تغير المناخ وحقوق الإنسان في قطر: دعوات للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر

22 فبراير 2023
في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي حول تغيّر المناخ وحقوق الإنسان، الدوحة (العربي الجديد)
+ الخط -

 

اختُتمت في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر الدولي حول تغيّر المناخ وحقوق الإنسان الذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجامعة الدول العربية والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

وفي التوصيات الختامية للمؤتمر الذي عُقد على مدى يومَين وشارك فيه مئات من الخبراء وأهل الاختصاص والعاملين في مجال حقوق الإنسان، كان تشديد على ضرورة دعم الانتقال السريع والعادل إلى الاقتصاد الأخضر الذي يدعم سبل العيش المستدامة ويحترم حقوق الإنسان وإنشاء ودعم آليات لضمان الوصول إلى علاج فعّال للمتضررين من تغيّر المناخ، وضرورة امتناع الشركات وقطاع الأعمال عن ممارسة نفوذهما في تأخير العمل المناخي والتعتيم على مخاطر التقاعس أو التهرّب من المسؤولية عن مساهماتهما في تغيّر المناخ، والاستثمار وتسهيل الوصول إلى التقنيات المستدامة بيئياً لجميع الناس، ودعم تطوير البيئة القانونية وكذلك المؤسسية اللتَين تحميان وتدعمان حقوق الإنسان في بيئة صحية، بما في ذلك من الجهات الفاعلة الخاصة.

وتضمّنت توصيات منظمات المجتمع المدني في المؤتمر دعوة إلى العمل المناخي القائم على الحقوق، على المستويات الثلاثة الدولي والإقليمي والوطني، إلى جانب دعم تطوير قاعدة الأدلة في ما يتعلق بآثار تغيّر المناخ على حقوق الإنسان وبفوائد العمل المناخي القائم على الحقوق، بما في ذلك المشاركة مع الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ في التقييم العالمي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ.

ودعت تلك التوصيات أيضاً إلى زيادة طموح التخفيف من التلوّث سريعاً، من خلال تقليل الانبعاثات من أجل الحدّ من تغيّر المناخ إلى أقصى حدّ ممكن، فلا يزيد عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة. كذلك يأتي تعزيز التعاون الدولي، مسترشداً بمبادئ الإنصاف والمسؤوليات المشتركة إنّما المتباينة والقدرات ذات الصلة، بهدف تعبئة الموارد ودعم نقل التكنولوجيا، وبناء القدرات من أجل التخفيف من آثار تغيّر المناخ القائمة على الحقوق والمتمحورة حول الناس والتكيّف والتدابير لمعالجة الخسائر والأضرار. يُضاف إلى ذلك تحسين الحصول إلى التمويل المتعلق بالمناخ للأشخاص والجماعات والشعوب التي تعيش في أوضاع هشّة، ووضع أطر مساءلة قوية تتعلّق بتأثيرات تغيّر المناخ على حقوق الإنسان.

وشدّدت توصيات منظمات المجتمع المدني على ضرورة أن تحترم الشركات حقوق الإنسان وأن يتمكن الأشخاص المتأثرون بتغيّر المناخ من الوصول إلى سبل انتصاف فعّالة للأضرار التي يتعرّضون لها. كذلك لا بدّ من ضمان المشاركة الحرّة والهادفة والفعالة والمستنيرة لجميع الناس، لا سيّما أولئك الأكثر تأثّراً بتغيّر المناخ، في صنع القرار المناخي، وضمان حماية حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية، والتأكد من أنّ الجهود المبذولة للتصدّي لتغيّر المناخ تحترم حقوق الإنسان وتحميها وتنفّذها.

وحثّت التوصيات نفسها على ضمان تنفيذ كلّ الإجراءات المناخية ذات التأثير على حقوق الشعوب الأصلية بموافقتهم الحرّة والمسبقة والمستنيرة، وضمان التعليم مع احترام الطبيعة للجميع، وتطوير مناهج للعمل المناخي القائم على الحقوق، وتمكين الناس بمن فهم الأطفال والشباب بوصفهم عوامل تغيير.

