تركيا: الإجهاض إلى الواجهة

29 أكتوبر 2020
تشجع تركيا الولادات (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -

أعادت عمليات إجهاض غير قانونية في تركيا أخيراً، ملف الإجهاض إلى الواجهة، خصوصاً أنّ أنقرة حسمت موقفها من القضية منذ وقت بعيد، إذ سمحت بالإجهاض منذ عام 1983، وإن بشروط.
في منطقة إسينيورت، بإسطنبول، كشف عن عمليات إجهاض لنساء، بينهن صغيرات في السنّ، بطرائق وصفها متخصصون، بأنّها غير آمنة. كذلك، سلط الإعلام الضوء على مستشفى في إسطنبول، تجرى فيه عمليات الإجهاض بشكل غير قانوني بحسب وصف السلطات، التي اعتقلت خمسة أشخاص في القضية، من بينهم أطباء من المواطنين والأجانب، وصادرت أدوات ونقلتها إلى مديرية الصحة بالمدينة.

تقول الباحثة، فاطمة بالجي، إنّ هناك التباساً حول أخبار الإجهاض، فالقانون منذ أكثر من ثلاثين عاماً، كفل حق الإجهاض للمرأة شريطة ألا تتخطى الأسبوع العاشر من الحمل، وذلك، من دون الحاجة إلى إذن الشريك، إن لم يكن ثمّة سبب طبي يمنع ذلك. كذلك، فإنّ التأمين الصحي، يتكفل بتغطية نفقات الإجهاض بالكامل، لكنّ ما يجري أحياناً، مخالف للقانون، سواء لجهة عمر الجنين أو لما يتعلق بالمستشفيات وتخصص الأطباء والأدوات المستخدمة، وهذا هو سبب إغلاق مستشفى مؤخراً ومصادرة تلك الأدوات. تضيف الباحثة، وهي تقول معلمة علم الاجتماع، في مدارس "جيلان بيفي" بإسطنبول، لـ"العربي الجديد": "ليست هناك مشكلة بالإجهاض، لكنّ التأكيد القانوني والحكومي، هو أن يجري العمليات أطباء متخصصون، وفي أماكن وظروف صحية ملائمة. عندها، ستكون هذه العمليات آمنة بالنسبة إلى صحة الأم ومن دون مضاعفات وآثار لاحقة أو تهديد للخصوبة، وهذا هو السبب الرئيس، بالإضافة إلى الحق الذي كفله القانون بالتخلي عن الجنين".
وحول سبب تشريع البلاد الإجهاض وعدم تعديل القانون بعد وصول أحزاب إسلامية إلى السلطة، تضيف الباحثة: "أولاً، الدستور التركي علماني وإن حكمت البلاد أحزاب إسلامية. ثانياً، القوانين التركية متقدمة وتتماشى مع القوانين الأوروبية، وجرى تعديل بعضها منذ تطلعت تركيا للدخول بالاتحاد الأوروبي. والأهم أنّ المنع يجبر المرأة على اللجوء إلى عمليات إجهاض سرية غير آمنة، تعرض حياتها للخطر، كما أنّ ذلك يزيد نشاط القطاع الطبي الموازي المخالف".
بحسب التقرير الصادر عن معهد الإحصاء التابع لجامعة "حاجة تبة" في أنقرة، وصلت نسبة الإجهاض في عام 2013 في تركيا إلى 5 في المائة، وهي نسبة قليلة جداً بالمقارنة مع نسب الإجهاض العالمية أو الأوروبية، التي تصل أحياناً في بعض الدول، إلى نحو 30 في المائة.
يعتبر الباحث، شوكت أقصوي، أنّ تركيا لا تمنع الإجهاض، لكنّها لا تشجع عليه، وذلك عبر تسهيلات لإزالة المخاوف الاقتصادية، سواء عبر قروض مصرفية من دون فائدة أو منح مالية للمواليد وهدايا، كما فعلت العام الماضي بناء على توجيهات الحكومة، عبر منح قطعة ذهبية بقيمة 300 ليرة تركية (37 دولاراً أميركياً) للمولود الأول، وقطعة ذهبية للمولود الثاني بقيمة 400 ليرة (49 دولاراً)، وبعد المولود الثالث تقدم قطعة ذهبية بقيمة 600 ليرة (74 دولاراً). والسبب برأي الباحث التركي، أنّ البلاد بدأت تخشى الشيخوخة بعد تراجع نسبة الأطفال ضمن الأسرة التركية إلى 29 في المائة في حين كانت قبل عامين 31.5 في المائة. يضيف أقصوي لـ"العربي الجديد" أنّ الاكتفاء بولد أو ولدين كحدّ أقصى، بات سمة الأسرة التركية، وعادة ما تلجأ الأم للإجهاض خلال الحمل الثالث خشية الأوضاع الاقتصادية، وذلك بالرغم من التشجيع المالي والقرارات التي تمنح السيدة التركية تخفيضاً لساعات العمل إلى النصف في الفترة الأولى بعد الولادة، وتقديم دعم مالي للمرأة العاملة لتوفير من يعتني بطفلها. وحول ما تناقلته وسائل إعلامية عن انتشار الاجهاض بشكل غير قانوني، يعلل الباحث التركي ذلك بأسباب كثيرة، منها ربما تردد الأسرة التركية خلال فترة الحمل الأولى، أو أنّ الحمل "غير شرعي" سواء من المواطنات أو المقيمات، ملمحاً إلى أنّ القانون التركي لا يسمح بتعدد الزوجات وقد يلجأ التركي المتزوج من امرأة ثانية سراً إلى إجهاض حملها.

ويبقى القانون التركي الذي سمح بالإجهاض منذ عام 1983، مشروطاً، بحسب رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا غزوان قرنفل، فهو يشترط موافقة الزوج، إذا تخطى الحمل الأسبوع العاشر، وإلا فإنّ الإجهاض غير قانوني، كما يشترط موافقة الطبيب. كذلك، لا يسمح القانون التركي، بإجهاض من هي دون سن الثامنة عشرة، من دون موافقة أحد من ذويها وإن وافق الطبيب وأقرّ ضرورة الإجهاض، بحسب قرنفل.

عقوبات
حول العقوبات، يلفت رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا، غزوان قرنفل "العربي الجديد" إلى أنّ القانون التركي يعاقب بالحبس خمس سنوات أيّ شخص يجهض امرأة من دون موافقتها. كذلك، يعاقب القانون بالسجن من سنتين إلى أربع سنوات كلّ من يقوم بعمليات إجهاض من دون تخصص طبي وترخيص من الجهات المسؤولة.

المساهمون