يواصل عدد من السجناء بسجن المرناقية (شمال غرب العاصمة) إضرابهم المفتوح عن الطعام منذ يوم السبت 31 ديسمبر /كانون الأول 2022، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الظروف اللاإنسانية والتمييزية الممنهجة في حقهم"، وفقاً لتأكيدات منظمات حقوقية ونشطاء.
وقالت عضو مجموعة "محامون لحماية الحقوق والحريات"، إيناس حراث، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إن "إضراب الجوع انطلق منذ السبت 31 ديسمبر/كانون الأول احتجاجاً على سوء المعاملة المتمثلة في العنف المادي والمعنوي والإهانات والعقوبات بالحبس الانفرادي بشكل دوري ودون سبب، فضلا عن حرمانهم من الزيارة".
وتابعت حراث: "لأن الأوضاع ساءت، فإن عدداً كبيرا من موقوفي قضايا مكافحة الإرهاب دخلوا في إضراب عن الطعام بسبب تعسف وإهمال الإدارة، وهناك منهم من يمتنع حتى عن شرب الماء".
وشددت المتحدثة على أن "المعطيات ثابتة وتم استقاؤها من عدة عائلات وتم الاتصال بمحامين وهناك تقاطع في المعلومات، بالإضافة إلى زيارة محامين للسجناء ومعاينة حالتهم الصعبة".
ولم تصدر إدارة السجون في تونس أي بيان بالخصوص، ولم نتمكن من الحصول على رد رسمي من الجهات المعنية.
وبينت المحامية أنها "تلقت عدة إشعارات من عائلات نقلت عن أبنائها معاناتهم والحالة المزرية التي يكابدونها"، مشيرة إلى أن "السجناء يرفضون فك الإضراب لأن إدارة السجن تعاملت بتعسف مع مطالبهم".
وأضافت أن "من بين أسباب إضراب الجوع، الوضعية الصحية لعدد من الموقوفين، بسبب محدودية الإطار الطبي بسجن المرناقية مقارنة بعدد المحتاجين للعلاج، ولا تتم تلبية طلبات للعلاج في ظل انتشار الأمراض الجلدية وتحولها إلى وباء بسبب الاكتظاظ في غرف النزلاء ونقص الأدوية، الوضعية انفلتت وإدارة السجن أصبحت غير قادرة على تلبية الحاجيات".
وبينت حراث أن "الوضعية تتطلب إطلاق صيحة فزع للمظمات الحقوقية والمسؤولين وهيئات الوقاية من التعذيب ورابطة حقوق الإنسان".
وكان مرصد الحقوق والحريات، قد أعلن الثلاثاء دخول عدد من السجناء بسجن المرناقية في إضراب مفتوح منذ 31 ديسمبر /كانون الأول 2022، احتجاجاً على الأوضاع الصعبة التي يكابدونها داخل هذه المؤسسة السجنية.
وأفاد المرصد في بيانه، بأنه "سبق له مع عدد من الجمعيات الوطنية والدولية أن أشاروا إلى بعض تلك الظروف اللاإنسانية والانتهاكات الحاصلة من بعض ضباط وأعوان السجون في حقّ عدد من الموقوفين والسجناء، وذلك من خلال تقارير ومراسلات حقوقية سابقة، كان من بينها مراسلة المرصد التي توجه بها إلى كل الجهات الرسمية عندما خاض بعض السجناء إضراباً عن الطعام في ديسمبر 2019 والذي لم يرفع إلا بعد تقدم الجهات السجنية بوعود زائفة لم تطبق منذ ذلك التاريخ"، وفق نص البيان.
ووصف المرصد، الوضع، بـ"الخطير خاصة بعد التواصل مع أطراف عديدة ذات صلة، ثم بالزيارة المباشرة التي قام بها رئيس المرصد وعدد من المحامين في الأسبوع الأول من شهر يناير/كانون الثاني 2023 إلى السجن المذكور".
وأكد أن "عدد المضربين يعدّ بالعشرات وحالة بعضهم خطيرة"، منددا بـ"تعنت إدارة السجن واستمرارها في انتهاج سياسة التجاهل واللامبالاة والهروب إلى الأمام بل وحتى معاقبة بعض المضربين ووضعهم بالسجن الانفرادي "السيلون"".
واعتبر مرصد الحقوق والحريات أن "مجمل مطالب المضربين شرعية وجاءت احتجاجاً على ظروف الإقامة السيئة والاكتظاظ الشديد والحرمان من فراش مستقل، وانتشار الأمراض المعدية واستمرار الإهمال الطبي ومنع دخول الأدوية".
وتحدث عن "الاعتداءات المادية واللفظية المتزايدة على السجناء واستستهال عقوبة " السيلون "(الحبس الانفرادي) والنقل التعسفي الانتقامي لكل من يطالب بحق أو يعترض على مظلمة" بحسب البيان، محذراً من "التعدي على حرية المعتقد ومنع إقامة الشعائر الدينية على نحو مقبول، وحرمان أغلب الموقوفين من الحق في الاستحمام، المطالعة، ممارسة الأنشطة الرياضية أو الثقافية، وكذلك ضيق وقت في الزيارة وحرمان عائلات الموقوفين والسجناء "المصنفين" منذ سنوات من الزيارة المباشرة (من دون حاجز)".
ودان المرصد "استمرار هذه الممارسات اللاإنسانية، وسياسة اللامبالاة والإنكار التي تعتمدها الجهات الرسمية المدمنة على الخطأ والرافضة للإصلاح، وذكرها بالمبدأ الدستوري الذي ينص على أن " لكل سجين الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامته وأنّ الدولة تراعي في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية مصلحة الأسرة، وتعمل على إعادة تأهيل السجين وإدماجه في المجتمع".
وأكد أنّ " استمرار مثل هذه السياسات قد يفسر نسب العود المرتفعة والتي تتراوح بين 30 و 40 في المائة، بما أنّ المؤسسات السجنية تحولت في كثير من الأحيان إلى مؤسسات عقابية انتقامية بعيدة كل البعد عن الإصلاح.
ودعا المنظمة الوطنية للوقاية من التعذيب، والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وبقية المنظمات والفرق والجمعيات المخول لها زيارة السجون، إلى "التدخل العاجل والمساهمة الفعالة من أجل إيجاد حلول عاجلة وآجلة للوضع المأساوي واللاإنساني الذي تعيشه السجون التونسية بصفة عامة وسجن المرناقية بصفة خاصة".