يعتني الفلسطيني أبو رامي نور الدين، من حيّ الشيخ رضوان، شمالي مدينة غزة، بمختلف أصناف الطيور التي تمرّ في مراحل عديدة، خِلال عمليتي التفريخ والتربية، وصولاً إلى تحوّلها إلى طيور مكتملة النمو وجاهزة للبيع.
ويتشارك مع الفلسطيني نور الدين، العديد من الهواة والمُحترفين في مجال تفريخ الطيور، هذه الهواية المتوارثة منذ القِدم، وقد تحوّلت لدى البعض إلى مصدر رزق لهم ولأسرهم، في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها قطاع غزة، بفعل تواصل الحصار الإسرائيلي عليه، للعام الخامس عشر على التوالي.
وتبدأ العملية قبل وضع البيض، إذ يتم تهيئة الأجواء المُناسِبة لعملية تزاوج الطيور في أقفاص بعيدة عن الضجيج، فيما يتمّ رعاية البيض خلال فترة حضانته، ومن ثم بدء مرحلة التفريخ منذ اللحظة الأولى لفقس البيض، عبر رعاية الفِراخ الصغيرة وتقديم الفيتامينات والمقويات والأطعمة المُناسبة لها، ومن ثم تدريبها، وفق الصنف المُستهدف من عملية التربية.
وبعد إتمام مراحل التربية، يتم عرض الطيور الجاهزة، لبيعها في محال العرض التجارية، أو في الأسواق، المُخصصة لبيع الطيور، فيما يقوم بعض الهواة بتخصيص أصناف من الطيور، لتربيتها داخل بيوتهم، بعيداً عن عمليات البيع والشراء.
يوضح نور الدين، لـ "العربي الجديد"، أنّ عملية التفريخ تتم على مدار العام، وذلك لاختلاف مواعيد تفريخ الطيور، باختلاف أصنافها البرية المتنوعة، أو طيور الزينة المتعددة، إلا أنّ تركيز التفريخ يكون في أربعة أشهر رئيسية خلال العام، تستمر من شهر مايو/أيار حتى أغسطس/آب.
تهيئة الأجواء المُناسِبة للطيور من أبرز مهام أصحاب الهواية، وذلك عبر وضعها في أقفاص بعيدة عن متناول الأيدي، إذ تخاف الطيور على فِراخها، وقد تضطر في حال الخوف إلى عدم الرقود على البيض، أو عدم إطعام الفِراخ، ما يتسبّب في موتها، وفق تعبير نور الدين، الذي يوضح أنّ عملية التفريخ والتربية، تحتاج إلى رعاية كبيرة، ودراية بمختلف التفاصيل المتعلقة بالطيور، ومتطلباتها، وعلاجاتها، والفيتامينات التي تحتاجها، نتيجة نقص الفيتامينات داخل الأقفاص.
ورغم امتهان نور الدين لتفريخ الطيور وتربيتها وبيعها، إلا أنه ما زال مقتنعاً بأنها هواية، وليست مهنة رئيسية، ويقول: "ورثت حب تفريخ وتربية الطيور من صغري، ولا يمكن لشخص امتهان هذه المهنة، دون أن يترعرع في بيئة مُحِبة للطيور بمختلف أصنافها".
أما المُربّي أحمد الشيخ خليل (29 عاماً)، فيرى أنّ مهنة تفريخ الطيور وتربيتها اختلفت عن السابق، إذ حَوّل أصحابها الأقفاص الخشبية إلى أخرى معدنية، لاحتفاظ الأولى بنسب أكبر من الجراثيم، فيما باتوا يعرفون المواعيد المُناسبة للتفريخ، والأجواء المُناسبة لكل طير، سواء أجواء باردة أو حارة.
وبدأت رحلة الشيخ خليل، مع الطيور منذ 12 عاماً، وذلك بصيدها من المناطق المفتوحة والأراضي الزراعية، وفي محيط بركة الشيخ رضوان، ومن ثم البدء بتفريخها وتربيتها ورعايتها، ومعرفة المواعيد المُناسبة لتكاثرها.
ويوضح الشيخ خليل، والذي يعيل من خلال المهنة، أسرته المكوّنة من أربعة أفراد، أنّ الطيور بحاجة إلى رعاية دورية، منذ اللحظة الأولى لفقس البيض، فيما تزيد نسبة إصابتها بالأمراض في شهر مايو/أيار من كل عام، وذلك لاختلاف درجات الحرارة، ما يدفع المُربين إلى وضع قطرة في عين الطير لقتل الفيروسات، فيما يتمّ رشّ الطيور المُصابة بالجروح بمرشوش يساعدها على الالتئام، وإنبات الريش.
ويرى المُربي عبد الحليم الحُصري أنّ هواية تفريخ الطيور تتركز في قطاع غزة حول أصناف محددة، أبرزها طائر الكنار، وطائر الحب، والكوكتيل، والفناكر، والدويري الهندي، والدُرة، وأصناف الحَمام المتنوعة، فيما يتجه البعض إلى تفريخ أصناف الحسون وغيرها من الطيور النادرة والحساسة.
ويقول الحُصري، إنّ المهنة تأثرت بفعل الأوضاع العامة التي يمرّ فيها قطاع غزة، إذ دفع ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، العديد من العاطلين عن العمل إلى امتهان التفريخ والتربية، والمضاربة في الأسعار، ما أثر سلباً على المُحترفين، ويضيف: "تربية الطيور بحاجة إلى تهيئة الأجواء، عبر رعاية خاصة، تفوق الرعاية المطلوبة للنباتات والورود".