تنتشر إصابات التهاب الكبد الوبائي من نوع (A) المسببة لليرقان في العديد من مناطق محافظة الحسكة شمال شرقي سورية الخاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية" مع تراجع جهود الحد من انتشار المرض، خاصة بين الأطفال، وقلة حملات التوعية المتعلقة به.
يوضح الطبيب آلان سليمان، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي، لـ"العربي الجديد"، قائلاً: "يعتبر التهاب الكبد A شكلاً من أشكال الفيروسات التي تصيب الكبد وينتشر بنسبة كبيرة في الدول الفقيرة والنامية مقارنة مع الدول المتقدمة اقتصادياً كأميركا وأوروبا بشكل عام".
ويرجع سليمان سبب انتشار المرض في الدول الفقيرة والنامية إلى عدم الاهتمام بأنظمة الصرف الصحي والنظافة وبرامج التلقيح نظراً لقلة الموارد، مما يتسبب في انتشار الفيروس، مضيفاً "تتركز الإصابات مبكراً في مرحلة الطفولة بالدول الفقيرة، بينما ينتشر أكثر في الفئة العمرية من الثلاثين عاماً وما فوقها في الدول المتقدمة، ويعود ذلك إلى برامج التلقيح المطبقة حديثاً".
ويلفت سليمان إلى أنّ "طريقة انتقال الفيروس من شخص إلى آخر تكون عن طريق الفم أو الحقن أو الدم الملوث وبحالات نادرة تنتقل عن طريق الجماع أو المعاشرة"، مشيراً إلى أنّ "التهاب الكبد الوبائي بشكل عام هو مرض يدوم لفترة محددة فقط لكل شخص ولا يتحول إلى مرض مزمن".
ويشير إلى أنّ "فترة الحضانة للفيروس تتراوح ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع إلا في حالات نادرة يمتد إلى ستة أشهر ليظهر المرض وأعراضه حيث يكون الشخص مصاباً فيه دون ظهور الأعراض"، مؤكداً أنه "في حال تطور المرض وظهور قصور في الكبد، نقوم بمعالجة القصور ويمكن الوصول إلى مرحلة زرع الكبد وللأسف الزراعة غير متوفرة في سورية، وأحياناً تتواجد في الدول الأخرى".
وحول أساليب الوقاية يقول سليمان: "الوقاية تكون بالاهتمام بالنظافة الشخصية ومصادر المياه والصرف الصحي، بحيث تكون أنابيب مياه الشرب بعيدة عن مجاري الصرف الصحي، وهذه مهمة الدولة والبلديات في المنطقة والشيء الأهم اللقاحات والتي لا تتوافر لدينا بينما توفرها الدول الأخرى لأطفالها من عمر السنة".
من جانبه، يقول الناشط مدين العليان "هناك قرى منها قرية التنورية شرق القامشلي بريف محافظة الحسكة، يعاني سكانها من مرض اليرقان والتهاب الكبد الوبائي الذي يؤدي للوفاة في مراحله الأخيرة، منذ عدة سنوات"، مشيراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن السبب الأساسي، بحسب أطباء في المنطقة، هو المياه الملوثة والعدوى، وغياب الوعي واستخدام اللوازم الشخصية من مناشف وأدوات حلاقة وغيره لأكثر من فرد.
وأضاف العليان "كانت يونيسف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) عن طريق المراكز الطبية توزع اللقاحات بالمجان، خاصة في قرية وضواحي القامشلي ومستوصفاتها مثل الهلالية وقناة السويس وحلكو وعلايا، ولا توجد إحصائيات رسمية في المنطقة عن الإصابات، لكن بحسب أطباء الأطفال توجد مراجعات من حالتين إلى ثلاثة بشكل يومي".
بدورها، تقول أمينة العلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ طفلها أحمد أُصيب بمرض اليرقان (أبو صفار) قبل 7 أيام ولا تزال أعراض المرض ظاهرة على طفلها حتى اليوم، موضحةً أنّ "الطفل بحاجة إلى مراقبة دائمة، لا سيما أن عمره لا يتجاوز الـ 5 سنوات، وخاصة في هذا البرد القارس خلال الآونة الأخيرة".
وأشارت العلي التي تقطن في ريف محافظة الحسكة إلى أنّ "العدوى ربما تكون قد انتقلت إلى طفلها عن طريق أطفال آخرين من القرية كانوا يلعبون معه في المنزل"، لافتة إلى أنّ الطبيب أبلغها بأنّ الطفل يحتاج إلى 10 أيام حتى يبدأ يتعافى من المرض، مع المراقبة والامتناع عن بعض الأطعمة.