تونسية تطلق أول منصة رقمية لتعليم الصم والبكم

04 فبراير 2023
فرح التونسي مؤسسة منصة تعليم الصم (فيسبوك)
+ الخط -

تنطلق في تونس قريباً أول منصة رقمية لتعليم فاقدي السمع والنطق، بعد أن أقصت المؤسسات التعليمية الحكومية نسبة كبيرة منهم، وأُجبر بعضهم على الانضمام إلى نسب الأميّة، بسبب نقص الرعاية لهذه الفئة التي يزيد عددها عن 60 ألف تونسي.
وتتولى إطلاق المنصة التعليمية الخاصة بالصم والبكم، الباحثة الشابة فرح التونسي، والمنصة مجهزة وفقاً للمناهج التعليمية الحكومية، وتشمل أيضاً تعليمهم لغة الإشارة، بهدف مكافحة الإقصاء المدرسي لهذه الفئة من المعوّقين.
تقول صاحبة المشروع، الحاصلة على شهادة جامعية في اختصاص التحاليل البيولوجية، لـ"العربي الجديد"، إن "فكرة إطلاق المنصة تبلورت خلال عام 2022، في إطار عملي في جمعية تهتم بتطوير مشاريع بيئية واجتماعية، ما مكنني من القيام بمسوحات ميدانية داخل مراكز الصم والبكم، والاقتراب من احتياجاتهم". وتوضح التونسي أن "المسح الميداني الذي قمت به لتحديد الحاجيات التعليمية لفاقدي السمع والنطق كشف أن 95 في المائة منهم ينقطعون في مرحلة مبكرة عن التعليم، بينما لا يتجاوز 3 في المائة منهم الثانوية العامة، و2 في المائة فقط يصلون إلى المرحلة الجامعية. أغلب المستجوبين قالوا إنهم ينقطعون عن التعليم بسبب صعوبات التواصل مع صحيحي السمع والنطق، إلى جانب تعرّضهم للتنمر، وهذا التسرب الإرادي يزيد من هشاشة تلك الفئات، ويجعلها على هامش المجتمع، والمنصة ستساعد في إيجاد حلول تعليمية لفاقدي السمع والنطق، وستوفر دروساً تعليمية في مختلف المواد، وفقاً للمناهج التعليمية الحكومية، إلى جانب دروس في لغة الإشارة يقدّمها مدربون محترفون". وتضيف التونسي: "أتطلّع إلى استيعاب 500 تلميذ من كل المستويات التعليمية في مرحلة الأساسي والإعدادي خلال المرحلة الأولى، والتوسع لاحقاً لتشمل المرحلة الثانوية، ويوفر المشروع لفاقدي السمع والنطق التدرب في اختصاصات تكنولوجية، مثل تصميم المواقع، وتطوير البرمجيات، وهي اختصاصات مطلوبة في سوق العمل، وتسهل اندماجهم اجتماعياً، فالتكنولوجيا تتيح حلولاً لإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة، وتطوير مهاراتهم، ومكافحة التسرب المدرسي في صفوفهم، والمنصة ستقدم إلى جانب الدروس، إحاطة نفسية للتلاميذ والأولياء من أجل تعزيز ثقتهم في قدراتهم".


وحول تسهيل السلطات المعنية تفاصيل حصولها على التراخيص اللازمة لإطلاق المشروع، أكدت التونسي أنها قدمت ملفاً متكاملاً لوزارة التربية من أجل الحصول على الموافقات الرسمية، لكنها لن تؤخر إطلاق مشروعها، وستبدأ قريباً في تقديم دروس الدعم لهذه الفئة، مشيرة إلى أنها حريصة على ألا تتجاوز تكلفة التدريس الشهري لكل تلميذ 100 دينار (نحو 33 دولاراً) من أجل تعميم الاستفادة على كل فئات المجتمع.
وأبرز التقرير الوطني حول وضع الطفولة في تونس، والصادر في سنة 2022 عن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أن حقوق الإناث من ذوي الاحتياجات الخاصة في الدراسة غير مكفولة بالقدر الكافي، وأن هذه الفئة مهددة بالأمية، بسبب عدم القدرة على النفاذ إلى التعليم، لا سيما في المناطق الريفية التي يصعب فيها إدماج ذوي الإعاقة. وكشف التقرير الحكومي أن التلاميذ الصم والبكم المدمجين في المرحلتين الإعدادية والثانوية أغلبهم من الذكور بنسبة 66 في المائة، بينما لا تلتحق غالبية الإناث بمقاعد التعليم، بسبب عدم ملاءمة الفضاءات المدرسية لمتطلباتهم، إضافة إلى صعوبات الانتقال إلى المدارس، ما يجعلهم أقرب إلى التسرّب المدرسي.

ويشير التقرير إلى أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي يقدّر بـ 4439 شخصاً، وتحتضنهم 1564 مدرسة، ويمثل الذكور نحو الثلثين منهم، أي 2921 تلميذاً، في مقابل 1518 تلميذة، ويقرّ التقرير بعدم وجود تكافؤ في فرص التعليم بين الجنسين من ذوي الاحتياجات الخاصة لعدم تهيئة المدارس الدامجة وتجهيزها، وغياب توفير المستلزمات لملاءمة الفضاءات لاحتضان هؤلاء التلاميذ في المدارس الابتدائية والإعدادية، ونقص تأمين الدعم البيداغوجي والتربوي، وكذا عدم توفير المرافقة الخاصة بهؤلاء الأطفال، أو ضمان تدريب خاص للمتدخلين كافة، وحث المعلمين علـى استعمال شبكات الملاحظة المتاحة. وخلص التقرير إلى أن برنامج الدمج المدرسي لحاملي الإعاقة ما زال يتطلب بذل مزيد من الجهد، وأنه لم يرتق إلى الاستجابة لمتطلبات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو تطلعات أوليائهم، وبالتالي لا يوفر الحد الأدنى من حقوقهم في عملية الدمج.