وزعت لجنة لرعاية صندوق مجلس الأهل في إحدى ثانويّات البقاع الأوسط، تعميماً حول تحصيل رسم تدفئة عن كلّ تلميذ، ما أثار ضجّة بين الأهالي، في حين ارتأت مدارس أخرى انتظار المناقصة العامّة التي ستجريها وزارة التربية لتأمين مادة المازوت.
ويكرر بعض الأهالي أن رسوم التدفئة يتم طلبها منهم بشكل غير معلن في ظل غياب أي رعاية من قبل وزارة التربية، وأوضح مصدر مقرّب من اللجنة، أنّ "التعميم جاء كمبادرة فرديّة من قبل بعض الأهالي الذين اشتكوا من انعدام المازوت، وأعلنوا استعدادهم للدفع مقابل تأمين التدفئة لأولادهم، وتركوا خيار الدفع لمن يرغب، وبالتالي فالدفع ليس إلزامياً، كما أنه غير صادر عن الثانويّة، بل عن الأهالي. الثانويّة عاجزة عن سحب مستحقّاتها من المصارف، وما من أحد يقبل آلية الدفع بالشيكات. منذ العام الماضي، لا تجاوب من الوزارة، وبالتالي لا يوجد حلّ سوى دعم الأهالي والخيّرين".
وجاء في التعميم أنّه "سيتمّ تحصيل رسم تدفئة عن كلّ تلميذ بقيمة مليون ليرة لبنانية (نحو 25 دولاراً أميركيّاً)، مقسّمة على أربع دفعات متساوية شهريّاً"، معلّلاً ذلك بـ"الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، وارتفاع سعر المازوت، علماً أنّ الثانوية بحاجة إلى ما لا يقلّ عن برميل مازوت يوميّاً، والميزانيّة المتوفرة لا تكفي لعشرة أيام".
وقال مصدر من إحدى ثانويّات البقاع الغربي لـ"العربي الجديد": "موازنتنا لا تكفي لشراء المازوت، لذلك نلجأ إلى تبرّعات المجتمع المحلي، لكنّنا لا نقتطع من الطلاب أيّ رسومٍ تدفئة، فهذا ليس من حقّنا". وقال مصدر أخر: "لدينا نحو 20 برميلاً من المازوت من العام الماضي، غير أنّنا بحاجة لما يقارب الخمسين برميل".
ويؤكد مصدر تعليمي، أن المدارس "في أزمةٍ حقيقيّةٍ بسبب التدفئة، فصناديقها لا تحتمل شراء المحروقات، ووزارة التربية غير آبهةٍ بالتلامذة أو المعلّمين، ولا يمكن تحميل أولياء الأمور أعباء إضافيّة، ناهيك عن أنّ البلديات غالبيتها أفلست، والوزارة ليس لديها أيّ قرار متعلّق بالتدفئة، لكنها طلبت أرقام الحسابات المصرفية للمدارس، ما يؤشر إلى احتمال تبرّع جهات مانحة، لكن ينتابنا الخوف من عدم تأمين المحروقات، ونفاد الكمية الموجودة قبل فبراير/شباط المقبل، حينها سنكون عاجزين أمام موجات الصقيع".
وقال مصدر في وزارة التربية إن "مؤسّسات التعليم الرسمي اعتادت قبل 2019، تأمين مازوت التدفئة من خلال مساهمات تخصصها الوزارة سنوياً لصناديق مجالس الأهل وصناديق المدارس والثانويات، هي عبارة عن هباتٍ تقدّمها منظمات دولية والهيئة العليا للإغاثة، غير أنّ هذه الهبات باتت شبه معدومة، ومخصّصات الوزارة أصبحت بدورها عالقة في المصارف".
وتعول المدارس الرسمية على تبرّعات البلديات والمغتربين وأهل الخير، إضافة إلى صناديق لجان الأهل، وقال مصدر من إحدى مدارس جبل لبنان، إنّهم كانوا يشترون المازوت مرّة في السنة، في حين "بات مطلوباً اليوم أن نشتريه على دفعات. ولجأنا العام الماضي إلى دعم الخيّرين".
تسأل عبير هلال: "شو طالع بإيدنا؟ إذا ألزمونا بالدفع سندفع، وربّما نستدين للدفع، خصوصاً أنّ المنطقة معروفة ببرودتها الشديدة، وموجات الصقيع. لا مشكلة بالمساعدة طالما سيحظى التلاميذ بالتدفئة طيلة الدوام، ولن تتكرّر تجربة العام الماضي، حين اكتفوا بتوفير التدفئة في غرف المعلّمين، وعانى أولادنا من البرد. كان ابني يعود من المدرسة وجهه أصفر، وعندما أشتكي، كانوا يدّعون أنّهم يؤمّنون التدفئة، في حين كانوا يكتفون بتشغيلها لمدّة لا تتجاوز نصف الساعة صباحاً".
وتوضح أنّها عند تسجيل ابنها، تمّ تزويدها بورقةٍ تفيد بأنّهم سيطلبون لاحقاً مبلغاً كمساعدة للتدفئة، "علماً أنّنا لغاية اليوم لم نشترِ أيّ ليتر مازوت للتدفئة في منزلنا. زوجي عسكري متقاعد، وأنا ربّة منزل، وأغلب الأهالي عاجزون عن تكبّد أعباء إضافيّة".
بدورها، تسأل الطالبة تالين حنجول: "من يمكننا أن نلوم؟ الوضع صعب على الجميع، وكثيرون غير قادرين على تأمين هذا المبلغ. زاد رسم التدفئة من أعباء الأهالي".
يتذكر الطالب عمر القادري كيف تمّ إبلاغهم خلال فترة التسجيل باحتمال دفع رسوم للتدفئة، ويقول: "اليوم بات قراراً. هذه أول مرّة نسمع فيها عن تحميل التلاميذ كلفة تدفئتهم. نحن خمسة طلاب، وتترتّب على عائلتي أعباء كثيرة، والمبلغ ليس قليلاً، وهناك من يعجز عن دفعه، كما أننا متأكّدون من أنّنا لن نحصل على تدفئة مناسبة، بل سيشغلونها لفترة قصيرة ثمّ يطفئونها".