شهد الأردن في الآونة الأخيرة تزايداً في عدد جرائم القتل والانتحار، بشكل بات يدق ناقوس الخطر فيما يتعلق بالأمن المجتمعي، في وقت عزا مراقبون الأسباب إلى تفشي الفقر والبطالة، وزيادة حالات التوتر والعصبية والخلافات العائلية، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
وأمس الإثنين، عثر على جثة شاب عشريني في الشارع العام في منطقة عبدون بالعاصمة عمان، تشير المعلومات الأولية إلى انتحاره، فيما يجرى التحقيق لكشف ملابسات الجريمة.
وخلال أسبوع واحد فقط، أحصت الجهات المختصة عدة جرائم مروعة، وأمس، أطلق شاب النار على والده إثر خلافات عائلية حصلت بينهما. وقال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، عامر السرطاوي، في بيان اليوم الثلاثاء، إنّ بلاغاً ورد أمس لمديرية شرطة محافظة الزرقاء وسط البلاد، بوجود جثة لخمسيني داخل منزله في منطقة الوسط التجاري، وجرى التحرك للمكان وتبين إصابة الجثة بعيارين ناريين أدّيا للوفاة وشُكل فريق تحقيقي من البحث الجنائي وشرطة الزرقاء لمتابعة التحقيقات.
وأوضح الناطق الإعلامي أنّه من خلال ملابسات وظروف جريمة القتل وجمع المعلومات من مسرح الجريمة وقع الاشتباه على ابن المغدور والذي أُلقي القبض عليه واعترف بالتحقيق معه بقيامه بإطلاق النار على والده، إثر خلافات عائلية حصلت بينهما وتم ضبط سلاح الجريمة وستتم إحالته إلى القضاء.
ويوم الأحد الماضي، توفي أربعيني إثر تعرضه للطعن في رقبته من شخص آخر، خلال وجودهما في أحد صالونات الحلاقة بمنطقة الجبل الأخضر في حي نزال في العاصمة عمّان، وفق مصدر أمني. وتمكّنت الأجهزة الأمنية من ضبط الفاعل والأداة المستخدمة، وتم فتح تحقيقات موسعة في الحادثة. فيما أنهت عروس حياتها شنقاً بعد أسبوعين من زواجها الأحد في الأغوار.
أما في إربد فتوفي ستيني بعد أن اعتدى عليه جاره بالضرب، يوم السبت، وفي اليوم نفسه طعن شخص أربعيني زوجته في منطقة طبربور، في العاصمة عمّان.
ويوم الجمعة وقعت مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بمنطقة حي نزال في العاصمة عمّان أيضاً إثر خلافات بينهم، نتج عنها وفاة عشريني بعد طعنه بأداة حادة بمنطقة الظهر وما لبث أن فارق الحياة.
أما يوم الخميس فقد تهجّم أحد الأشخاص على منزل عائلة زوجته بمنطقة صويلح في وسط عمّان إثر خلافات سابقة بينهم، وطعن زوجته و3 آخرين من ذويها، وتم إسعاف الإصابات إلى مستشفى وجميعهم قيد العلاج، وضُبط المتهم وأودع لدى القضاء.
وقال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسن الخزاعي، لـ"العربي الجديد":" إن أسباب الجرائم مركبة ومتعددة، ومنها عدم حل الخلافات الشخصية بين أفراد المجتمع"، لافتاً إلى أن شرارة هذه الجرائم أغلبها ناجمة عن خلافات عائلية تتفاقم مع الوقت وتنتهي بالقتل والاعتداء الجسدي.
وأضاف المتحدث أن انعزال الناس عن بعضهم وغياب القدوات الحسنة وعدم المبادرة للتوسط وحل الخلافات، وترك كل شخص يحل مشكلاته بنفسه، تشكل بيئة خصبة لتفاعل الخلافات، كما أشار أيضاً إلى أن بعض الجرائم يمكن ربطها بالإدمان على المخدرات.
وربط الخزاعي تصاعد الجرائم في هذا التوقيت الذي يأتي قبل رمضان بالأوضاع المعيشية، موضحاً أنه بسبب الأوضاع الاقتصادية وتفشي الفقر والبطالة يصاب البعض بحالة من القلق والتوتر والعصبية، وهو ما يتحوّل إلى إرباك، خاصة عند غير القادرين على التكيف مع الضغوطات الاقتصادية ومتطلبات الحياة، ليجري تفريغ هذه الضغوطات عن طريق العنف.
ووفق التقرير السنوي الصادر عن مديرية الأمن العام في الأردن لعام 2021، فإنّ معدل ارتكاب الجريمة في المملكة بلغ 19 جريمة لكل 10 آلاف نسمة، وشكلت جريمة الإيذاء البليغ أعلى نسبة بين جرائم الجنايات والجنح الواقعة على الإنسان بنسبة 60.44%، تلتها جريمة الشروع بالقتل بنسبة 26.68%. وفي المرتبة الأخيرة شكّلت جريمة الضرب المفضي إلى الموت أقل نسبة بلغت 0.5%.
وبلغ عدد جرائم الجنايات والجنح التي تقع على الإنسان 1087 جريمة، وقد شكّلت ما نسبته 5.18% من مجموع الجرائم الكلي.