تونسيون يحتفون بتفوّق تلاميذ الأرياف في البكالوريا ومبادرات لدعمهم

27 يونيو 2022
شكّل تفوّق أبناء أرياف تونس في امتحانات البكالوريا حدثاً مهماً (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

احتفى تونسيون بتفوّق تلاميذ الأرياف في امتحانات البكالوريا التي تم الإعلان عن نتائجها أخيراً، وتحقيقهم معدلات عالية رغم ظروفهم الاجتماعية الصعبة، كما أطلقوا مبادرات لدعمهم وتشجيعهم على استكمال مسارهم الدراسي في الجامعات بتفوّق.

وشكّل تفوّق أبناء أرياف تونس في امتحانات البكالوريا حدثا مهما، بسبب تراجع المستوى الدراسي في هذه المناطق، وارتفاع نسب التسرب المدرسي، نتيجة الظروف الاجتماعية الصعبة، وعدم توفر وسائل النقل التي تربط بين مناطقهم النائية ومؤسسات التعليم في القرى القريبة منهم.

واعتبر نشطاء أن الرسائل التي بعث بها أبناء الريف المتفوقون تعيد الأمل في مكانة التعليم كرافد للارتقاء الاجتماعي.

وشكّلت قصة التلميذة هدير النصري إحدى أبرز نماذج النجاح التي تداولها تونسيون، إذ حصلت على معدل 16 من عشرين في شعبة البكالوريا علوم، رغم أنها تضطر يوميا لقطع عشرات الكيلومترات مشيا على الأقدام للوصول إلى معهدها في مدينة حاسي الفريد.

هدير تقطن مع عائلتها في أحد أرياف مدينة حاسي الفريد، من محافظة القصرين، وتعيش ظروفا اجتماعية صعبة، غير أنها توفقت في الامتحان الوطني بمجهودها الخاص، ودون الحصول على أي دروس دعم على غرار باقي زملائها في المدن الكبرى.

ومدينة حاسي الفريد التي تنتمي إليها هدير النصري هي أفقر المدن التونسية، ويصل فيها معدل الفقر إلى 53 بالمائة، وهو ثلاثة أضعاف المعدل الوطني.

وأكدت النصري لوسائل إعلام محلية، أنها تقطن منطقة الهشيم، من معتمدية حاسي الفريد، التي تبعد عن معهدها 14 كلم، تقطعها أحيانا مشياً على قدميها، لتسير 28 كيلومترا ذهابا وإيابا، إن لم تصل الحافلة إلى منطقتها ولم تجد عربة تقلها.

وقالت التلميذة، التي اجتازت امتحان البكالوريا بتفوّق، إنها تطمح لاستكمال مسيرتها الدراسية في مجال الطب، إن مكنها مجموعها من ذلك.

وأعلن الطبيب التونسي حاتم الغزال عن تكفّله بمصاريف دراسة التلميذة المتفوقة في الجامعة إلى حين استكمال تعليمها، وطالب التونسيين بمشاركته هذه المبادرة والتكفّل بحالات أخرى من أجل تشجيع الشباب على استكمال تعليمهم ومساعدتهم على تخطّى المرحلة الجامعية بالتفوق نفسه.

وكتب الغزال على حسابه على "فيسبوك ": "المنحة المرصودة لهدير ليست صدقة ولا هي تقبل الصّدقة، بل هي منحة تفوّق دراسي خاصة، وسيتم رصد منح ثانية لتلاميذ مجتهدين أمثالها هذه السنة، و كل سنة إن شاء الله".

واعتبر الطبيب أن "هذا النوع من المنح معمول به في كل الدول المتقدّمة، ويتم من طرف أشخاص أو مؤسسات"، مؤكدا حصوله على منحة مماثلة عندما حاز شهادة معهد باستور للوراثة في باريس.

وقال إن "الغاية من إشهار العمليّة هي تحفيز تلاميذ الأرياف على التمسّك بالدراسة والتفوّق فيها، وكذلك العمل على تعميمها على عدد أكبر من التلاميذ الذين يستحقون التكريم لنتائجهم الاستثنائية".

واليوم، الإثنين، أعلن الغزال تكفله بالتلميذ بسّام العرفاوي، من ريف ببوش بمعتمديّة عين دراهم، وكتب "الجوهرة الثمينة الثانية التي سعدت كثيرا باكتشافها هي التلميذ بسّام العرفاوي، رغم قساوة الظروف وطبيعة المكان والبعد عن معهد عين دراهم... بسام نجح بمعدّل 17.9".

وأضاف: "بسّام العرفاوي سيكون التلميذ الثاني الحاصل على منحة التفوّق الدراسي الخاصة، وستصرف له شهريا خلال مدّة دراسته الجامعية. الشرط الوحيد هو النجاح آخر كل سنة".

كما أشار إلى وجود تلميذة ثالثة متميّزة اسمها عواطف النفاتي، من أرياف منطقة الفحص، يحاول التواصل معها لتوفير المنحة لها عن طريق إحدى الكفاءات التونسية المقيمة في السعودية.

وكانت وزارة التربية قد أعلنت يوم 24 يونيو/ حزيران الجاري، عبر الإرساليات القصيرة، عن نتائج الدورة الرئيسية من امتحان نهاية التعليم الثانوي بنسبة 37.97 بالمائة، لينجح في الامتحان أكثر من 48 ألف تلميذ من مجموع 134 ألف مترشح، فيما سيعيد 38 ألف تلميذ اختبارات دورة التدارك ورُفض 30 ألف مترشح.

وسجّلت المعاهد الحكومية أعلى نسبة بنجاح هي 44.3 بالمائة من تلاميذها، بينما لم تتجاوز نسبة النجاح في المعاهد الخاصة 10.8 بالمائة، وتمكن 1.8 بالمائة من المترشحين الفرديين من اجتياز الدورة الرئيسية.

المساهمون