تقرير حقوقي: تنفيذ إعدامات "كرداسة" بمصر استمرار لمسلسل إزهاق الأرواح بدون دليل

28 ابريل 2021
مصريون في إسطنبول يطالبون بوقف الإعدامات في مصر (أونور كوبان/الأناضول)
+ الخط -

قالت "كوميتي فور جستس" إن السلطات المصرية مستمرة في عمليات الإعدام الجماعية "في استهتار واضح بحق إنساني أصيل؛ وهو الحق في الحياة، بناءً على محاكم اعترف المجتمع الدولي بأنها افتقدت لأدنى معايير المحاكمات العادلة التي نصت عليها المواثيق الدولية".

وجاء ذلك على خلفية تنفيذ السلطات في مصر لعقوبة الإعدام بحق متهمين في القضية رقم 12749 لسنة 2013 جنايات مركز كرداسة، والمقيدة برقم 4804 لسنة 2013 كلى شمال الجيزة، والمعروفة إعلاميًا بـ"قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة"، والتي تعود وقائعها ليوم 14 أغسطس/آب 2013، بالتزامن مع أحداث فض اعتصام ميداني رابعة العدوية، والنهضة، في استمرار لمسلسل إزهاق أرواح المصريين بدون دليل.

وأوضحت المنظمة أنها استطاعت رصد إعدام 9 متهمين على ذمة القضية، وهم عبد الرحيم عبد الحليم عبد الله جبريل (81 عامًا)، وعلي السيد علي القناوي، ومصطفى السيد محمد يوسف القرفش، وعصام عبد المعطي أبو عميرة تكش، وبدر عبد النبي محمود جمعة زقزوق، ووليد سعد أبو عميرة أبوغرارة، وعبد الله سعيد عبد القوي، أحمد عبد السلام العياط، أحمد عويس حسين حمودة.

وكانت النيابة العامة المصرية وجهت لـ188 متهما على ذمة القضية اتهامات بقتل 13 فردًا من عناصر قوات الشرطة، بينهم مأمور القسم ونائبه، واثنين آخرين من الأهالي تصادف وجودهما بالمكان، والشروع في قتل 30 فردًا آخرين من قوة مركز شرطة، وإتلاف مبنى القسم، وحرق عدد من سيارات ومدرعات الشرطة، والتجمهر وحيازة أسلحة وذخيرة، في حين تم اتهام آخرين بالاشتراك بطريق المساعدة مع باقي المتهمين في ارتكاب تلك الجرائم.

ووفقًا لدفاع المتهمين؛ فإن القضية شابها العديد من الانتهاكات، منها بطلان إجراءات القبض والتفتيش لعدد من المتهمين، كما استند الحكم لتحريات أجهزة الأمن مجهولة المصدر دون سواها من أدلة في ظل شيوع الاتهام وعدم بيان الأدلة تفصيلاً. 

كذلك، فإن استجواب المتهمين تم في منطقة عسكرية، وأجبر العديد منهم على تقديم اعترافات انتزعت تحت التعذيب، وبدون حضور محاميهم، كما لم يتمكن المحامون من التواصل معهم أثناء التحقيقات والمحاكمة، مما لم يمكنهم من تقديم الدفوع الكافية.

وأفادت "كوميتي فور جستس" أنها استطاعت الحصول على شهادات موثقة تنفي الاتهامات عن أحد المحكوم عليهم بالإعدام، وهو المتهم عبد الرحيم عبد الحليم جبريل (81 عامًا)، ولكن لم تأخذ المحكمة بها، وحكمت بإعدامه.

استجواب المتهمين تم في منطقة عسكرية، وأجبر العديد منهم على تقديم اعترافات انتزعت تحت التعذيب، وبدون حضور محاميهم

من ناحيته، قال المدير التنفيذي لـ"كوميتي فور جستس"، أحمد مفرح، إنه "تم التمهيد لعمليات الإعدام تلك بعرض عمل درامي تناول أحداث القضية شيطن فيه صانعو العمل المتهمين حتى يسهل تمرير خبر إعدامهم للمجتمع المصري، فيما يعد دليلا جديدا على أن النظام المصري ماض قدمًا في تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المعتقلين السياسيين في مصر دون توقف".

وكانت محكمة جنايات الجيزة الدائرة الخامسة، برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، أصدرت حكمها في مايو/أيار 2015، بإعدام جميع المتهمين في قضية كرداسة بمراحل المحاكمة الأولى. 

وفي 3 فبراير/شباط 2016، ألغت محكمة النقض الحكم وقضت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى، بعدما أقرت ببطلان بعض إجراءات المحاكمة، وإخلال المحكمة بحقوق الدفاع. 

وفي المحاكمة الجديدة، قضت الدائرة 11، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، في 2 يوليو/تموز 2017، بإعدام 20 متهماً؛ وهو الحكم الذي أيدته محكمة النقض في 24 سبتمبر/أيلول 2018.

وأشارت "كوميتي فور جستس" إلى أن الكثير من المراسلات التي تمت بين آليات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والحكومة المصرية طالبت بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، خصوصًا في القضايا ذات الطابع السياسي، والتي تعتمد على تحريات الأجهزة الأمنية، وتفتقر المحاكمات فيها إلى معايير المحاكمة العادلة المعترف بها دوليًا، وإبدالها بعقوبات أخرى مخففة.

كما أشارت المنظمة إلى تصريح المتحدث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، في يناير/كانون الثاني 2018، والذي أعرب فيه عن قلقه من حالات الإعدام الجماعية في مصر، وأنها تمثل "صدمة عميقة"، مشددًا على أن حالات كثيرة في مصر أعدم أصحابها بناءً على إجراءات قانونية غير كافية، رافضًا استخدام مصر عمليات الإعدام كوسيلة لمكافحة الإرهاب.

كذلك، ما صدر عن البرلمان الأوروبي، في فبراير/شباط 2018، من إدانة واضحة لعمليات الإعدام الجماعية التي تقوم بها السلطات المصرية، مشيرًا إلى أن أوضاع حقوق الإنسان في مصر أصبحت متردية، والسلطات تستخدم الحرب على الإرهاب كذريعة لتبرير القمع.

ودعت "كوميتي فور جستس" الآليات الأممية والمجتمع الدولي لمتابعة الوضع في مصر، والضغط على السلطات هناك لوقف الانتهاكات التي أودت بحياة المئات حتى الآن بناءً على محاكم واهية، مطالبة السلطات المصرية بالكف عن تنفيذ أحكام الإعدام، واستبدالها بأحكام أخرى مخففة، تنفيذًا لالتزامات مصر الدولية تجاه حقوق الإنسان الأساسية، ووقفًا لمسلسل إزهاق الأرواح المستمر في مصر بلا دليل أو رقيب.

المساهمون