع من الشهر الجاري، يطالب جميع الأساتذة الذين خرجوا من البلاد بالعودة إلى وطنهم والمساهمة في دفع عجلة العلم إلى الأمام من خلال التدريس في الجامعات الحكومية والخاصة، مؤكداً أن حكومة "طالبان" ضامنة لكل ما يحتاج إليه المدرسون في الجامعات.

طلاب في جامعة في أفغانستان (عامر قريشي/ فرانس برس)
طالبات في جامعة في أفغانستان (عمر أبرار/ فرانس برس)

كما أكدت الوزارة أن "أفغانستان موطن لجميع الأفغان، وطالبان مصممة على تهيئة أجواء مناسبة لجميع الأساتذة والكادر العلمي مع مساعدتهم مادياً ونفسياً، مجددة "الترحيب بجميع الأساتذة" ودعتهم إلى العودة مجدداً، أضافت: "نجدد عهدنا بأننا لن نحرم أحداً من حقوقه المالية التي ستُدفع كاملة إلى الأساتذة الذين خرجوا من البلاد، كما هو الحال مع الأساتذة الموجودين".
في هذا السياق، يقول النائب العلمي لوزير التعليم العالي لطف الله خير خواه، لـ"العربي الجديد": "نُعطي أهمية كبيرة للتعليم، وخصوصاً التعليم العالي في البلاد. وفي وقت تواجه فيه البلاد مشاكل اقتصادية مدوية، قررت حكومة طالبان أن تعطي الحقوق المالية لجميع الأساتذة بكاملها، في حين أجريت تعديلات تتعلق بموظفي الحكومة في المجالات الأخرى، الأمر الذي يشير إلى مدى التقدير والاحترام الذي تكنه حكومة طالبان لشريحة الأساتذة الجامعيين".
ويقول نائب الناطق باسم "طالبان"، عضو اللجنة الثقافية في الحركة إنعام الله سمنغاني، لـ"العربي الجديد"، إن "الطريق الوحيد لإخراج البلاد من المأزق الحالي هو طريق العلم والتعليم، وهذه هي رؤية طالبان الأصيلة. من هنا ثمة اهتمام كبير بالجامعات والعملية التعليمية بشكل عام. وسنضمن لجميع الأساتذة حقوقهم الكاملة في حال عودتهم إلى العملية التعليمية في أفغانستان مجدداً".

ويقلق هرب الأساتذة الجامعيين الطلاب والمعنيين بالقطاع. وتقول ليلي رفيع، وهي طالبة في كلية القانون في جامعة جلال أباد، لـ"العربي الجديد": "نواجه مشاكل كبيرة بسبب خروج الأساتذة من البلاد. الكثير من المواد يدرّسها غير المتخصصين بعدما غادر المتخصصون". 
وتفادياً لتلك المشكلة، أعلنت "طالبان" أخيراً عن توظيف الأساتذة الجامعيين، تمهيداً لبدء عملية التعليم في جميع الجامعات الأفغانية في منتصف مارس/ آذار المقبل، غير أن معظم المتقدمين للحصول على الوظائف هم طلاب تخرجوا من الجامعات خلال السنوات الماضية وليست لديهم خبرة كافية للتدريس في الجامعات.

المساهمون