تونس: أطباء كورونا مطالبون بمزيد من الجهد

20 اغسطس 2021
وباء كورونا استهلك طاقات أطباء تونس (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تدعو عمادة الأطباء الوطنية في تونس منذ يونيو/ حزيران الماضي جميع الأطباء إلى العمل ساعات إضافية، وبذل مجهود أكبر والتجنّد في أداء مهمات بالمستشفيات الميدانية التي شيّدتها وزارة الصحة لإيواء مرضى وباء كورونا في مناطق عدة. وتؤكد بيوانات العمادة الوطنية ضرورة تأمين الأطباء حصص دوام إضافية في كل المستشفيات العامة والميدانية، وفق جداول وضعتها بمشاركة الأطباء أنفسهم وبالتعاون مع إدارات وزارة الصحة، من أجل مكافحة أزمة التفشي الكبير للوباء إثر ظهور متحوّر "دلتا" الهندي في تونس التي تشهد أكثر من 5 آلاف إصابة جديدة ونحو مائة وفاة يومياً.
ويرحب القطاع الخاص باقتراح العمادة تخصيص ساعات عمل إضافية، خصوصاً في المستشفيات الميدانية. يقول أحمد بن فرحات، الطبيب في مستشفى خاص لـ"العربي الجديد": "منذ العام الماضي يتطوّع أطباء وممرضون كُثر للعمل في المستشفيات الميدانية كلما تدعو الحاجة بحسب تطورات الوباء، خصوصاً في مناطق تشهد وضعاً وبائياً كارثياً، وارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات. ومن المعلوم أن العمل في المستشفيات الميدانية لا يتطلب التزام دوام طويل في شكل مستمر من أجل تلبية احتياجات المرضى، باعتبار أن غالبية المرضى يحتاجون إلى التزود بالأوكسجين أو الخضوع لإجراءات إنعاش تتطلب تنفيذ عمليات تفقد ومراقبة ميدانية بين حين وآخر، والتي يتولاها ممرضون أيضاً".
عموماً، تعرض القطاع الصحي العام في تونس لإنهاك كبير بسبب تفشي وباء كورونا، واكتظاظ جميع أقسام المستشفيات العامة بالمرضى. واضطر الأطباء إلى الإشراف على عدد كبير من المرضى في وقت واحد. وقد رفض المشرفون على القطاع العام العمل أكثر من الوقت العادي، وعدم منح الأطباء عطلهم السنوية هذا العام، علماً أن النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الاستشفائيين الجامعيين أكدت في بيان أصدرته في 21 يوليو/ تموز الماضي، أن قرار رئيس الوزراء هشام المشيشي، الخاص بإلغاء العطلة السنوية للقطاع الصحي المنهك من جراء الجائحة يندرج في إطار السياسة الحكومية الفاشلة في مقاومة الوباء.

وشددت النقابة على أنها "تملك دراية أكبر بجداول عمل أعضائها الذين يعمل غالبيتهم ساعات إضافية منذ تفشي وباء كورونا، ويشرفون على عدد كبير من المرضى في وقت واحد بسبب اكتظاظ المستشفيات. وقد طالبنا في إبريل/ نيسان الماضي الحكومة بضرورة تعزيز الكوادر الطبية في القطاع العام عبر رفع عدد المتعاقدين من اختصاصات مختلفة طبية أو شبه طبية، وتوفير ظروف عمل مناسبة لهم، وهو ما لم يحصل بسبب وقف التعاقد في الوظائف العامة منذ أكثر من سنتين في كل القطاعات".  
يؤكد طبيب رفض الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد" أن "غالبية أطباء القطاع العام خصوصاً في أقسام كورونا يعملون منذ عام 2020 فوق طاقة استيعاب الأقسام، ويشرفون على عدد من المرضى يتجاوز المسموح به لكل طبيب، ما أنهك طاقات غالبيتهم بسبب عملهم بلا راحة. والحل اليوم يتمثل في دعم القطاع الطبي بموارد بشرية، وفتح باب التعاقدات الرسمية لفترات غير مؤقتة".  

لا عطل للكوادر الطبية هذا العام (جديدي وسيم/ Getty)
لا عطل للكوادر الطبية هذا العام (جديدي وسيم/ Getty)

في يوليو/ تموز الماضي، أعلنت وزارة الدفاع فتح باب تعاقدات جديدة لإطارات شبه طبية من أجل العمل مؤقتاً في مستشفيات عامة وميدانية في سبيل مواجهة انتشار فيروس كورونا، ما أثار جدلاً كبيراً خصوصاً أن غالبية الأفراد يرفضون العمل بصفة مؤقتة في وضع وبائي كارثي وبأجور منخفضة، ما قد يعرضهم للعودة إلى البطالة بعد تحسّن وضع الوباء.  
يتحدث مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة العميد محمد السوسي لـ"العربي الجديد" عن قبول أطباء كُثر العمل ساعات إضافية، خصوصاً في المستشفيات الميدانية التي تحتاج إلى إطار طبي وشبه طبي يتمتع بكفاءة عالية للإشراف على عدد كبير من المرضى. ويقول: "أشرفت مجموعة تضم طبيباً وممرضين اثنين على حوالى 20 مريضاً. وقد التحق بعض الأطباء طوعاً بمستشفيات ميدانية منذ العام الماضي، وساهموا في إنجاح سير عملها على صعيد مكافحة الفيروس، ومعالجة أكبر عدد من المرضى، خصوصاً أنّ المستشفيات مجهزة بكلّ ما يلزم لعلاج إصابات كورونا تحديداً. واليوم يستطيع أي طبيب العمل بضع ساعات إضافية بعد الوقت، فنحن في حالة حرب ضد وباء خطير ما زال يهدد الناس".  

وتؤكد اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا في تونس أن وضع الوباء ما زال خطراً، خصوصاً أن البلاد تسجل أكثر من مائة وفاة وأكثر من 3 آلاف إصابة يومياً، لكنها تأمل في تحسن الوضع خلال الفترة المقبلة، بعد تلقيح أكثر من مليون شخص خلال الأسابيع الأخيرة.  
وكانت اللجنة العلمية لمواجهة فيروس كورونا أكدت أن "غالبية المستشفيات تواجه نقصاً في الكوادر البشرية خصوصاً  الأطباء والتقنيين وممرضي الإنعاش". وحذرت من أن "استمرار الوتيرة التصاعدية لحصيلة المصابين بالفيروس قد يطرح إشكالية النقص في عدد الكوادر البشرية، خصوصاً في ذروة انتشار الفيروس، وصولاً إلى عدم إيجاد العدد الكافي لمعالجة مرضى تستمر أعدادهم في الارتفاع".  
يذكر أن عدد الأطباء في اختصاص طب الإنعاش والتخدير لا يتجاوز 160 في القطاع العام، و250 في القطاع الخاص.

المساهمون