تونس: إفراط في الاستهلاك خلال رمضان

08 ابريل 2022
ارتفعت أسعار العديد من المواد الغذائية (العربي الجديد)
+ الخط -

عند الساعة الثامنة صباحاً، يتوجه محمد العربي (48 عاماً) إلى سوق سيدي البحري في العاصمة تونس لشراء ما يحتاجه من مواد غذائية. تبدأ جولته في سوق الخضار ثم ينتقل إلى سوق السمك، ولا ينسى المرور بمحلات الحلويات التقليدية التونسية التي تشهد إقبالاً كبيراً خلال شهر رمضان. يقول: "عادة ما أذهب إلى السوق مرة واحدة أسبوعياً لشراء ما أحتاجه. لكن يختلف الأمر خلال شهر رمضان. ولا يمر يوم من دون أن يتوجه إلى السوق لشراء حاجياته وشراء مواد غذائية طازجة". يضيف أنه يشتري الحلويات يومياً، وخصوصاً الزلابيا والقطايف والمقروض لتناولها بعد الإفطار، مشيراً إلى أنه ينفق نحو 500 دولار خلال شهر رمضان، علماً أن إنفاقه الشهري عادة لا يتجاوز 250 دولاراً بسبب زيادة استهلاك الألبان والأجبان والخبز واللحوم
وخلال شهر رمضان، يحرصُ التونسيون على الحفاظ على تقاليدهم وعاداتهم الغذائية المتوارثة. وعادة ما تتغيّر عاداتهم الاستهلاكية خلال هذا الشهر، ويقبلون على شراء كميات أكبر من الألبان والحليب ومشتقاته. كما يزداد استهلاكهم للحوم. ويومياً، تشهد المحال التجارية طوابير طويلة من الناس. وكثيراً ما يتحدث ناشطون على مواقع التواصل عن تغير السلوك الاستهلاكي خلال رمضان، وينتقدون التهافت على العديد من المواد الغذائية واستهلاكها بشل كبير.  
وكشف المعهد الوطني للاستهلاك في دراسة أعدها عام 2019 ارتفاع نسبة الاستهلاك لدى التونسي بنسبة 34 في المائة خلال شهر رمضان، مشيراً إلى أن ثلث ما يُطهى خلال هذا الشهر يُرمى في القمامة، من بينها 900 ألف رغيف خبز يومياً. وذكرت الدراسة أنّ استهلاك التونسي يرتفع خلال الأسبوع الذي يسبق شهر الصيام على الرغم من ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرة إلى أن استهلاك التونسي يرتفع بشكل متواصل، وتُقدر الزيادة السنوية ما بين 8 و9 في المائة.

في هذا السياق، تقول عائشة الرحالي (38 عاماً) إنّ عاداتهم الغذائية تتغيّر خلال شهر رمضان على غرار جميع العائلات التونسية. وخلال الأيام العادية، عادة ما تقتصر طاولة العشاء على طبق رئيسي وسلطات. لكن خلال شهر الصيام، لا يغيب الحساء واللحوم وغيرها عن موائد الإفطار، الأمر الذي يجعل إنفاق التونسي يرتفع بشكل لافت خلال رمضان على الرغم من أنّ غالبية المواد الغذائية تشهد ارتفاعاً كبيراً. تضيف أنّها عادة ما تقصد سوق الخضار واللحوم مرة واحدة أسبوعياً. أما خلال رمضان، فتقصد السوق أكثر من ثلاث مرات في الأسبوع، حتى ولو لم تقتن شيئاً، إذ تحب التوجه إلى الأسواق ومشاهدة ما هو معروض.  
وفي ظل تغيّر السلوك الاستهلاكي للتونسي وإقدامه على شراء الكثير من المواد الغذائية وبكميات كبيرة على غرار الخبز والألبان والحلويات، يتساءل البعض عن كيفية توفير الموارد المالية اللازمة خلال شهر رمضان، على الرغم من ارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية بشكل كبير. 

الصورة
رمضان في تونس (العربي الجديد)
سلوك التونسي الاستهلاكي يتغيّر بشكل كبير خلال شهر رمضان (العربي الجديد)

إلى ذلك، يقول كاتب عام المرصد التونسي للخدمات المالية طارق بن جازية لـ "العربي الجديد" إن سلوك التونسي الاستهلاكي يتغيّر بشكل كبير خلال شهر رمضان، موضحاً أنّ بعض المواد تشهد إقبالاً كبيراً ويتضاعف حجم الاستهلاك ثلاث مرات بالمقارنة مع الأيام العادية، وخصوصاً الألبان والخبز والحلويات. ويلفت إلى أن التونسيين اعتادوا تناول أطباق معيّنة خلال رمضان ولا يجب أن تغيب عن مائدة الإفطار وخصوصاً اللحوم والبيض على الرغم من ارتفاع أسعارها. 

وكثيراً ما تنشر منظمة الدفاع عن المستهلك خلال الأيام التي تسبق شهر رمضان نصائح لترشيد الاستهلاك وتوعية المستهلك حول ضرورة عدم الإسراف في الإنفاق وتجنب إتلاف المواد الغذائية وعدم الخضوع للاستغلال التجاري. وتشير إلى الوضع الصعب الذي يعيشه المستهلك هذا العام بسبب فقدان العديد من المواد الأساسية، لا سيما تلك المدعومة على غرار الزيت النباتي والدقيق والسكر والأرز من جراء الأزمة العالمية. وتدعو إلى عدم التهافت على تلك المواد بشكل كبير في حال توفرت في السوق وعدم الانسياق خلف البيع المشروط في مقابل توفيرها، أو اقتناء كميات كبيرة تزيد عن الحاجة وبالتالي حرمان مستهلكين آخرين من تلك المواد. 

المساهمون