ورأت منظمات المجتمع المدني، في توصياتها، أهمية المساهمة في رصد العمل المناخي وتأثيراته على حقوق الإنسان من خلال المشاركة مع عمليات وآليات الأمم المتحدة، من قبيل مفاوضات مؤتمرات الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ والهيئات المكوّنة للاتفاقية، ومجلس حقوق الإنسان وآلياته وهيئات المعاهدات الحقوقية، مع الدعم المباشر للعمل المناخي القائم على الحقوق وتعزيز المساءلة من خلال التقاضي المناخي القائم على الحقوق، ودعم المشاركة الهادفة والفعّالة للأشخاص الأكثر تأثّراً بتغير المناخ في عمليات صنع القرار المناخي.

ومن التوصيات المقدّمة من المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان إسداء المشورة للحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين بشأن نهج قائم على حقوق الإنسان للتخفيف من آثار تغيّر المناخ والتكيّف معه وتدابير معالجة الخسائر والأضرار، ورصد أثار تغيّر المناخ على حقوق الإنسان والإجراءات المتخذة للتصدّي لتغيّر المناخ وإتاحة النتائج للجمهور، وجمع البيانات المصنّفة وتعزيز مشاركة المجموعات التي يمكن أن تكون معرّضة بصورة خاصة لخطر تغيّر المناخ، بما في ذلك النساء والفتيات وكبار السنّ والأشخاص ذوي الإعاقة والشعوب الأصلية، وترجمة وتعزيز ونشر توصيات ونتائج آليات حقوق الإنسان على المستوى الوطني.

وطالبت هذه التوصيات نفسها بدعم الوصول إلى سبل الانتصاف للأشخاص المتأثرين سلباً بتغيّر المناخ أو العمل المناخي، ودعم حماية المدافعين عن حقوق الإنسان البيئية الذين يواجهون الإساءة والتهديدات والمضايقات بسبب عملهم، ومراعاة حقوق الإنسان بما في ذلك الحقّ في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة في الميزانيات الوطنية، والمشاركة مع آليات حقوق الإنسان الوطنية والدولية والإقليمية في ما يتعلق بتأثير تغيّر المناخ والعمل المناخي على حقوق الإنسان وتعزيز المشاركة الجماهيرية الهادفة والمستنيرة في محادثات المناخ.

وفي ختام المؤتمر الدولي حول تغيّر المناخ وحقوق الإنسان، كانت توصية لوكالات الأمم المتحدة بدعم الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة الآخرين للنهوض بالعمل المناخي القائم على الحقوق على مستويات أربعة هي الدولي والإقليمي والوطني والمجتمعي، بالإضافة إلى تطوير مواد إرشادية وإعلامية بشأن العمل المناخي القائم على الحقوق ودعم بناء القدرات وزيادة الوعي للدول وأصحاب المصلحة الآخرين ذوي الصلة، والعمل معاً من خلال آليات التنسيق المشتركة بين الوكالات من قبيل فريق إدارة القضايا التابع لمجموعة إدارة البيئة التابعة للأمم المتحدة والمعني بحقوق الإنسان والبيئة للنهوض بالحقّ في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة بما يتماشى مع دعوة الأمين العام أنطونيو غوتيريس للعمل من أجل حقوق الإنسان وفقاً لجدول أعمال مشترك.

وكانت دعوة أيضاً، في إطار التوصيات، إلى مناصرة ودعم العمل المناخي القائم على الحقوق، بما في ذلك صنع القرار التشاركي والشامل والحماية الفعالة لحقوق وسلامة ورفاهية المدافعين عن حقوق الإنسان في مجال البيئة، والعمل على تعزيز تماسك السياسات والتنسيق ما بين آليات حقوق الإنسان وعمليات صنع القرار المناخي بما في ذلك مؤتمرات الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ.

وقرّر المؤتمرون عرض كلّ تلك التوصيات الختامية في خلال الدورة 53 لمجلس حقوق الإنسان والاجتماع 58 للهيئات الفرعية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، والنظر في تنظيم اجتماعات مستقبلية حول هذا الموضوع بما في ذلك تسهيل تبادل الممارسات الجيّدة من أجل العمل المناخي القائم على الحقوق، وأن تعمل الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على تعزيز ودعم بناء قدرات أصحاب المصلحة والأعضاء بالشراكة مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية بما في ذلك جامعة الدول العربية.

المساهمون