تشير التقارير الطبية إلى أنّ عاصمة السويد استوكهولم تعيش وضعاً صعباً مع تفشي فيروس كورونا الجديد، بعد تسجيل ارتفاع قياسي بأعداد المصابين، إذ تفيد الإحصاءات الأخيرة أنّ واحداً من كلّ خمسة أشخاص يسكنون في المدينة يحمل الفيروس، ما جعل منحنى الوباء يرتفع إلى حد تحذير أطباء وخبراء من أنّ الأزمة يمكن أن تتجاوز المستوى الإيطالي في الربيع الماضي.
ويخشى المسؤولون الصحيون من تفاقم الوضع في فصل الشتاء الحالي بعد تجاوز نسبة الإصابات 20 في المائة من سكان العاصمة، التي لم تتخذ خطوات صارمة كما فعل جيرانها الأوروبيون، ووصل عدد من فحصوا الأسبوع الماضي إلى نحو 42 ألف إنسان. وبناء على نسبة الإصابة بينهم (نحو 20 في المائة) تتعالى الأصوات المحذرة من خروج الوضع عن السيطرة. وقال مسؤول نقابة أطباء استوكهولم، يوهان ستورود، إنّ الموجة الثانية "بدأت عملياً في استوكهولم مع دخول نحو 627 مصاباً إلى مستشفياتها الأسبوع الماضي وحده". وسجلت الأعداد التي تحتاج لعناية طبية ارتفاعاً ملحوظاً هذا الأسبوع بنحو ألف إصابة، من بينها 125 حالة في العناية المركزة، وهي أرقام كبيرة مقارنة مثلاً مع الجارة الدنمارك التي سجلت 33 حالة عناية مركزة لهذا الأسبوع. وأشار مدير أعمال مختبر جامعة "كارولنسكا" كلاس روث، إلى أنّ "نسبة الإصابات ترتفع بسرعة الآن، فقد سجلنا أرقاماً قياسية جديدة كلّ أسبوع مع تزايد الفحوص التي نجريها".
وتعرضت طريقة تعاطي الحكومة السويدية، بزعامة الاجتماعي الديمقراطي وبدعم من اليسار، لانتقادات مهنية وسياسية محلية ومن دول الجوار، بسبب انتهاج سياسة بشرت في بداية الوباء بإمكانية خلق ما يسمى "مناعة القطيع" كما التذرع بمسائل حقوقية تتعلق بحرية الأشخاص لعدم تطبيق إجراءات صارمة. وأدت تلك السياسات إلى انتشار الوباء في استوكهولم في الصيف، ليحصد عشرات أرواح المسنين في دور سكن ورعاية خاصة بهم.
ولا تقتصر الزيادات على العاصمة، فمقاطعة سكونا، جنوبي البلاد تسجل أيضاً زيادة كبيرة للإصابات بشكل غير مسبوق. وقالت مديرة مستشفيات سكونا، بيا لوندبوم، إنّ مقاطعتها تشهد "زيادة في انتشار العدوى وهو ما يؤدي إلى زيادة العبء على نظامنا الصحي وعلى المستشفيات". وتشهد المقاطعة زيادات في نسبة المصابين مقارنة بما شهدته في الربيع، إذ تعيش مدينتها الأكبر مالمو على وقع زيادات مقلقة للأطباء ومسؤولي قطاعات الصحة. وتنتشر الإصابات بسبب المناسبات الاجتماعية خصوصاً. وتطالب كبيرة أطباء مالمو في مجال منع الأوبئة، إيفا مالاندر، بضرورة عمل الناس من بيوتهم: "هذه الخطوة حيوية لوقف تدهور الوضع، ومن المؤسف أنّ الناس مستمرون في ارتياد الحفلات والمناسبات الاجتماعية بالرغم من انتشار الوباء".
بدوره، اعترف رئيس الوزراء السويدي، ستيفان لوفين، أنّ عدم انتهاج سياسة إغلاق شامل مع انتشار الوباء ربما لم يكن استراتيجية صائبة لبلده. ويتعرض لوفين ومسؤول المعهد الوطني للأمصال والأمراض المعدية، أندرس تيغنال، لانتقادات حادة من قبل أحزاب المعارضة بسبب فشل تلك الإستراتيجية، إذ باتت السويد بأكملها بقعة برتقالية على الخريطة الوبائية الأوروبية.
وفيما تشهد السويد سجالاً حول إستراتيجيتها، فإنّ الدنمارك تعيش أزمة أخرى مع الوباء. فمع إغلاق الحكومة إقليم الشمال بسبب انتشار خطير للفيروس من حيوانات المنك إلى البشر، وتسجيل طفرة بإصابة 274 شخصاً به، وبعضهم انتقل إليه فيروس قاتل آخر هو "كلوستر 5" فإنّ حالة غضب بدأت تنتشر بين فلاحي البلديات التي أُغلقت ومحاولة السلطات إجبار مربي المينك على إعدام نحو 15 مليون حيوان، بدلاً من 5 ملايين كما اقترح في البداية. وسجلت كوبنهاغن سجالات سياسية وصلت إلى حدّ اتهام برلمانيين من يمين الوسط لرئيسة الوزراء الاجتماعية الديمقراطية، ميتا فريدركسن، بأنّها تمارس "ديكتاتورية" في طريقتها لفرض إعدام كلّ الحيوانات بالرغم من عدم إصابتها جميعها. وجرى تسجيل سابقة في برلمان الدنمارك بقيام مسؤول في حزب يميني متشدد برفع دعوى مستعجلة أمام الشرطة الدنماركية على دائرة الغذاء لانتهاكها الحقوق، في مسعى لثني الحكومة عن إعدام ملايين حيوانات المنك. واعترفت وزارة الأغذية الدنماركية أمس الأول الثلاثاء أنّها ربما ارتكبت خطأ في مطالبها بإعدام نحو 15 مليون منك، وتراجعت عن ذلك ريثما يجري المختصون مراجعة للمزارع التي سيشملها قرار التخلص من ذلك الحيوان الذي يثير ذعر 300 ألف مواطن من سكان 7 بلديات معزولة ومغلقة عن بقية البلاد. ومن جهتها، اعتذرت فريدركسن عن عدم قانونية مطلب إعدام ملايين من حيوانات منك، وسط ضغوط سياسية تطالب باستقالة وزير الأغذية في حكومتها موينز ينسن، الذي قدم أيضاً اعتذاراً أنّه لم يكن واضحاً بشأن "طلب الإعدام" مشيراً إلى أنّه توصية وليس قراراً.